توجه عشرات ملايين الاندونيسيين الى صناديق الاقتراع، امس، في اول انتخابات حرة تشهدها البلاد منذ اكثر من اربعة عقود. واشارت النتائج الاولية الى هزيمة حزب غولكار الحاكم، وهو من بقايا ديكتاتورية الرئيس السابق سوهارتو، امام احزاب المعارضة الاصلاحية في مناطق كثيرة. ويعتبر نجاح هذه الانتخابات مؤشراً الى جعل اندونيسيا، "الديموقراطية الثالثة في العالم". ولم تشهد الانتخابات، التي تنهي مرحلة انتقالية بدأت باستقالة سوهارتو في 21 ايار مايو 1998، اعمال العنف والفوضى التي كان اندونيسيون كثيرون يخشون تفجرها. وبدا ان حزب غولكار لم يلجأ الى عمليات تزوير على نطاق واسع لضمان الفوز كما اعتاد قبل اطاحة سوهارتو العام الماضي. ولم ترد تقارير عن وقوع حوادث سوى ما نقلته وكالة الانباء الاندونيسية عن اشعال نحو 12 شخصاً النيران في مركز انتخاب وصندوق اقتراع في قرية بمنطقة تانجيرانغ غرب جاكرتا. واشعل المحتجون النار غضباً بعد منعهم من الادلاء بأصواتهم لأنهم غير مسجلين في قوائم الناخبين البالغ عددهم نحو 130 مليون ناخب ولد معظمهم بعد الانتخابات الحرة الاخيرة التي جرت في 1955. وتابع قرابة 500 مراقب اجنبي سير الانتخابات، بينهم الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر ووفد من الاتحاد الاوروبي يضم 120 شخصاً. وادلى الرئيس السابق سوهارتو بصوته صباح امس. ولم يدلِ الجنرال العجوز الذي كان يبتسم كعادته، وسيحتفل اليوم الثلثاء بذكرى ميلاده ال 78، بأي تصريح للصحافيين الذين احتشدوا على الطريق الذي يفصل منزله من مكتب الاقتراع في احد الاحياء السكنية في جاكرتا وقطعه سيراً على الاقدام. وقالت صحيفة "جاكرتا بوست" في افتتاحيتها ان "هذه الانتخابات العامة تتيح افضل فرصة للشعب لاستئصال كل بقايا قوى سوهارتو بصورة سلمية ومنظمة". وكان الرئيس حبيبي دعا الاندونيسيين الى التحلي "بالنضوج" والقبول بالانتخابات اياً كانت النتائج. وقال في كلمته المتلفزة اول من امس ان "الفوز والهزيمة جزءان لا يتجزآن من العملية الانتخابية". واعلن انه سيرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وقال دايات الذي يعمل موظفاً في الادارة المحلية في جاكرتا، وهو يراقب طوابير الناخبين في احدى الضواحي الجنوبية للعاصمة، "اشعر بالسعادة، فلم يعد هناك احساس بالقهر". وكان كل الموظفين الحكوميين يُجبرون على التصويت لحزب غولكار في عهد سوهارتو. وادلى دايات بصوته لميغاواتي سوكارنوبوتري، ابنة الرئيس السابق احمد سوكارنو الذي اطيح عام 1965، وهي تتزعم حزب "النضال من اجل الديموقراطية". ويعتبر هذا الحزب، الذي يتمتع بشعبية واسعة بين الوطنيين العلمانيين وغير المسلمين والفقراء، الاوفر حظاً للفوز في الانتخابات. كما يتوقع له ان يهيمن، بالتحالف مع حزبين اسلاميين، على البرلمان الذي يضم 500 مقعداً. ويهدف الاقتراع الى انتخاب 462 عضواً في البرلمان، اما المقاعد الباقية فهي مخصصة لممثلي الجيش ولا تصويت عليها. واشارت النتائج الاولية للانتخابات في جاكرتا الى ان حزب "النضال من اجل الديموقراطية" وحزب "التفويض الشعبي" بزعامة المثقف المسلم امين رئيس يتقدمان بفارق كبير على بقية الاحزاب ال 46 التي تشارك في الانتخابات. ومن شأن ذلك ان يعزز فرص ميغاواتي للفوز في الانتخابات الرئاسية على رغم المعارضة التي تلقاها من المسلمين المتشددين الذين لا تروق لهم فكرة اختيار امرأة لرئاسة البلاد. ويتوقع ان يحقق حزب غولكار نتائج جيدة في شرق اندونيسيا، حيث الظروف الاقتصادية اقل سوءاً والناخبون اقل دراية بشؤون السياسة. وحصل الحزب في بعض القرى في منطقة سلاويسي الجنوبية، وهي مسقط رأس الرئىس الحالي يوسف حبيبي، على 70 في المئة من الاصوات.