يشهد الأسبوع الطالع تحركاً لبنانياً ديبلوماسياً، بالتنسيق مع سورية، للرد على الاقتراح الإسرائيلي التنفيذ المشروط للقرار الدولي الرقم 425، استناداً الى ما خرجت به القمة اللبنانية - السورية التي عقدت أخيراً في اللاذقية، ومن ثم محادثات رئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير الخارجية فارس بويز مع نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام ووزير الخارجية السورية فاروق الشرع في دمشق قبل أيام. ويستهل الرئيس الحريري التحرك بزيارة للقاهرة غداً الثلثاء تلبية لدعوة من الرئيس المصري حسني مبارك، للبحث في التطورات في المنطقة وانعكاسها على مجرى العملية السلمية خصوصاً ما يتعلق بالطرح الإسرائيلي المشروط الذي يرفضه لبنان وسورية فضلاً عن البحث في التحركات التي يقوم بها في المنطقة رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي والعودة المرتقبة للمنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس الى المنطقة. وستلي محادثات الرئيس الحريري في القاهرة، جولة على عدد من عواصم القرار، يرافقه فيها الوزير بويز لشرح حقيقة الموقف اللبناني من الاقتراح الإسرائيلي، ومن ثم زيارات لبعض العواصم العربية المؤثرة. وتترافق زيارة الرئيس الحريري للقاهرة مع بدء وزارة الخارجية اللبنانية استدعاء سفراء الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، لوضعهم في أجواء ثوابت الموقف اللبناني من الاقتراح الإسرائيلي. وتوجيه رسائل ضمن هذا الإطار الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان والى العواصم الدولية التي لم تشملها الجولة اللبنانية. الحريري وعشية الجولة، أكد الرئيس الحريري، في حديث تلفزيوني، "ان الشروط الاسرائىلية تفرغ القرار الرقم 425 من محتواه". واضاف "ان لبنان يرغب في ان تنسحب اسرائيل من اراضيه فوراً من دون قيد او شرط، وفي اقامة سلام شامل وعادل، وهو مستعد للبدء بالمفاوضات من اجل التوصل الى سلام شامل وكامل". وأشار الى "ان اسرائيل تحاول الخلط بين هذين الموضوعين ونحن نقول للاسرائيليين وللاميركيين وللفرنسيين ولكل العالم، اذا رغبت اسرائيل في السلام فنحن معه في غضون ثلاثة اشهر". واعتبر الحريري "ان المفاوضات قد تنتهي الى اتفاق سلام خلال هذه المدة، وان السوريين يؤيدون هذا الكلام". وسُئل عما ستفعله الحكومة اللبنانية اذا انسحبت اسرائيل، أجاب "هل طلبت اسرائيل اذناً منا عندما احتلت أرضنا؟. هناك قرار دولي يطلب منها الانسحاب فوراً ومن دون قيد أو شرط فاذا أرادت الانسحاب من يمنعها؟ هل هناك قوة عسكرية لبنانية منعتها من الانسحاب؟". وسأل "هل هناك خوف على اسرائيل من لبنان أم هناك خوف على لبنان من اسرائيل؟. فاسرائيل قوة عسكرية شرسة تمارس الاعمال الوحشية على أطفال ونساء وشيوخ في الجنوب وهذا يحصل كل يوم، فهل الخوف على اسرائيل من لبنان أم من اسرائيل على لبنان وكل الدول العربية؟". وأوضح "ان الاسلحة في اسرائيل مكدّسة، منها الذرية والبيولوجية والتقليدية والطائرات الحديثة وكل انواع الاسلحة المتطورة في المنطقة موجودة لديها، وجيشها من اكبر جيوش المنطقة، وعلى رغم ذلك تدّعي الضعف وتطلب ضمانات من لبنان. وهذا ما لا يدخل في عقل أحد. واسرائيل تعكس الحقائق وتسوّقها". واعتبر "ان من يريد ضمانات هو لبنان وهو الخائف والشعب اللبناني هو من يطالب العالم بان توقف اسرائيل اعتداءاتها". واستبعد الحريري ممارسة الولاياتالمتحدة أي ضغوط على لبنان وسورية، للتجاوب مع الاقتراح الاسرائىلي"، لافتاً الى "ان الادارة الاميركية أكدت أكثر من مرة التزامها عملية السلام الشاملة وتعمل ليل نهار لانجاحها". ردود فعل وفي ردود الفعل دعا النائب عصام فارس الى تطبيق القرار 425 من دون قيود أو شروط. وقال "اننا محصنون بوحدة الموقفين الرسمي والشعبي على هذا الموضوع، وبالمقاومة وجيشنا المتمتع بالجهوزية واللوجيستية، وبتلازم المسارين اللبناني والسوري". وطالب "بتحرك ديبلوماسي واعلامي يكون في مستوى دقة المرحلة لمواجهة ما قد تخبئه لنا اسرائيل". حزب الله وقال نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم "ان القرار 425 المفخخ، وان وجد تأييداً ودعماً دوليين، سيبقى مرفوضاً منا لأننا لا نقبل ان تأخذ اسرائيل جائزة على احتلالها بل يجب ان تخرج من أرضنا من دون قيد أو شرط، ولا نريد منة من أحد ليخرجها لأن المقاومة الإسلامية وكل المقاومين سيخرجونها بإذن الله وكما سطروا ملاحم في أنصارية وغيرها يلزمون اسرائيل على الهرب من الأرض المحتلة". وأكد "ان اقتراح قانون العفو عن عناصر العملاء الذين يفرون خلال مدة ثلاثة أشهر هدفه القضاء على الميليشيات العميلة". وشدد على "رفض أي صفقة مع العدو في إطار التسوية". وندد "بالدعم الغربي المطلق للكيان الصهيوني"، وسأل "لماذا لا يلام العدو دولياً بسبب مجزرة قانا التي ارتكبها العدو في عدوان نيسان ابريل". ورأى النائب عمار الموسوي حزب الله ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان "ابتعد كثيراً عن دور الوسيط وبات سفيراً أميركياً بل إسرائيلياً يسوق المبادرة الإسرائيلية، وتحول من رسول للأمم المتحدة الى رسول للمبادرة الأميركية - الإسرائيلية". وأضاف "من يريد القبول بهذه المبادرة سيطالب بقبول الشروط الإسرائيلية وإنهاء المقاومة، ولم يكن لها أن تسوق لولا السياسة والديبلوماسية الأميركية الدولية التي تعمل في خدمة إسرائيل، ولما استطاعت اسرائيل أن تطل على العالم حمامة سلام ودولة مستضغفة وشعباً يبحث عن السلام وسط عالم فيه أطفال قانا والمنصوري وسحمر والنبطية كأنهم وحوش". ولفت الموسوي الى "ان الإسرائيلي يحاول دائماً إثارة ذاكرة العالم بجرائم مزعومة ارتكبت على حد زعمه منذ ما يزيد على خمسين عاماً، فيما نحن الذين نحيي ذكرى جريمة واضحة المعالم بالصوت والصورة ولا تزال أجساد ضحاياها نضرة، لا نحاول اثارة ذاكرة العالم، ولو حفرت هذه القضية في وجداننا عميقاً لبقيت في أولويات عملنا ونشاطنا لخدمة القضية". وختم "هناك حرب من نوع آخر لسحق ذاكرة الشعوب وأصبحت مشكلة كبرى في العالم العربي، وباتت التفاهات والمشكلات الداخلية والمصطنعة والانقسامات الداخلية تبقي الشعوب رهينة المشكلات الداخلية كأنه يعمل على غسل هذه الذاكرة لتصبح آنية وذاتية".