فيما وافقت الحكومة الاسرائيلية المصغرة امس على عقد لقاء بين وزير الدفاع اسحق موردخاي وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قال الرئيس ياسر عرفات في ختام زيارته للصين "لسنا ضد اجراء محادثات ولكننا في حاجة الى نتائج لا الى محادثات". وأضاف في مؤتمر صحافي قبل مغادرته بكين ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "رفض حتى الآن اعطاء رد ايجابي على المبادرة الاميركية، ولم أتلق أي دعوة مباشرة لمواصلة عملية السلام". وفي غضون ذلك، اتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الادارة الاميركية ب "التذبذب" في وقت يستعد فيه الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي للقاء "ابو مازن" - موردخاي الذي طالبت بعقده وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت كفرصة اخيرة قبل الاعلان عن مبادرتها. وأبدى عريقات "استغرابه" من تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جيمس روبن والتي قال فيها ان كلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لم يطبقا البنود الواردة في الاتفاق الموقع بينهما. وقال عريقات ان التناقض في تصريحات الناطق بلسان الخارجية الاميركية خلال اليومين الماضيين "يعكس حالة التذبذب التي تعيشها الادارة الاميركية". وكان روبن قال في تصريحات سابقة ان "الكرة في الملعب الاسرائيلي"، الامر الذي حدا بالفلسطينيين في ما يبدو الى الموافقة على طلب وزيرة الخارجية الاميركية بعقد لقاء على مستوى رفيع مع الاسرائيليين لحل القضايا العالقة بينهما في شأن المرحلة الثانية من اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية بعد اخفاق الولاياتالمتحدة في اقناع اسرائيل بالموافقة على مقترحاتها. وكشف عريقات النقاب عن ان الاقتراح الاميركي بعقد هذه اللقاءات محدد بفترة اسبوع واحد وبالبحث في قضيتين فقط. وقال المسؤول الفلسطيني ان أولبرايت اقترحت عقد لقاءين او ثلاثة في مدة اقصاها اسبوع للبحث في قضيتي نسبة اعادة الانتشار الواردة في المبادرة الاميركية 13.1 في المئة وتعديل الميثاق الوطني الفلسطيني، مضيفاً انه "اذا ظن نتانياهو انه ستتم اعادة التفاوض في شأن هاتين المسألتين فهو مخطئ تماما". وفي تراجع عن موقف القيادة الفلسطينية الذي اتخذته الجمعة الماضي الرافض للشروع في مفاوضات مع اسرائيل قبل ان تعلن موافقتها على المبادرة الاميركية التي تتبنى الموقف الاسرائيلي اصلاً، قال عريقات: "نحن لسنا ضد المفاوضات شريطة ان تنتج عنها قرارات" وأيد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء رأي عريقات بوجوب عقد لقاءات بين الفلسطينيين والاسرائيليين شرط ان تسفر عن نتائج. وقال "ابو علاء" في ختام لقاء مع النائب العربي عن حزب العمل الاسرائيلي المعارض صالح طريف امس: "اذا كان هنالك موقف اسرائيلي يقترب من الموقف الاميركي فيجب اجراء لقاءات مكثفة للخروج بحل". وشدد على انه "لا يجوز التفاوض على المبادرة الاميركية التي تتبنى الموقف الاسرائيلي". وبانتظار عودة الرئيس ياسر عرفات من جولته الآسيوية لاتخاذ قرار فلسطيني بشأن اللقاء، كلف المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر اسحق موردخاي بمواصلة الاتصالات مع الفلسطينيين للتوصل الى اتفاق بشأن نسبة اعادة الانتشار وتعديل الميثاق الفلسطيني. وقالت مصادر اسرائيلية ان تل أبيب تفضل لقاء بين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو نفسه والرئيس عرفات ولكن بسبب رفض الاخير لقاء مسؤولين إسرائيليين تمت الموافقة على عقد لقاء بين موردخاي و"أبو مازن". وأشارت المصادر ذاتها إلى نشوب خلاف بين نتانياهو وموردخاي حول القضايا التي يجب طرحها في اللقاء المرتقب. وقالت الاذاعة الإسرائيلية إن نتانياهو يصر على طرح موضوعين فقط على الطاولة هما النسبة المئوية لإعادة الانتشار والميثاق الفلسطيني، في حين طالب موردخاي بعدم وضع قيود على المفاوضات. وجددت الحكومة الإسرائيلية رفضها بالانسحاب من 1،13 في المئة من الأراضي الفلسطينية، وهي النسبة التي تقترحها المبادرة الأميركية، مؤكدة أنها لن تنسحب من أكثر من 10 في المئة من هذه الأراضي، على أن تبقى ال 3 في المئة الأخرى خاضعة لسيطرة أمنية شاملة وإدارية جزئية تتمكن من خلالها بالتحكم في البناء عليها وتبقى في عهدة الأميركيين إلى حين تنفيذ الفلسطينيين التزاماتهم حسب الرؤية الإسرائيلية. وأفادت مصادر فلسطينية مطلعة في حديث الى "الحياة" في لندن ان وزيرة الخارجية الأميركية قدمت الى المبعوثين الفلسطينيين اللذين زارا واشنطن الاسبوع الماضي وثيقة تتضمن موقف الحكومة الاسرائيلية من المقترحات الأميركية وشروطها للقبول بها. وقالت المصادر ان الوثيقة المذكورة التي قدمتها اولبرايت الى كل من وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ووزير الحكم المحلي كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات تخلو من أي اشارة الى امكان الحد من النشاط الاستيطاني وتعرب عن استعداد اسرائيل قبول إعادة انتشار نسبتها 10 في المئة فقط من أراضي الضفة الغربية، وليس 13 في المئة وفقاً للاقتراح الأميركي، ولكن مع السماح ببسط السلطة المدنية الفلسطينية على 3 في المئة أخرى تكون فيها لاسرائيل سيطرة أمنية كاملة وسلطة منح تراخيص البناء. وهذا ما تطلق عليه اسرائيل اسم 10"3. وتصر حكومة نتانياهو في الوثيقة على عقد المجلس الوطني الفلسطيني ليعلن بكامل هيئته الغاء البنود التي لا تعترف بوجود اسرائيل وتدعو ل "تفكيكها". وتتضمن الوثيقة شروطاً أمنية اسرائيلية تقع في ثماني صفحات تطالب حكومة نتانياهو السلطة الوطنية الفلسطينية بتحقيقها.