أثارت تصريحات أدلى بها حاييم رامون، الرجل الثاني في حزب العمل الاسرائيلي المعارض عن "حتمية" تحول الأردن الى دولة فلسطينية في غضون بضع سنوات، ضجة في الأوساط السياسية الأردنية، وسط مطالبات نيابية للحكومة الأردنية بالرد على هذه التصريحات وتفنيدها. ووصف أعضاء في مجلس النواب الأردني هذه التصريحات بأنها "خطيرة" محذرين من "زرع الفتنة" في الأردن، ورأوا أن تصريحات رامون تعكس "مخططاً اسرائيلياً لتقويض الدولة الأردنية والكيان الفلسطيني، وايجاد شقاق بين الأردنيينوالفلسطينيين". وكان رامون أكد خلال لقاء برلماني اسرائيلي - فلسطيني عقد في أثينا بين 17 و21 الشهر الماضي انه يتوقع تحول الأردن الى دولة فلسطينية في غضون بضع سنوات، بسبب وجود ما اعتبره غالبية فلسطينية في الأردن، وضغوط اسرائيلية لاقامة اتحاد كونفيديرالي أو فيديرالي بين الأردنوالضفة الغربية. وقال النائب الاسلامي الأردني محمد الازايدة في تصريحات صحافية ان اسرائيل "لا تزال تتمسك بأطماعها التاريخية في كل عصر". ودان الازايدة، وهو رئيس لجنة الحريات في مجلس النواب تصريحات رامون التي وصفها بأنها "غير مسؤولة"، مؤكداً ان الأردن "عصي على كل المؤامرات وكل محاولات التغيير في بنيته". واعتبر ان هذه التصريحات "تصب في اتجاه زرع الفتنة التي يريدون لها ان تتصاعد في هذا البلد". وقال النائب محمود الخرابشة وسطي ان ما أدلى به رامون "تصريحات خطيرة ذات مردود سلبي على المسيرة السلمية، وعلى جميع القيادات المنتمية الى هذا الخط، اذ أن ذلك يدل على أن اسرائيل تضرب بعرض الحائط كل المعاهدات والمواثيق الدولية والتزاماتها تجاه المسيرة السلمية". وتابع ان مواجهة تلك التصريحات "تتطلب من الأمة العربية وحدة موقفها وحشد آرائها للرد عليها". ودعا جميع من يرغبون في السلام في اسرائيل الى "دحض هذه التصريحات واظهار حسن نياتهم إذا توافرت". وكان رامون قال ل "الحياة" ان ما لا يقل عن 70 في المئة من السكان في الأردن هم فلسطينيون، وأن العاهل الأردني الملك حسين "سيضطر الى قبول فكرة اقامة اتحاد فيديرالي أو كونفيديرالي مع اجزاء من الضفة الغربية، تحت ضغوط فلسطينية واسرائيلية ودولية". وذكر ان الأردن "سيصبح دولة فلسطينية تنضم اليها أجزاء من الضفة الغربية قد تصل الى 60 - 90 في المئة"، وأشار الى ان الدولة العبرية ستضم 10 في المئة من الضفة على الأقل وهي الأجزاء التي يسكنها حوالى مئة ألف مستوطن يهودي. وتابع انه كان في السابق يختلف مع طروحات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير البنى التحتية ارييل شارون في هذا الشأن، لكنه صار "مقتنعاً بحتمية تحول الأردن دولة فلسطينية، وهي مسألة بضع سنوات". يذكر أن نتانياهو أكد في سياق مفاوضات السلام ان الدولة العبرية "لن توافق على اقامة دولتين فلسطينيتين الى الشرق من اسرائيل"، في اشارة الى ان تل أبيب تعتبر الأردن دولة فلسطينية. وكرر الملك حسين خلال الأشهر الأخيرة ان الأردن "لن يكون وطناً بديلاً لأحد" محذراً من أن سياسات الحكومة الاسرائيلية الحالية قد تدفع الى تهجير مزيد من الفلسطينيين من الضفة الغربية الى الأردن. معروف ان شارون هو أول مسؤول اسرائيلي رفع شعار "الأردن هو فلسطين" عام 1974 ودعا الى تهجير الفلسطينيين الى المملكة من خلال تنفيذ سياسة سميت "ترانسفير". وقال زعيم حزب العمل الاسرائيلي ايهود باراك، الذي شغل منصبي وزير الدفاع ووزير الخارجية في حكومتي العمل السابقتين، انه لا يرى امكان تحول الأردن الى دولة فلسطينية في المستقبل، لكنه لم يستبعد الفكرة تماماً. وأضاف معلقاً على تصريحات رامون: "لا استطيع التكهن بما يمكن أن يحدث. طبعاً، أتمنى أن أرى كونفيديرالية بين المملكة الهاشمية والكيان الفلسطيني، ولكن علينا ان نتذكر ان القرار يعود للأردنيين والفلسطينيين أنفسهم". وكتب الدكتور فهد الفانك، المعلق السياسي في صحيفة "الرأي" الأردنية: "عندما تقترب الأحزاب الحاكمة والمعارضة في اسرائيل من اجماع على المخرج من أزمة اسرائيل الراهنة، لا نشك في أن أميركا ستتبنى هذه الفكرة". ورأى ان كل ما تحتاجه واشنطن بعد ذلك هو "افشال المسار الفلسطيني، وهذا تحصيل حاصل، ثم التظاهر بالبحث عن حل بديل يمكن وضعه في عبوة قومية من وحدة الشعبين الأردنيوالفلسطيني الحتمية وسياسة انقاذ ما يمكن انقاذه".