صدرت ردود أفعال متباينة على اتفاق الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في نيروبي أول من أمس على اجراء استفتاء تحت اشراف دولي على حق سكان جنوب السودان في تقرير المصير. وجاء الاتفاق مفاجئاً، إذ تنازلت "الحركة الشعبية" عن دعوتها في المفاوضات السابقة إلى إقامة دولة كونفيديرالية، فيما أظهرت الخرطوم استعداداً لقبول فترة انتقالية أقل من السنوات الأربع التي أقرتها في اتفاقها مع المنشقين عن زعيم "الحركة الشعبية" جون قرنق. ومثلت مفاوضات نيروبي الأخيرة أول مرة يحصل فيها اجماع في الساحة السياسية السودانية في الحكم والمعارضة على اجراء استفتاء على تقرير المصير في جنوب السودان. وكانت الحكومة توصلت إلى اتفاق مع المنشقين عن قرنق يضمن هذا الحق، في حين توصل قرنق إلى اتفاق مشابه مع حلفائه في المعارضة السودانية، لكنه طرح إقامة كونفيديرالية في مفاوضاته مع الخرطوم. وبدا الاتفاق الجزئي أقرب إلى كونه نظرياً في ظل غياب إرادة سياسية جادة للتوصل إلى اتفاق سلام. ولاحظ المراقبون في هذا المجال رفض المتمردين التوصل إلى وقف لإطلاق النار على رغم المأساة الإنسانية في مناطقهم وتركيز الحكومة على الخيار الثاني في مبادرة وسطاء "الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" ايغاد التي تخير الفرقاء السودانيين بين قبول قيام دولة علمانية أو الاعتراف بحق تقرير المصير للجنوب. وركز الوسطاء في الجولة الأخيرة من المفاوضات على محادثات غير مباشرة استمرت يوماً واحداً. وطلب الوسطاء من الطرفين تقديم مواقف مكتوبة من قضيتين فقط هما علاقة الدين والدولة وتقرير المصير للجنوب. وحصلت "الحياة" على نسخة عن ورقتي الحكومة والمتمردين الجنوبيين تنشرهما اليوم. وجاء في البيان الختامي للمحادثات الذي أصدره الوسطاء في ما يتعلق بقضية تقرير المصير: "ان لجنة ايغاد ترحب باتفاق حكومة السودان والحركة الشعبية على الاعتراف بحق تقرير المصير لسكان جنوب السودان الذي يمارس عبر استفتاء يخضع لاشراف دولي في نهاية فترة انتقالية". وسيتم التفاوض بين الطرفين على الاجراءات الانتقالية في ظل وساطة "ايغاد". وسيقرر سكان جنوب السودان مصيرهم بين خيارين هما الوحدة والانفصال. غير أن اللجنة تلاحظ ان تعريف الحكومة للجنوب يشمل محافظات بحر الغزال والاستوائية وأعالي النيل مثلما كانت لدى استقلال السودان في كانون الثاني يناير 1956، في حين ان الحركة الشعبية ترى أن تقرير المصير حق يجب أن يمارسه سكان هذه المناطق الثلاث، إضافة إلى أبيي في الغرب وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. وستكون هذه الخلافات موضوع المفاوضات في المستقبل. وفي شأن قضية علاقة الدين والدولة، أعربت اللجنة عن "أسفها لأن الطرفين لم يتمكنا من التوصل إلى أرضية مشتركة، ولكنها رحبت بالتزامهما المعلن الاستمرار في البحث عن اتفاق". وتورد "الحياة" في ما يأتي نص مذكرتي الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" في شأن موقفيهما من قضيتي تقرير المصير وعلاقة الدين بالدولة: