انضم الى فريق المحققين الاميركيين في عدن وفد من مكتب التحقيقات الفيديرالي اف.بي.اي، وضابطان كبيران من البحرية لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اليمنيين من اجل السماح لهؤلاء المحققين باستجواب مباشر للعناصر المشتبه في علاقتها بتفجير المدمرة "يو اس اس كول" في ميناء عدن قبل نحو اسبوعين. وعلمت "الحياة" من مصادر موثوق بها ان أجهزة الأمن اليمنية واصلت أمس عمليات اعتقال واسعة لعناصر يشتبه في انتمائها إلى تنظيم "الجهاد الإسلامي" أو ما يسمى "الأفغان العرب"، وذلك في محافظات شبوة وعدن وتعز وأبين ولحج والحديدة وحجة، في ضوء معلومات جديدة من لجان التحقيق. وأشارت إلى أن الوفد الأميركي يضم الأميرال هارولد جيمان والجنرال المتقاعد وليم كرواتش. علماً ان خمسة محققين تابعين للمكتب غادروا عدن الأربعاء الماضي. وأوضحت أن الوفد الجديد مهمته الاطلاع على آخر التحقيقات، وهو يحمل معلومات مهمة من واشنطن تتعلق بالحادث والعبوات والمواد المستخدمة في العملية، كما يحمل نتائج فحص عينات من القارب الذي استخدم في تفجير المدمرة. في واشنطن أصدرت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي لويس فريه بياناً مشتركاً قالا فيه "ان التحقيق بدأ الآن ينتقل الى المرحلة التالية، في الوقت الذي انهت فرق أدلة الطب الشرعي وخبراء المعمل الجنائي وفنيو القنابل ومحققون آخرون عملهم". واكدا ان "المرحلة الحرجة التالية تتطلب ان يعمل اليمنيون والاميركيون كشركاء في جمع المعلومات وفي عملية مقابلة شهود العيان لهذا العمل الاجرامي الارهابي". وأوضحت اولبرايت وفريه ان اليمن تعاون في المرحلة الأولى من التحقيق والتي تضمنت فحص خبراء المعمل الجنائي للسفينة وتحليل المواقع في اليمن. واضافا ان حكومتهما تقدر "التعاون المبدئي الذي قدم الى المحققين، ... لكننا نعول على التزام الرئيس صالح التعاون الكامل مع انتقالنا الى أهم جوانب هذا التحقيق". وعلى رغم هذه الاشادة باليمن، الا ان مصادر في وزارتي الخارجية والعدل الاميركيتين بدأت تنتقد السلطات في عدن لرفضها السماح للمحققين بمقابلات مباشرة مع المتهمين، مشيرة الى ان هؤلاء المحققين يعتمدون على نصوص التحقيقات التي اجرتها وتجريها السلطات اليمنية، ولم يسمح لهم بمعاينة أماكن يعتقد بأن المخططين استخدموها... الا بعد ان انهى المحققون المحليون اعمالهم داخلها. وصرح ريتشارد بوتشر الناطق باسم الخارجية: "نعرف ان اليمنيين قابلوا عدداً من المشتبه بهم. ونريد ان نفعل ذلك ايضاً". وقال في بيان: "ان المرحلة المقبلة هي البدء بالتحدث بمزيد من الجدية واستجواب الاشخاص الذين اوقفوا ومن الضروري ان نشارك في ذلك". وأوضحت المصادر الاميركية ان السلطات اليمنية انتهت من رسوم تقريبية مركبة لبعض المتهمين سترسل الى الدول التي يعتقد ان المنفذين أو المدبرين لجأوا اليها. علماً ان فرق التحقيق المحلية استجوبت عناصر من جنسيات مصرية وجزائرية وصومالية اضافة الى مجموعة من اليمنيين. واكد مصدر مطلع في عدن ل"الحياة" ان الفريق الاميركي لم يطلب حتى مساء امس ان يجري تحقيقاً مباشراً مع المعتقلين المشتبه بهم. وقال ان الاميركيين ابلغوا منذ البداية ان التحقيق مع مواطن يمني على ايدي محققين غير يمنيين غير مسموح به قانوناً. وأوضح ان الفريق الاميركي على اطلاع كامل أولاً بأول على نتائج التحقيقات والتحريات التي تقوم بها الاجهزة اليمنية، مشيراً الى ان تقدماً كبيراً تحقق في هذا المجال خلال اليومين الماضيين، سيُكشف قريباً. واضاف ان الاجهزة اليمنية لا تستبعد ان يكون المتورطون عناصر متطرفة وعناصر مرتبطة بأسامة بن لادن، وهي تعتقد بأن تنظيم "الجهاد" تخترقه جهات استخباراتية دولية. علماً ان المحققين استجوبوا أخيراً اشخاصاً شاركوا في الجهاد في افغانستان إبان الاحتلال السوفياتي وكانت لهم آنذاك علاقة بابن لادن. وسألت "الحياة" المصدر هل ستوافق صنعاء على طلب واشنطن اجراء اجهزتها استجواباً مباشراً مع المعتقلين أو شهود العيان، فأجاب ان "هذا الأمر سابق لأوانه، ونحن لدينا قوانيننا مثلما للولايات المتحدة قوانينها، وعليها احترام قوانين الآخرين خصوصاً ان اجهزة الأمن اليمنية تبذل تعاوناً كبيراً مع الجانب الاميركي في عملية التحقيق". ولا تزال المدمرة "كول" راسية في الميناء تنتظر وصول السفينة النرويجية "ام - في بلو مارين" خلال الساعات القادمة لنقلها الى الولاياتالمتحدة، وشوهدت نحو ست قطع بحرية اميركية قبالة شاطئ عدن، فيما تنتشر سفن اخرى في المياه الاقليمية بينها غواصة وحاملة مروحيات. وأكدت مصادر مطلعة في عدن ل"الحياة" ان فريق الانقاذ الاميركي انتهى قبل ايام من تفريغ مخازن المدمرة "كول" من العتاد العسكري والمواد التموينية. ولوحظ ان القوات الاميركية يلازم معظمها السفن والقطع الحربية وان بضع مئات نحو 350 عنصراً معظمهم من فرق التحقيق يقيمون في فندقي "عدن" و"الساحل الذهبي" المحاطين بحراسة مشددة يتولاها جنود الأمن المركزي، ودوريات من شرطة النجدة لا تتوقف حركتها حول الفندقين والشوارع المؤدية اليهما. وتفرض حراسة مشددة على ميناء عدن، ويمنع الصحافيون اليمنيون والاجانب من دخوله أو الوصول الى أقرب نقطة قبالة المدمرة "كول". ورفعت قوات الأمن المركزي درجة الاحتياطات الأمنية مساء وبدأت بتفتيش السيارات، خصوصاً في الشوارع القريبة من الفندقين. ولوحظ ان الجنود الاميركيين لا يرتادون المطاعم والمحلات التجارية، وقليلاً ما يشاهدون في الشوارع العامة. وتأكد ل"الحياة" ان الاميركيين تلقوا من مجهول فعلاً انذاراً قبل يومين بنسف فندق "عدن". كما ان تقارير مركزية من واشنطن تحضهم باستمرار على رفع جاهزيتهم تحسباً وتشدد على السلطات اليمنية في اتخاذ مزيد من الاجراءات الاحترازية. وفي كراتشي، أعلن وزير الخارجية الباكستاني عبدالستار أن بلاده لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام أجوائها لتوجيه ضربة إلى أفغانستان، وستحتج على ذلك إذا نفذت واشنطن تهديداتها، لأن هذا العمل "يشكل خرقاً لقواعد القانون الدولي".