بعد ساعة على مغادرة المدمرة الاميركية "يو.اس.اس. كول" ميناء عدن صباح امس، عززت قوات الأمن اليمنية انتشارها قرب الاماكن التي يتجمع فيها المحققون الاميركيون، ووضعت حواجز خرسانية قرب "فندق عدن". وكشفت مصادر مطلعة ان هناك خلافات بين الاجهزة اليمنية المكلفة التحقيق في تفجير المدمرة، والفريق التابع لمكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي اف.بي.آي، فيما أبلغت مصادر اخرى "الحياة" في القاهرة ان "عشرات من الاسلاميين المصريين اعتقلوا في اليمن وتستجوبهم السلطات اليمنية بمشاركة محققين اميركيين". وأعلن وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب، في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي الامير نايف بن عبدالعزيز أمس في ختام زيارته للرياض، أن السلطات اليمنية توصلت الى نتائج مهمة وايجابية في تحقيقاتها في تفجير المدمرة، مشيراً الى "أن من بين هذه النتائج التعرف إلى صورة أحد منفذي العملية وشخصيته وهو مصري الجنسية، والتوصل الى معلومات عن شخصية المتهم الثاني وصورته ويجرى حالياً التأكد منهما". وسئل هل طلب من السلطات السعودية المعنية المساعدة في التحقيقات في انفجار المدمرة، أجاب: "اذا احتاجت السلطات اليمنية إلى أي مساعدة من السلطات السعودية في التحقيقات التي تجريها فهي لن تتوانى عن طلب ذلك لأن هناك تنسيقاً وتعاوناً أمنيين بين البلدين بموجب الاتفاق الأمني المشترك". وفي عدن علم ان الاعتقالات طاولت يمنيين معروفين بمناصرتهم الشيشان، وان الرجل الثاني في جماعة "جيش عدن الاسلامي" اعتقل قبل ايام من تفجير المدمرة، وأدلى بمعلومات مهمة عن اماكن وجود عناصر تنظيم "الجهاد". وغادر "فندق عدن" عدد من المحققين وعناصر الحماية الاميركية امس الى فندق "الساحل الذهبي" الذي يعد موقعه اكثر أماناً، وذلك تحسباً لأي تهديد. وقالت ل"الحياة" مصادر أمنية في عدن ان معظم الاميركيين الذين جاؤوا للتحقيق في عملية تفجير المدمرة "كول" سينقلون الى مبنى تابع لشركة "كنديان أوكسي" في المدينة، ضمن الاجراءات الاحترازية، فيما اكدت مصادر مطلعة وجود خلافات بين اجهزة التحقيق اليمنية وفريق ال"اف.بي.اي" تتمحور حول اسلوب استجواب المشتبه في علاقتهم بالتفجير. وسحبت المدمرة "كول" التي تعرضت لهجوم بقارب مفخخ في ميناء عدن، في 12 تشرين الأول اكتوبر الجاري، بواسطة أربع قاطرات بحرية يمنية مسافة ثلاثين ميلاً الى عرض البحر حيث كانت ترسو سفينة النقل النروجية العملاقة "بلو مارلين" لنقل المدمرة الى الولاياتالمتحدة. واجريت مراسم لتوديع المدمرة، التي رافقتها من ميناء عدن ثماني سفن عسكرية اميركية، بينها بارجتان وفرقاطتان وحاملة طائرات هليكوبتر. في غضون ذلك، واصلت اجهزة الأمن اليمنية حملة اعتقالات في صفوف عناصر يشتبه في علاقتها بتنظيم "الجهاد" أو جماعات اسلامية متشددة، وطاولت الاعتقالات حتى امس حوالى سبعين شخصاً بحسب مصادر موثوق بها. وأكدت المصادر ل"الحياة" ان فرق التحقيق اليمنية - الاميركية المشتركة لم تتوصل بعد الى أدلة قاطعة تثبت شكوكها بتورط زعيم تنظيم "القاعدة" اسامة بن لادن بتفجير المدمرة. وتابعت ان محققين اميركيين أكدوا ان مادة المتفجرات المستخدمة في العملية "لا توجد سوى في الولاياتالمتحدة واسرائيل، مما دفعهم الى التريث في اطلاق الاتهامات باتجاه ابن لادن أو جماعات متطرفة محددة". ولفتت المصادر ذاتها الى ان فريقاً مشتركاً من ال"اف.بي.اي" والاجهزة الامنية اليمنية زار منطقتي "حطاط" وجبال "المراقشة" في محافظة أبين اليمنية، ورافقته السفيرة الاميركية بربارا بودين، للتحقق من معلومات عن وجود معسكرات لمتطرفين في هاتين المنطقتين. وزادت ان الفريق لم يجد شيئاً يثبت ذلك، مشيرة الى ان اجهزة الأمن في عدن تحتجز منذ ما قبل تفجير المدمرة الرجل الثاني في جماعة تطلق على نفسها "جيش عدن الاسلامي"، هو علي احمد حيدره، الذي أدلى للمحققين بمعلومات مهمة عن تنظيم "الجهاد" واماكن وجود عناصره في اليمن، عرباً ويمنيين. ولم تؤكد السلطات أو تنفي وصول عناصر من اجهزة الأمن المصرية للمشاركة في التحقيقات مع عناصر مصرية يشتبه في تورطها بتفجير المدمرة، وتنتمي الى تنظيم "الجهاد الاسلامي". ولوحظ ان طائرات حربية يمنية حلقت امس فوق مدينة عدن ومينائها منذ الصباح الباكر، فيما شوهدت طائرات هليكوبتر اميركية فوق المياه الاقليمية اليمنية أثناء سحب المدمرة "كول". الى ذلك، أكدت أوساط أصولية ان عشرات من الاسلاميين المصريين المقيمين في اليمن اعتقلوا في مدن عدة، ويخضعون لتحقيقات مكثفة لدى السلطات بمشاركة محققين اميركيين. وقالت المصادر التي تحدثت الى "الحياة" عبر الهاتف من خارج مصر، ان عدداً من هؤلاء قطعوا صلاتهم منذ سنوات بتنظيمات اصولية مصرية وعجزوا عن العودة الى مصر، أو تخوفوا من الزج بهم في قضايا تتعلق بعمليات العنف التي شهدتها المدن المصرية خلال التسعينات، واختاروا اليمن مكاناً آمناً للاقامة. وأوضحت المصادر ان الحملات الأمنية اليمنية اسفرت عن اعتقال ناشطين في تنظيمي "جماعة الجهاد" و"الجماعة الاسلامية"، عاشوا لفترة في افغانستان. واشارت الى ان أصوليين مصريين غادروا الأراضي اليمنية قبل أيام بعدما نصحهم شيوخ قبائل، مشددة على استبعاد أي علاقة لهم بالهجوم على المدمرة.