لم تعرف بعد اسباب التأخير في اقرار قانون اللامركزية الادارية الذي نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني المنبثقة من اتفاق الطائف، على رغم مضي ما يقارب تسع سنوات على بدء تطبيقه، خصوصاً ان محاولة جديدة اجريت لانجاز مشروع القانون لدى البحث في قانون الانتخابات البلدية والاختيارية. وفي معلومات "الحياة" ان نواباً من مؤيدي رئيس المجلس النيابي نبيه بري اقترحوا ادراج مشروع قانون اللامركزية الادارية في سلة واحدة مع قانوني الانتخاب الجديد والبلديات، ولكن لم يؤخذ بوجهة نظرهم بذريعة ان ربط مصير قانون البلديات بمشاريع قوانين اخرى سيقود حتماً الى تأجيل اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مقابل دعوة غالبية اللبنانيين الى ضرورة انجازها ورفض تأجيلها. وهذا ما حصل اذ ان الانتخابات اجريت بناء على اصرار رئيس الجمهورية الياس الهراوي. وبما ان الانتخابات البلدية اجريت في مواعيدها، كان لا بد من الالتفات الى قضية اللامركزية الادارية التي طرحت على بساط البحث في لجنة الادارة والعدل النيابية، قبل أن يصرف النظر عنها للتركيز على الاسراع في اقرار التعديلات على قانون البلديات. وعاد الرئيس الهراوي أخيراً الى تحريك مشروع قانون اللامركزية الادارية وأبدى استعداده لدعوة المعنيين الى عقد اجتماع في القصر الجمهوري. الا أن رغبته بقيت عالقة ولم تر النور بسبب التطورات المتلاحقة التي عصفت بالساحة اللبنانية من اتمام عملية التبادل، الى اكتشاف شبكتين الأولى للتجسس لحساب اسرائيل والثانية للقيام بعمليات تفجير، مروراً بتدهور العلاقة بين رئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير شؤون المهجرين وليد جنبلاط لخلافهما على طريقة ادارة ملف عودة المهجرين. ومن الطبيعي أن تسهم التطورات المتلاحقة في خطف الأضواء عن معاودة تحريك قضية اللامركزية الادارية، مع أن نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر يعتبر في أحاديثه أمام زواره أن لا مشكلة في اقرار المشروع وان كان عامل ضيق الوقت سيحول دون اعداده في سرعة. ونقل الزوار عن المر ان لجنة الادارة والعدل برئاسة النائب شاكر أبو سليمان توصلت في آخر اجتماع عقدته الى اقرار عشرة بنود من مشروع اللامركزية الادارية، لكن ضغط التعديلات المقترحة على قانون البلديات أدى الى تعليق البحث. وفي نظر المر ان لا مشكلة في اقرار مشروع القانون الخاص باللامركزية الادارية، شرط أن يتوافر القرار السياسي الداعم تنفيذه فور التصديق عليه ليصبح بمثابة قانون. وعن طبيعة الأفكار المطروحة في شأن مشروع القانون. علمت "الحياة" من مصادر رسمية أن البعض يقترح تقسيم لبنان الى خمس عشرة وحدة ادراية تكون كل منها بمثابة محافظة يعود اليها بت احتياجات المواطنين وتدبير شؤونهم على نحو يقضي على الروتين الذي تشكو منه الإدارات والمؤسسات العامة المولجة بتوفير الحلول. وكشفت المصادر الرسمية أن فكرة تقسيم لبنان وحدات ادارية خاضعة للنقاش، وان كان المشروع الأولي يلحظ التقسيم الاتي: 1 بيروت، 2 صيدا، 3 جزين والنبطية وقرى قضاء صيدا الزهراني، 4 صور وبنت جبيل، 5 مرجعيون وحاصبيا، 6 الشوف، 7 المتن الجنوبي بعبدا وعاليه، 8 المتن الشمالي، 9 كسروان وجبيل، 10 طرابلس وقرى قضاء الضنية، 11 عكار، 12 زغرتا وبشري والبترون والكورة، 13 زحلة، 14 بعلبك والهرمل، 15 راشيا والبقاع الغربي. ولفتت المصادر الى أن جمع اقضية زغرتا والبترون وبشري والكورة في وحدة إدارية يمكن أن يخضع لتعديل في اتجاه تحقيق الانصهار الوطني بدلاً من أن يكون التقسيم الإداري من لون واحد، أي من المسيحيين، مشيرة الى أن كل وحدة إدارية يرأسها محافظ وتستحدث فيها مكاتب فنية من شأنها استعجال النظر في طلبات المواطنين واحتياجاتهم. وتابعت ان مشروع التقسيم الاداري لا يلحظ الابقاء على منصب القائمقام، لمنع التضارب في الصلاحيات، مؤكدة ان اقراره سيسمح بخفض عدد الموظفين العاملين في الوقت الحاضر في المحافظات وبالتالي سيطرح مسألة استيعابهم في وظائف جديدة. وشككت في امكان اقرار المشروع في المدة المتبقية من ولاية الرئيس الهراوي، خصوصاً ان ضيق الوقت لن يسمح للمجلس النيابي في حال تقرر فتح دورة استثنائية بدرسه تمهيداً للتصديق عليه، اضافة الى ان المشروع يحتاج الى عقد جلسات عدة لمجلس الوزراء لمناقشته ووضعه في صيغته النهائية ليحال على المجلس النيابي مشروع قانون. وفي تقدير المصادر ان مشروع القانون سيؤجل الى العهد الجديد، أسوة بقانون الانتخاب الذي سيكون من أبرز البنود المدرجة على جدول أول حكومة تتألف. وعزت السبب الى أن لا بد من أن يكون لرئيس الجمهورية الجديد رأي في قانون الانتخاب، في ظل ما يشبه الاجماع على ضرورة اعتماد الدوائر الانتخابية المتوسطة بديلاً من الدوائر الموسعة التي اعتمدها القانون الأخير، ما يعني ان هناك صعوبة في الوقت الحاضر امام تحويل لبنان دائرة انتخابية واحدة، مراعاة للتمثيل النيابي الحقيقي. واعترفت المصادر الرسمية بأن المدة المتبقية من ولاية الرئيس الهراوي ما زالت تحفل بالتطورات ذات البعدين الاقليمي والدولي، وتصريف الأعمال على الصعيد المحلي سيكون من أبرز سماتها على رغم ان البعض سيحاول التغلب على التقليد المتبع في نهاية العهود الرئاسية لجهة تجاوز مرحلة تقطيع الوقت واظهار الدولة على انها تعمل في صورة طبيعية وان انتقال الصلاحيات سيتم وفق الأصول المنصوص عليها في الدستور اللبناني. وأكدت أن تهدئة العلاقة بين أركان الدولة سيبقى الهاجس الأساسي لكل من بيروت ودمشق على السواء، بغية قطع الطريق امام ظروف غير طبيعية. لدى تجاوز الاستحقاق الرئاسي. ولم تستبعد المصادر احتمال صدور ملحق بمرسوم الجنسية الصادر عام 1994. لاصلاح الخلل الطوائفي المترتب على تنفيذه، وتأمين التوازن المطلوب بعدما ادى المرسوم الى احداث خلل افاد منه المسلمون بنسبة عددية تفوق نسبة المسيحيين.