لعل أكثر المتضررين من اعتقال ثلاثة أصوليين في لندن بينهم مسؤول "المرصد الإعلامي الإسلامي" ياسر توفيق علي السري هم الصحافيون الذين ظلوا منذ وطأ السري الأراضي البريطانية للمرة الأولى في نيسان ابريل 1994 يعتمدون على ما يزودهم من بيانات وتصريحات عن أحوال الإسلاميين من مختلف التيارات والجماعات والجنسيات في معظم بلاد العالم. وحتى محاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري السابق الدكتور عاطف صدقي لم يطرح اسم السري ضمن العناصر المطلوبة في مصر، لكن السلطات المصرية ظلت بعدها تؤكد تورطه بالعملية، وكذلك بنشاط "جماعة الجهاد". وأصدرت محكمة عسكرية مصرية بداية 1994 حكماً غيابياً باعدامه في قضية صدقي وبعدها بسنة كان اسمه على رأس لائحة اتهام في قضية أخرى حكم فيها غيابياً بالأشغال الشاقة 15 سنة إذ دين بارسال بيانات تحريضية من مقر اقامته في لندن الى اشخاص داخل مصر. وعلى رغم أن السري نفى في تصريحات سابقة الى "الحياة" أن تكون له علاقة بأعمال العنف، لكنه لم ينف كونه معارضاً لسياسات الحكومة المصرية. نشأ السري في مدينة السويس، وكان احد القريبين الى الشيخ حافظ سلامة احد رموز "الحركة الاسلامية" داخل مصر. وورد اسمه ضمن قرارات التحفظ التي اصدرها الرئيس السابق انور السادات في ايلول سبتمبر 1981. وحين اغتيل السادات كان السري معتقلاً فلم يشمله قرار الاتهام في قضية الاغتيال التي عُرضت امام محكمة عسكرية، او قضية "الجهاد الكبرى" التي نظرت فيها محكمة امن الدولة. وبعد الإفراج عنه اعتقل مرات الى ان غادر مصر عام 1988 واتجه الى اليمن بعد حصوله على عقد عمل للتدريس هناك. وأثناء إقامته هناك ذُكر اسمه على لسان مسؤولين مصريين باعتباره مسؤولاً عن النشاط الاعلامي لجماعة "الجهاد"، وبعد محاولة اغتيال صدقي صيف 1993 ورد اسمه ضمن لائحة الاتهام في القضية وحوكم غيابياً وصدر حكم باعدامه. اتجه السري بعد الحكم في القضية الى السودان حيث أمضى شهراً، ووردت معلومات عن خلافات حصلت بينه وبين بعض مساعدي زعيم حركة "الجهاد" الدكتور أيمن الظواهري اسفرت عن خروجه من التنظيم. وتمكن السري من الوصول الى لندن في نيسان ابريل 1994 حيث طلب اللجوء السياسي، وظل محتجزاً في معسكر مخصص لطالبي اللجوء حتى نهاية العام نفسه، وبعدها حصل على إقامة دائمة في بريطانيا، ثم اسس "المرصد الاعلامي الاسلامي". وأوضح في بيان اصدره أن هدف المرصد "نصرة المستضعفين وإحقاق الحق حيث كان، وتوفير منبر اعلامي للهيئات والشخصيات الاسلامية التي تعوزها الحاجة وضعف الامكانات للتعبير عن نفسها والمطالبة بحقوقها، ودفع الشبهات وابطال الأباطيل التي تروج لها وسائل الاعلام ضد الاسلام والمسلمين وايجاد صوت اسلامي اصولي يساهم في طرح القضايا المصيرية والواقعية من منظور اسلامي". وظل السري نافذة للصحافيين ووسائل الاعلام يطلون من خلالها على نشاط الاسلاميين، واصدر بيانات عن الاصوليين الذين يعتقلون ثم يرحّلون الى بلادهم. وكان "المرصد" اول جهة اعلنت تسليم البانيا اربعة اصوليين الى مصر في حزيران يونيو الماضي، وكان نشاطه الأخير المشاركة في تظاهرة نظمت الجمعة الماضي امام مقر رئاسة الوزراء البريطانية احتجاجاً على اعتقال خمسة اصوليين مصريين هناك، وقبل ان ينتهي الاسبوع لحق بهم السري.