يبدأ الكاتب طه خليل مقاله المنشور في "الحياة" في 8/5/1998 بمناقشة وتحليل الأسباب التي دفعت شمدين صاقيق إلى ترك صف عبدالله أوجلان والعمال الكردستاني واللجوء إلى الديموقراطي الكردستاني في العراق، متهماً صاقيق بالتشدد وأوجلان بالمرونة وايمانه بالحل السلمي. وهذا بالذات تحريف للحقيقة. إذ أن النزاع بينه وبين أوجلان لم يكن على اسلوب "النضال" في تركيا بل تورط العمال الكردستاني في كردستان العراق واندحار وتشتت قواته بعد أكثر من سنتين خاضهما في حرب ضد شعب كردستان العراق. والحقيقة ان صاقيق رفض الاستمرار بحربه ضد أكراد العراق ضارباً بعرض الحائط أوامر أوجلان بمقاتلة الديموقراطي حتى النفس الأخير. استعان الكاتب بتصريحات أوجلان لمحطة تلفزيون كردية "متهماً مؤامرة تركية مدبرة منذ سنوات..." ويتناسى تصريحاته باللغة العربية لمجلة "الوسط" اللندنية عن كون "دور حزبه العمال الكردستاني هو الدفاع عن الحدود الشرقية للوطن العربي... واجهاض أي تجربة ديموقراطية تغير أبناء جلدته... في كردستان العراق". أليس هذا ما يتمناه كل اعداء الشعب الكردي والكردستاني في العراق؟ ثم هل اطلع الكاتب على مقال كامران قره داغي في "الحياة" قبل أسابيع في تحليله ل "أسباب تقهقر حزب أوجلان" وهل سأل السيد طه نفسه متى زار أوجلان هذا القائد الفذ أرضه؟ ونقرأ كذلك عن "بطولات نسر الجبال" ولمدة 18 عاماً في تركيا من دون ان يعرض الكاتب "انجازاً واحداً" قدمه صاقيق أو حزب أوجلان لشعبهما خلال هذه الفترة سوى المآسي والدمار. ويعود الكاتب إلى "ذروة الموضوع" ليكن التهم للبارزاني الاب والابن بالخيانة والعداء للشعب الكردي، مؤكداً هدفه الحقيقي من كتابة المقال هو محاولة أخرى "فاشلة" للنيل من العائلة البرزانية. أود أن اوضح للكاتب بأنني وكآشوري عراقي ومن سكان كردستان العراق عايشت القضية الكردية خلال الستينات والسبعينات ولم أتعرف على نضال هذا الشعب إلا من خلال اسم وشخصية البارزاني الاب. بالنسبة لي آنذاك كان أكراد العراق عموماً من اتجاهين: الأول، البيشمركة وهم قوات بارزاني والحزب الديموقراطي الكردستاني. والثاني، الجحوش وهم مرتزقة الأنظمة الديكتاتورية في العراق. ومن جهة أخرى، فإن المؤرخين وحتى اعداء الشعب الكردي يتفقون بأن لولا البارزاني الاب لما عرف هذا الشعب العريق. فلماذا ولمصلحة من هذه المحاولة اليائسة لتحريف التأريخ؟ ويسرد طه خليل اتهامات للبارزاني الاب في السبعينات وكأنه كان حاضراً، ثم يستعين بهذا التحريف ليتهم الابن بالتواطؤ مع تركيا في تسليم صاقيق وهذا أمر عجيب، وكل الأخبار والتقارير والتحاليل تشير إلى دور الكوماندوس الأتراك وتعنت صاقيق ورفضه الحماية الكاملة من قبل الحزب الديموقراطي من جهة أخرى. ثم يعود الكاتب ليذكرنا باتفاق البارزاني مع تركيا ويتناسى بأن حزب أوجلان بالذات وبعض الأحزاب الكردية الأخرى مرتبطة سياسياً ومدعومة مادياً بدول اقليمة، فهل ما هو حلال على أوجلان حرام على الديموقراطي؟ إن العلاقة القائمة بين حكومة اقليم كردستان وتركيا وفي الظروف الحالية للعراق والشرق الأوسط كانت ولا تزال لمصلحة شعب اقليم كردستان العراق. فتطهير كردستان العراق من العمال الكردستاني وعودة غالبية المهجرين إلى قراهم، ساعدت أجهزة الاقليم من إعادة ترسيخ الأمن والاستقرار في غالبية المناطق الكردية. وأدت كذلك إلى انتعاش اقتصادي ملحوظ ليس لفائدة الاقليم فحسب، وإنما لكافة انحاء العراق. ولو سنحت الفرصة للكاتب لزيارة دهوك أو أربيل أو حتى السليمانية، لالتقى بمئات العراقيين من وسط وجنوب البلاد وهم يزورون الاقليم ويستفيدون من الاقتصاد الناجح. وهذا بدوره يساعد على تخفيف معاناة الشعب العراقي من جراء الحظر الدولي.