أكد شهود الاثبات في قضية "العائدون من البانيا" التي تنظر فيها المحكمة العسكرية العليا في القاهرة ان تنظيم "القاعدة" الذي يقوده اسامة بن لادن وجماعة "الجهاد" التي يقودها الدكتور ايمن الظواهري استغلا الاراضي الاميركية في نشاطات تهدف الى دعم عملياتهما وتمويلها. وعقدت المحكمة جلسة امس وسط اجراءات أمنية مشددة في ثكنة عسكرية في ضاحية الهايكستب شرق العاصمة، استمعت خلالها إلى اقوال أربعة من شهود الاثبات من ضباط جهاز أمن الدولة ممن تولوا اعتقال بعض المتهمين وتفتيش منازلهم. وأكد محامي الدفاع منتصر الزيات في بداية الجلسة تمسكه بضم تقارير طبية عن الحال الصحية لبعض المتهمين واعتبرها تثبت تعرضهم للتعذيب، كما طلب من المحكمة السماح لأهالي المتهمين بالاقتراب من قفص الاتهام للقاء ابنائهم، مشيراً إلى أن السلطات ما زالت تحظر الزيارات عن المتهمين حتى اذا كانت من جانب المحامين. واستمعت المحكمة الى شهادة الضابط الذي اعتقل المتهم خالد السيد ابو الدهب، وهو أميركي من أصل مصري. فذكر ان المتهم هاجر من مصر في 1987 والتقى في ولاية كاليفورنيا المتهم علي ابو السعود الذي يحاكم حالياً في اميركا في قضية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام، وتعاونا في نشاطات اسفرت عن وقوع هجمات داخل مصر. وقال إن ابو الدهب تولى مهمة توصيل المكالمات الهاتفية من قادة التنظيم، وبينهم الظواهري، الى عناصر الجماعة داخل مصر مستغلاً تلك الخدمة في شبكة الهواتف الاميركية تفادياً لرصدها من جانب أجهزة الأمن المصرية. وذكر أن المتهم سافر العام 1990 الى افغانستان بناء على تكليف صدر إليه من ابو السعود، وقام بتدريب ثلاثة من أعضاء التنظيم في احد المعسكرات الافغانية على استخدام الطيران الشراعي ووضع معهم خطة هجومية بواسطة طائرة شراعية تنطلق من جبل المقطم الى سجن طره، لكن التنظيم لم ينفذ الخطة. واضاف الشاهد ان المتهم قام بجمع أموال كثيرة من مساجد داخل اميركا وأمدّ بها التنظيم، كما تولى تأسيس خلايا تابعة لجماعة "الجهاد" من خلال الاتصال بعناصر التنظيم اثناء وجوده في الخارج. مشيراً الى ان ابو الدهب تستر على زيارة قام بها الظواهري في 1995 للولايات المتحدة وجال معه في ولايات عدة ورتب له إقامة في ولاية كاليفورنيا وعرّفه على أصوليين مقيمين هناك شاركوه في جمع تبرعات للتنظيم. وحدث جدل بين الشاهد والمحامي الزيات الذي سأله عن طبيعة التنسيق بين أجهزة الأمن المصرية والسلطات الاميركية في مراقبة ورصد نشاط المتهم. لكن الشاهد نفى وقال ان اجهزة الأمن المصرية كانت لديها معلومات كافية عن نشاط المتهم، وتمكنت من القبض عليه في 27 تشرين الاول اكتوبر من العام الماضي اثناء محاولته العودة الى اميركا بعد زيارة قام بها لأسرته في مدينة الاسكندرية. واشار الى أن السلطات المصرية كانت تعلم ان شخصاً يحمل اسماً حركيا هو "آدم" يتولى إدارة محطة التنظيم في كاليفورنيا وظل اسمه الحقيقي خافياً لسنوات، ثم توصلت اخيراً الى أن هذا الشخص هو خالد السيد ابو الدهب. ثم استمعت المحكمة الى اقوال ثلاثة شهود آخرين احدهم قبض على زوجة المتهم علي سلامة الذي تسلمته مصر من البانيا في حزيران يونيو الماضي اثناء عودتها الى البلاد على متن طائرة قادمة من اليمن. وطلب الزيات من المحكمة استدعاء السيدة وتدعى جيهان أحمد حسن احمد لسماع أقوالها بعدما ذكر الشاهد أنها أدلت بمعلومات عن نشاط زوجها في الخارج. لكن رئيس النيابة وافق على استبعاد اقوالها وعدم الاعتداد بما جاء فيها من أدلة تدين المتهم حفاظاً على العلاقة الزوجية. ورحب الدفاع بقرار النيابة وأشاد به. ثم تحدث الشاهد الثالث الذي تولى تفتيش منزل المتهم هاني الجندي، فذكر أنه عثر داخل المنزل على أوراق تنظيمية وكتب تخص جماعة "الجهاد" وبينها كتاب يحمل عنوان "دليل المجاهد أمام المحققين" يحوي تعليمات لاعضاء التنظيم بأن يلتزموها في حال وقوعهم في قبضة رجال الأمن. ثم طلب المحامي ممدوح اسماعيل من المحكمة استدعاء وكيل النيابة الذي قام بالتحقيق مع المتهم الرئيسي في القضية احمد ابراهيم النجار للوقوف على الظروف التي أدلى فيها النجار بأقواله، فسأله رئيس المحكمة: هل تشكك في هذه التحقيقات؟ فرد المحامي بأن موكله تعرض لتعذيب اثناء التحقيقات التي كانت تجرى معه من الساعة التاسعة مساء وحتى السادسة صباحاً. وطلب النجار الكلمة وهو يرتدي لباساً أحمر يرتديه من ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام، إذ صدر ضده حكم غيابي العام 1997 بالإعدام في قضية "خان الخليلي"، وقال إنه تعرض لتعذيب لمدة ثلاثة شهور ظل فيها معصوب العينين ومقيد اليدين، وطلب استعادة أقواله من ملف القضية وأكد أنها أُمليت عليه. وقررت المحكمة تأجيل نظر القضية الى جلسة تعقد بعد غد الاربعاء لسماع أقوال شهود الدفاع.