فاجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال زيارته له في مقره بمدينة رام الله بطلبه إحياء مشروع الكونفدرالية الأردنية - الفلسطينية، وهو مشروع كان قد وضع تفاصيله العريضة الملك الراحل الحسين بن طلال، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وطبقًا لمصادر تابعت الزيارة فقد استمع الملك عبدالله الثاني لعرض عباس دون أن يعلن أي مواقف أردنية رسمية بشأن المشروع القديم الجديد؛ لكنه وعد الرئيس عباس ببحث هذا الأمر لاحقًا. وما إن تسربت معلومات حول العرض الفلسطيني حتى ثارت ضجة من التصريحات الأردنية والفلسطينية المنتقدة والمعارضة لطرح مثل هذا المشروع في هذا الوقت بالذات. وسارعت الرئاسة الفلسطينية إلى نفي الأمر، لكنها قالت إن فكرة الاتحاد الكونفدرالي ما زالت قائمة، ولم تتخلَّ عنها الرئاسة الفلسطينية. ردود الفعل الأردنية على موضوع الاتحاد الكونفدرالي مع فلسطين جاءت متباينة، حيث اعتبر رئيس الوزراء الأردني السابق عبدالرؤوف الروابدة أن بحث موضوع الكونفدرالية بحاجة للتروي والدراسة المعمّقة قبل الإقدام على هذه الخطوة. فشكل العلاقة لا يجوز تمريره دون مراجعة شعبي الدولتين باستفتاء حقيقي، ينم عن الإرادة الشعبية. أمّا وزير الداخلية الأردني الأسبق مازن الساكت فاعتبر أن بحث هذا الأمر متسرع؛ لأن الدولة الفلسطينية لم تقم بعد. جماعة الإخوان المسلمين في الأردن اعتبرت أن بحث موضوع الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية في هذا الوقت يهدف إلى إلقاء الضفة الغربية في وجه الأردن، وتحميله دور الشرطي الذي يحمي إسرائيل. من جانبه قال الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة إنه اتفق والرئيس الفلسطيني محمود عباس على تأجيل بحث الكونفدرالية مع الأردن، لافتًا إلى أنه من الخطأ الحديث عن أي صيغ سياسية وقانونية بين الجانبين الفلسطيني والأردني قبل إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ويحتفظ الأردن بأجندة مختلفة نسبيًّا عن بقية أطراف المعادلة فيما يخص المرغوب والمسموح. فعمّان تتقاطع على نحو أو آخر مع المصالح الحيوية للرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكنها تجلس معه تمامًا في نفس خندق التفاؤل والإصرار على قاعدة عدم وجود البديل. وبالنسبة للمسؤولين المؤثرين في القرار الأردني لا بد من التعامل بجدية مطلقة مع الإدارة الأمريكية لا من باب مجاراتها، ولكن على أمل أن يتمخض الحوار عن شيء ما مهما كان، وبأي حجم ومستوى بدلاً من لا شيء. الأردنيون كانوا في الواقع طرفًا في صياغة الموقف في المنطقة، وبالتالي تتصرف المؤسسة الأردنية بمسؤولية كبيرة تجاه الوضع الفلسطيني. عمّان لازالت تعتبر نفسها من أكثر العواصم العربية تأثرًا بما يجري في فلسطين، فكل خططها الاقتصادية والتجارية مرهونة بالبُعد والسوق الفلسطيني، واستقرارها دومًا مرهون إلى حين حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وجزء أساس من برامجها بخصوص التنمية والإدارة معلّق لنفس الغرض، والأهم أن عمّان لا تشعر بالاستقرار الأمني ما دامت أطراف إقليمية ودولية قد دخلت في عمق القرار الفلسطيني. والأكثر أهمية على الإطلاق أن عمّان تشعر فيما يخص الملف الفلسطيني بأنها عالقة وسط مركبة الإدارة الأمريكية، وأنها لا تستطيع حتى الآن وضع سيناريو نهائي ومطلق لدورها الافتراضي مستقبلاً في عمق المسألة الفلسطينية، إضافة إلى الواقع الذي يقول بأن الكثير من المشكلات الأردنية الداخلية لا يمكن معالجتها بحال من الأحوال إلاّ بعد استقرار عملية السلام في الأرض الفلسطينية.