أكد وزيرا خارجية ايران كمال خرازي وفرنسا هوبير فيدرين توافر "إرادة سياسية جدية" لديهما لتطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بها الى مستوى "التعاون" في قضايا ثنائية واقليمية مختلفة. ولفت خرازي الى ان بلاده مستعدة لتعزيز التعاون الاقتصادي كلما اقترن بتفعيل العلاقة السياسية. ولم يلغ امكانية وجود تباين في وجهات النظر حول بعض الملفات كمسألة حقوق الانسان، لكنه شدد على ان تقدم العلاقات بين الدول لا يعني الاتفاق حول "كل شيء". وأكد وزير الخارجية الفرنسي ان زيارته تكتسب طابعاً "ديبلوماسياً وسياسياً". وكان فيدرين وصل الى مطار مهراباد بالعاصمة الايرانية ليل أول من أمس على رأس وفد سياسي وبرلماني يتألف من 80 عضواً، بينهم 35 صحافياً. وأجرى جولة محادثات مع خرازي في وزارة الخارجية امس، واستغرقت الخلوة بينهما وقتاً طويلاً زاد بأكثر من ساعة عن المدة المحددة لها سلفاً. وفي مؤتمر صحافي مشترك، وصف خرازي المحادثات بأنها كانت "صريحة ومثمرة للغاية تناولت قضايا مختلفة"، وشدد على وجود "رغبة سياسية" لتطوير العلاقات لدى الطرفين "وكلما قامت العلاقات على القيم وبحثت عن المصالح المشتركة، كلما أمكنها ان تدوم". وأشار بإيجابية الى "الاستقلالية التي تميز السياسة الخارجية في كلا الدولتين، مما يوفر مساحة ملائمة لتوثيق العلاقة". واتضح ان اليوم الأول من زيارة فيدرين خصص لسبل تطوير العلاقات الثنائية ولم يبحث طويلاً في الملفات الاقليمية والدولية، لكن عُلم من مصادر فرنسية مرافقة لفيدرين ان ايران عرضت تعاوناً ثلاثياً بينها وفرنسا ولبنان. وهذا الأمر مفهوم لمن يرصد آليات استراتيجية الخارجية الايرانية الحريصة على إقامة شبكات تعاون مع أكثر من بلد في وقت واحد ضمن كتلة مترابطة على غرار اتفاقات التعاون بين ايران وارمينيا واليونان، أو بينها وبين تركمانستان وتركيا. وقد يكون دافع طهران لإقامة تعاون مثلث مع فرنسا ولبنان قناعة حكومتها بما يربط فرنسا بلبنان من علاقات مميزة، وهي علاقات شهدت تفعيلاً ملحوظاً في عهد رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري الذي طور اخيراً علاقاته مع طهران في صورة وثيقة. وأشار خرازي الى تعاون فرنساوايران اثناء حرب "عناقيد الغضب"، وقال: "نعلم ان فرنسا متمسكة بهذه المنطقة ونحن متمسكون بالتعاون مع فرنسا، وفي السابق كان بيننا تنسيق وأثمر نتائج ايجابية ونأمل كذلك في المستقبل". ولفت الى مجالات التعاون الاقتصادي، وخصوصاً ما ينتظر الفرنسيين من عقود نفطية مهمة مع ايران في المستقبل. وقالت مصادر فرنسية ان المحادثات بين الوفدين تناولت طلباً ايرانياً بتطوير التعاون في مجالات الطاقة النووية والصحة والزراعة والنقل المدني وتكثيف الاتصالات على مستوى وزاري. وأكد خرازي ان حكومته تأمل بتطوير العلاقات مع "أي دولة لدينا معها رؤية سياسية مشتركة". وانتبه فيدرين الى تكرار نظيره الايراني وتشديده على ضرورة "تفعيل الروابط السياسية"، فشدد على ان زيارته "لها طابع ديبلوماسي وسياسي، وجئت الى طهران لإحياء وتجذير الحوار في كل الملفات". وبدا فيدرين حريصاً على المستقبل اكثر من استرجاع أو فتح ملفات الماضي، اذ بينما أكد ان بلاده ترفض الارهاب بكل أشكاله في معرض حديثه عن اعتقال حركة "طالبان" رعايا ايرانيين لديها، أشار الى ان موضوع الكاتب البريطاني سلمان رشدي سيبحث. واكد ان "همنا الاساسي يتمحور حول المستقبل والآفاق". والتقى فيدرين بالرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني والنائب الأول للرئيس الايراني حسن حبيبي امس، وسيلتقي بالرئيس سيد محمد خاتمي اليوم ويسلمه رسالة من الرئيس جاك شيراك. وقال مصدر فرنسي مطلع ان فيدرين رغب في القيام بهذه الزيارة كونه يريد معرفة مدى قدرة نهج الرئيس خاتمي المنفتحة والحديثة على تثبيت نفسها امام تحديات ومقاومات التيار المتشدد في ايران. وأضاف المصدر موضحاً ل "الحياة" ان لولا وصول خاتمي الى الحكم في ايران لما كان فيدرين قام بهذه الزيارة. وقال ان فيدرين حريص على معرفة مواقف الرئيس خاتمي وحكومته من قضايا عدة، منها مسيرة السلام في الشرق الاوسط وقضايا تتعلق بالارهاب. وقال مصدر اقتصادي فرنسي لپ"الحياة" ان ايران منذ 1994 قامت بواجباتها الحالية في تسديد ديونها الخارجية في موعدها حتى ان شركة ضمان الاستثمارات الفرنسية "الكوفاس" حسنت شروط تغطية الاستثمارات الفرنسية في ايران على رغم ان الوضع الاقتصادي للبلد تأثر الى حد كبير بانخفاض اسعار النفط مما خفض في العائدات النفطية السنوية المتوقعة في 97 الى 11 بليون دولار بعدما كانت في السنة الماضية نحو 15 بليون دولار.