يتقاطر الى القاهرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والملك الاردني عبدالله بن الحسين ويتوقع ان يصلها، اليوم، رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. ويكتمل بذلك النصاب السياسي لاحتفال توقيع البروتوكول التنفيذي لاتفاق "واي" بحضور وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ورعاية الرئيس المصري حسني مبارك. وكان يوم امس حافلاً بالتطورات التي استمرت تتفاعل حتى ساعة متأخرة من الليل. وكان السؤال المطروح: هل تنقذ "مفاوضات الهاتف" التي جرت في "الوقت الضائع" بين الانذارات الاسرائيلية ورفض الفلسطينيين لها ما فشلت مفاوضات "وجها لوجه" في تحقيقه؟ بعد تدخلات متعددة المصادر، مصرية واميركية خصوصاً، قرر الفلسطينيون والاسرائيليون اجراء جولة أخيرة من المفاوضات بينهما يتم خلالها تدارس اقتراحات متبادلة لجسر الهوة في مواقف الطرفين بشأن "مذكرة" الجدول الزمني لتنفيذ "اتفاق واي" واستئناف مفاوضات التسوية النهائية وذلك مع بدء العد التنازلي لوصول وزيرة الخارجية الاميركية الى مصر لحضور - حسب ما هو مقرر - مراسم التوقيع على الاتفاق الجديد. هذا ما أعلنه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات للصحافيين في الساعة السابعة بتوقيت القدس مشيرا الى أن الاجتماع سيعقد في العاشرة من مساء أمس الاربعاء. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قطع زيارته الى هولندا وتوجه الى الاراضي الفلسطينية لحسم الموقف الفلسطيني ازاء القضيتين العالقتين وهما الافراج عن الاسرى الفلسطينيين واستئناف مفاوضات الحل النهائي مع الاسرائيليين. وقال عريقات ان الجانب الفلسطيني اقترح على الاسرائيليين تشكيل لجنة خاصة تتولى متابعة الافراج عن الاسرى الفلسطينيين فيما امتنع عن الافصاح عن فحوى الاقتراح الفلسطيني الثاني في شأن مفاوضات التسوية النهائية. وأكدت مصادر اسرائيلية ان الجانب الاسرائيلي وافق على إطلاق 350 أسيراً سياسياً فلسطينياً لم يشاركوا في عمليات قتل اسرائيليين ولا ينتمون الى حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي". وظهر حجم الضغوط الهائلة التي تعرض لها الجانبان في الساعات الاخيرة في عدد المكالمات الهاتفية التي أجراها زعماء عرب اضافة الى الرئيس الاميركي بيل كلينتون لحثهما على الاتفاق. وتكثفت الضغوط في ساعات بعد الظهر بعدما أطلق الاسرائيلون انذاراً "أخيراً" للفلسطينيين طالبهم بالرد على الاقتراحات الاسرائيلية قبل انعقاد جلسة المجلس الوزاري الاسرائيلي في الساعة السادسة مساء وما لبث الاسرائيليون ان "ابتلعوا" انذارهم وأجّلوا موعد الجلسة وبعثوا بالوزير حاييم رامون لإجراء مفاوضات مع عريقات في الفندق ذاته الذي أمضى فيه الاخير ساعات من التفاوض "عبر الهاتف" أيضاً. وبدأت هذه المفاوضات بعدما قطع الطاقم التفاوضي الاسرائيلي جلسات المباحثات الماراثونية التي شهدتها الساعات الأربع والعشرون الماضية بدون توقف تقريباً في بيت السفير المصري لدى تل أبيب قبل أن تنتقل الى فندق الملك داوود في القدس الغربية واستدعت تدخل القنصل الاميركي في القدسالشرقية. ووجه الاسرائيليون انذاراً أخيراً الى الجانب الفلسطيني بالرد على المقترحات الاسرائيلية المتعلقة بتنفيذ الاتفاق ومفاوضات التسوية النهائية. وورد الانذار في بيان أصدره مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك جاء فيه أن "اسرائيل تعتبر المفاوضات مع الفلسطينيين منتهية وان اسرائيل تنتظر رد الفلسطينيين على مقترحاتها واذا رفضوا هذه الاقتراحات ستقوم بتنفيذ اتفاق واي بصيغته الاصلية". وقالت مصادر اسرائيلية ان الانذار تضمن تراجع الحكومة الاسرائيلية عن كل ما تم التوصل اليه من اتفاقات في المفاوضات التي جرت حتى الآن، ما يعني عدم فتح "الممر الآمن" بين الضفة الغربية وقطاع غزة ووقف العمل ببناء ميناء غزة البحري، وكذلك الافراج عن سجناء جنائيين عوضاً عن السياسيين لأن الاتفاق الاصلي لا يحدد "نوعية" السجناء الواجب اطلاقهم. وللمرة الأولى منذ بدء المفاوضات الجارية بين الجانبين، أعلن عريقات في مؤتمر صحافي قصير أن احدى المسألتين العالقتين مع الاسرائيليين تتعلق بمفاوضات التسوية النهائية. وقال عريقات "لدينا مذكرة بجدول زمني لتنفيذ كل الاستحقاقات العالقة من الاتفاقات الموقعة واستئناف مفاوضات الحل النهائي" مشيراً الى أنه قدم اقتراحاً في هذا الشأن الى الجانب الاسرائيلي ويأمل بالحصول على رد. ورفض عريقات في المؤتمر نفسه التهديدات الاسرائيلية معرباً عن أمله في "ان تمتنع الحكومة الاسرائيلية حتى عن الايحاء بعبارات الانذار أو التهديد" مشيراً الى أنه "لا يمكن أي محاثات ان تحقق أي نتائج إذا تم تحويلها - حتى بالايحاء -الى املاءات". وفي الرباط، ذكرت مصادر رسمية أن العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتمع ليل أمس مع وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت، وعرض الطرفان إلى آخر الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق واي ريفر والمواعيد المقترحة حول الاجراءات ذات الصلة بمفاوضات المرحلة النهائية، إضافة إلى وضع القدس الذي سيكون محور المراحل المقبلة من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. وأجرت وزيرة الخارجية الأميركية محادثات مع رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي عرضت إلى محور العلاقات الثنائية. وسبق لليوسفي أن تمنى لدى اجتماعه مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون الشهر الماضي في الرباط حصول بلاده على دعم مادي لتفعيل الخيار الديموقراطي وتقديم مساعدات في مستوى العلاقات التي تربط بين البلدين.