يقوم الرئيس الفرنسي جاك شيراك منذ أيام بمساعٍ لإقناع الشركاء الأوروبيين بضرورة دعم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في موضوع الدولة الفلسطينية والتحرك على هذا الصعيد بالمشاركة مع الرئيس المصري حسني مبارك. وأثار شيراك الموضوع ليلة أمس الثلثاء مع المستشار الالماني غيرهارد شروردر الذي التقاه في الألزاس خلال مأدبة عشاء غير رسمية وذلك بعد أن التقى عرفات في عمّان على هامش مراسم تشييع الملك حسين وبحث معه مطوّلا في مسألة الدولة الفلسطينية والموعد المرتقب لإعلانها في 4 أيار مايو. كما التقى شيراك مجدّداً في عمّان نظيره المصري الذي زار فرنسا منذ أيام قليلة. ويصر الموقفان الفرنسي والمصري على عدم التدخّل في قرار عرفات لجهة تأجيل أو عدم تأجيل موعد إعلان الدولة الفلسطينية في 4 أيار. لكن المناقشات الجارية بين فرنسا ومصر والسلطة الفلسطينية تتناول كيفية تأمين أوروبا دعماً قوياً للدولة الفلسطينية اذا قرّر عرفات ارجاء موعد اعلانها الى ما بعد 4 أيار خشية أن يُعاد انتخاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. ويقول مصدر مطّلع ل "الحياة" إن الكل مدرك أنه في حال أعلن عرفات الدولة الفلسطينية في 4 أيار فسيُعاد انتخاب نتانياهو وهذا ما لا يريده الجميع ويشكل تجنبه أولوية لدى الرئيس الاميركي بيل كلينتون وادارته التي ترغب في رؤية تغيير في اسرائيل عبر الانتخابات. وتبحث فرنسا ومصر في إمكانية إقناع الاوروبيين الذين يعارضون حاليا دعم الدولة الفلسطينية بضرورة اعطاء عرفات، قبل موعد 4 أيار مايو المقبل، ضمانة أوروبية بدعمه في موضوع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية. وتندرج في هذا الإطار الاتصالات الفرنسية - الالمانية وأيضاً زيارة مبارك الى بون في 23 من الشهر الجاري وزيارة وزير الخارجية الالماني الى مصر الأسبوع المقبل كلها تصب في خانة التحرّك الفرنسي - المصري لضرورة التوصّل الى دعم أوروبي قبل موعد 4 أيار في حال أجّل الرئيس الفلسطيني موعد اعلان الدولة. وتقضي الفكرة المصرية - الفرنسية بالتوصل الى إقناع اوروبا بإصدار موقف ايجابي أكثر تقدّما مما صدر عنها سابقا في قمة امستردام عندما إعترف الاتحاد الاوروبي للشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير بما فيه إقامة الدولة، والتوصل الى موقف اوروبي يؤكّد للسلطة الفلسطينية الحق في إقامة الدولة. ويبحث المخططون للأفكار الفرنسية عن طرق لدعم السلطة الفلسطينية في مسألة حصولها على تأييد أوروبي للدولة قبل 4 أيار ليكون ضمانة دولية للرئيس الفلسطيني في حال قرّر ارجاء موعد اعلان الدولة. وكانت فرنسا اعترفت بحق الشعب الفلسطيني بدولة منذ عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران الذي أكدّ ذلك في 1988. ثم عاد الرئيس شيراك وكرّر ذلك في خطابه في جامعة القاهرة في نيسان ابريل 1996 عندما قال: "لن يكون هناك سلام دائم إلا عبر احترام حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة إلى أن تكون له دولة". كما أن شيراك خاطب الاسرائيليين في حيفا في تشرين الاول اكتوبر 1996 وقال لهم "إن دولة فلسطينية معترفاً بها ستوفر لإسرائيل وجود شريك حقيقي. شريك سيكون وحده قادراً على اتخاذ الالتزامات الضرورية أمن اسرائيل والتقيّد بها". وعلمت "الحياة" من مصادر مختلفة أن ثمة أفكاراً فرنسية موضع درس بالنسبة إلى صيغة أوروبية تكون موقف دعم للدولة الفلسطينية ولكن الأوساط الفرنسية المسؤولة تعمل في كتمان شديد نظرا لمواقف متشدّدة لبعض الشركاء الاوروبيين الذين لا يزالون أقرب إلى الموقف الاسرائيلي. وعلمت "الحياة" أن موقف بريطانيا صار أقرب الى فرنسا في موضوع مسيرة السلام وبالنسبة إلى الدولة الفلسطينية. ويتمنى بعض الاوساط الفرنسية ان يحدد عرفات دولته على أسس الديموقراطية ويعطي تفاصيل عن تصوّره لمؤسسات هذه الدولة لكي يساعد هذا الشرح على إقناع المتشددين من الاوروبين بدعم الدولة الفلسطينية. وتجمع الأوساط الفرنسية على أن فرنسا تعترف للشعب الفسطيني بحقه في الدولة ولكنها، لأسباب عملية، تعتبر ان من الأفضل أن يأتي ذلك عبر مفاوضات تجنبّا لأي مواجهات. وفي غزة أ ف ب، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني نبيل شعث امس ان السلطة الفلسطينية تدرس "اقتراحات الاصدقاء" تأجيل اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في 4 ايار مايو المقبل لمدة اسبوعين او ثلاثة "لاعتبارات تكتيكية".