دخلت مصر أمس على خط المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية لاستعجالها، سواء عبر الزيارة المفاجئة التي قام بها المستشار السياسي للرئيس حسني مبارك إلى كل من إسرائيل ومنطقة الحكم الذاتي، أو عبر التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية المصري عمرو موسى. وقدّم الثاني توصيفاً للمرحلة الحالية من المفاوضات بقوله إن "التوقيع على الخطوات التنفيذية لاتفاق واي ريفر في الاسكندرية وارد ولكن لم يتقرر بعد". وأضاف انه يجب التوصل إلى اتفاق على قضيتي الأسرى والجدول الزمني لإعادة الانتشار الإسرائيلي في الضفة الغربية. وتتفاوت تقديرات المتفاوضين بين "تفاؤل" إسرائيلي يرجح التوصل إلى اتفاق قبل نهاية هذا الأسبوع، و"تشاؤم" فلسطيني يؤكد ان "لا جديد على الاطلاق" في شأن نقطتي الخلاف المتعلقتين بعدد الأسرى والحد الزمني الأقصى لإعادة الانتشار. وبدا واضحاً ان مواعيد زيارة وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت للمنطقة تشكل عامل ضغط في ظل الحديث عن أنها قد تحضر مراسيم توقيع الاتفاق، وبعد الإعلان في إسرائيل عن اجتماع للمجلس الوزاري المصغر بعد غد. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك خلال جلسة حكومته الاسبوعية ان "الفرصة مواتية للتوصل الى تفاهم مع الفلسطينيين على تنفيذ مذكرة واي ريفر في غضون اسبوع". ونقل عنه قوله: "إذا تم التوصل الى اتفاق ستجرى مراسم توقيعه في القاهرة بحضور الوزيرة أولبرايت". ويتوقع أن تصل اولبرايت الى المنطقة الخميس المقبل، ويأمل الفلسطينيون بأن تتدخل لدى الجانب الاسرائيلي لحل مسألة الاسرى التي تعوق التوصل الى اتفاق كامل. وجدد باراك التزامه تنفيذ مذكرة واي "بحذافيرها" اذا لم يتم التوصل الى تفاهم على إعادة جدولة التنفيذ، مضيفاً ان "الجانبين سيتحملان العواقب المترتبة عن تنفيذ بعض البنود الصعبة في الاتفاق". وأكد وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين ان حكومة باراك ستطلق نصف عدد الأسرى الفلسطينيين المحدد في "واي" أي حوالى 300 معتقل. وقال بيلين في تصريح إلى الاذاعة الاسرائيلية إن بعض المعتقلين الذين تتوافر فيهم "المعايير المطلوبة" يرفضون اتفاقات السلام ويؤيدون "النشاط الارهابي"، ولذلك لن يطلقوا. وزاد ان "هنالك أسرى لا تنطبق عليهم معايير الافراج، ولكن سيتم اطلاقهم بسبب معاناتهم أمراضاً مزمنة". وكشفت مصادر صحافية اسرائيلية ان الحكومة طرحت "حلاً وسطاً" لقضية عدد الأسرى يتمثل بالنقاط الآتية: أولاً: يتم الافراج عن الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين مع بدء تنفيذ المرحلة الثانية من اعادة الانتشار. ثانياً: تطلق الدفعة الثانية في 8 تشرين الأول اكتوبر الذي يصادف يوم الأسير الفلسطيني. ثالثاً: لن يتجاوز المجموع في الدفعتين 260 أسيراً معظمهم من حركة "فتح"، إضافة إلى عشرات الأسرى من "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" بزعامة نايف حواتمة. وأفادت صحيفة "معاريف" ان الافراج عن هؤلاء سيتم بناء على طلب الرئيس ياسر عرفات "لمنع التحريض في الشارع الفلسطيني". رابعاً: يؤجل الافراج عن بقية الاسرى ويحال الموضوع على إطار مستقل يدرس "الحالات الصعبة". وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن هنالك لجنة مشتركة تبحث في قضايا الأسرى "اسماً اسماً وهناك اتفاق على عدم اطلاق معتقل إلا باتفاق مسبق"، مضيفاً انه اتفق على موعدين للافراج عن دفعتين "ولم يبقَ سوى ملء خانات الاعداد وستكون هنالك افراجات لاحقة". وأوردت صحيفة "هآرتس" بنود الاتفاق إذا قبل الفلسطينيون بالحل الخاص بالأسرى. ويشمل الاتفاق بحسب المصادر ذاتها أربع نقاط: 1- تبدأ إسرائيل بتسليم الفلسطينيين أراض فلسطينية بعد عشرة أيام من توقيع الاتفاق، ويتزامن مع ذلك الافراج عن المجموعة الأولى من الاسرى. وفي الاول من تشرين الأول يستكمل الفلسطينيون خطة جمع الأسلحة غير القانونية في الأراضي الفلسطينية، ويعدون قائمة بأسماء أفراد الشرطة الفلسطينية وعددهم. ويفتح المحور الجنوبي ل"الممر الآمن" في التاريخ نفسه. وبعد أسبوع 8/10 يتم الافراج عن مجموعة ثانية من الأسرى وتبدأ المرحلة الثالثة من إعادة الانتشار "على مراحل" من شمال الضفة الى جنوبها وتستكمل العملية حتى تاريخ يتوقع أن يكون منتصف كانون الثاني يناير 2000. 2- المفاوضات المكثفة بهدف التوصل الى اعلان مبادئ لإنهاء الصراع بين الجانبين برعاية الرئيس بيل كلينتون ومشاركة عرفات وباراك. وأكدت الصحيفة أن باراك يريد توقيع الاتفاق نهاية العام 2000 "كهدية وداع" لكلينتون الذي ينهي ولايته كرئيس للولايات المتحدة. 3- التزام الطرفين الامتناع عن خطوات أحادية الجانب، تمس الوضع القائم في الضفة الغربية. 4- استئناف عمل كل اللجان المشتركة التي شكلت بموجب اتفاقات أوسلو و"واي". ويخشى الفلسطينيون ان يترتب على موافقتهم على "اعلان مبادئ" في شأن مفاوضات التسوية النهائية، تغيير المعايير والأسس السياسية التي بنيت عليها اتفاقات أوسلو، وهي قرارات الاممالمتحدة بخاصة 242 و338. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" إن هذه المسألة محور نقاش مستفيض مع الاسرائيليين. وبانتظار وصول اولبرايت ما زال الفلسطينيون والاسرائيليون يتفاوضون في جلسات شبه مفتوحة لتضييق حجم الخلافات بينهم. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث إن "هناك تحركات لتضييق الخلاف، ولكن لا اقول إننا بالبعد نفسه الذي كان في السابق، فنحن اقتربنا من ذلك". وزاد: "انتهت مطالبة الاسرائيليين بدمج اجزاء من الاتفاق بمفاوضات التسوية النهائية، وليس هناك تعديل أو شطب لبعض بنود واي". وأفادت مصادر فلسطينية ان عرفات استقبل الباز بعد ظهر أمس في مدينة رام الله. وكان الباز التقى مسؤولين إسرائيليين، وقالت مصادر إسرائيلية إن من المفترض أن يجري محادثات في القدس مع وزير الخارجية ديفيد ليفي.