في خطوة تعكس توجه الحسابات الاقليمية والدولية في الشرق الأوسط بعد وفاة الملك حسين، جدد الرئيس ياسر عرفات الدعوة الى اقامة اتحاد كونفيديرالي بين الدولة الفلسطينية العتيدة والأردن. وقال في كلمة ألقاها امس أمام أعضاء حركة "فتح" في مدينة الخليل موجهاً حديثه الى العاهل الأردني الجديد الملك عبدالله بن الحسين: "نريد ان يعرف الملك عبدالله ان لدينا قراراً من المجلس الوطني الفلسطيني، ونحن مستعدون لإقامة كيان كونفيديرالي مع الأردن. لكن الأمر يعود الىه ونحن شعبان شقيقان في كل الأحوال". وأكد مصدر أردني لپ"الحياة" في عمان ان المسألة متروكة الى ما بعد انتهاء مفاوضات الوضع النهائي" بين اسرائيل والفلسطينين، مشدداً على ان موقف الأردن من اتحاد كونفيديرالي أو فيديرالي لم يتغير، وهو ضرورة ان تكون الدولة الفلسطينية "فرضت سيادتها على كل الأراضي الفلسطينية من خلال مفاوضات الوضع النهائي،" قبل البحث في انشاء الاتحاد مع الأردن، ولم يستبعد ان تطرح فكرة الكونفيديرالية على الاستفتاء لدى الشعبين الأردني والفلسطيني بعد الانتهاء من مفاوضات المسار الفلسطيني. وتوقع المصدر ان تستغرق مفاوضات الوضع النهائي "سنوات عدة" قبل التوصل الى تسوية نهائية. وقال: "من السابق لأوانه الحديث عن الكونفيديرالية في هذا الوقت". وشدد على ضرورة ان تتمتع الدولة الفلسطينية بكامل السيادة على أراضيها قبل الدخول في اتفاق لتحديد طبيعة العلاقة مع الأردن. ولفت المصدر الأردني الموثوق به الى ان تصريحات عرفات امس "تعكس عمق العلاقة الأخوية بين القيادتين والشعبين الشقيقين، والمصير الواحد والآمال والطموحات المشتركة للشعبين التوأم". وزاد: "من الطبيعي في هذا السياق ان تكون هناك علاقة مميزة وخاصة بين الأردن والدولة الفلسطينية المستقلة في المستقبل". وصرح نبيل أبو ردينة الناطق باسم عرفات الى وكالة "رويترز" بأن السلطة الفلسطينية مستعدة لبدء محادثات في شأن اقامة اتحاد كونفيديرالي مع الأردن حتى قبل قيام دولة فلسطينية اذا أراد الأردن. وذكر ان عرفات كان قدم هذا الاقتراح الى الملك حسين الذي رفضه، مؤكداً ضرورة ان يكون الاتحاد بعد اقامة الدولة الفلسطينية. وكان المجلس الوطني الفلسطيني أيد في مؤتمره الذي عقد في الجزائر عام 1988 في أوج الانتفاضة الفلسطينية، إقامة كونفيديرالية فلسطينية - أردنية. وأعلن الملك حسين فك الارتباط القانوني مع الضفة الغربية الذي رأى فيه كثيرون تمهيداً لإقامة وحدة بين دولتين مستقلتين بعدما كان الأردن يرى في الضفة الأخرى للنهر جزءاً منه. ويرى مراقبون ان تصريحات عرفات جاءت لطمأنة الملك عبدالله إلى أن الفلسطينيين لا يرون أنفسهم بديلاً عن أحد، ويسعون إلى المحافظة على المملكة الأردنية في ظل التكهنات التي تحيط بمصير الأردن ذي الغالبية السكانية الفلسطينية، بعد موت الملك حسين. ورأى بعض الفلسطينيين في تجديد عرفات الدعوة إلى الكونفيديرالية "مخرجاً" من المأزق الذي يمر فيه الفلسطينيون في ما يتعلق بإعلان الدولة المستقلة في الرابع من أيار مايو المقبل. وذكرت مصادر فلسطينية أن عرفات يمكن أن يتذرع بهذه القضية لتبرير تأجيل اعلان الدولة ولو لأسابيع قليلة تحت الضغط الدولي الذي يواجهه. وتلقت اسرائيل تصريحات عرفات ببرود. وقال ديفيد بار ايلان مستشار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو: "ان الكونفيديرالية في حد ذاتها لا تزيل أخطار الدولة الفلسطينية المعلنة من جانب واحد والتي تستطيع اعداد جيش ضخم وعقد تحالفات مع دول مثل العراق وسورية وايران والسيطرة على اجواء اسرائيل ومصادر المياه".