اعلن وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع امس بعد محادثات في بيروت مع نظيره اللبناني السيد فارس بويز ان فرنسا اكدت انها لن تخرج عن الموقف اللبناني- السوري المشترك من تطبيق القرار الدولي الرقم 425، واصفاً الطرح الاسرائيلي في هذا الشأن بأنه يهدف الى "انهاء للمقاومة اللبنانية من دون تحقيق انسحاب اسرائيلي من لبنان، اي نسخة جديدة من اتفاق 17 ايار مايو". وجاءت زيارة الشرع لبيروت والتي اتخذت طابعاً رسمياً لا سابق له، كبداية لحملة ديبلوماسية لبنانية - سورية مضادة ل "الهجمة الديبلوماسية" التي تقوم بها اسرائيل والهادفة الى الحصول على ضمانات امنية لحدودها الشمالية في مقابل انسحاب قواتها من جنوبلبنان وتنفيذ القرار الدولي الرقم 425، والتي رفضت بيروت ودمشق التفاوض في شأنها. وقبل يوم من زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي إسحق موردخاي لباريس في محاولة لتسويق افكار عن المفهوم الاسرائيلي لتطبيق القرار 425، وصل الى بيروت بعد ظهر امس وزير الخارجية السوري وبدأ على الفور محادثات ثنائية مع بويز في مبنى وزارة الخارجية، في زيارة مميزة لأنها تستمر، خلافاً للعادة يومين، ولأن وفداً ديبلوماسياً سورياً موسعاً يرافقه فيها من اجل تنسيق الموقف من الطروحات الاسرائيلية التي اعلن الجانبان اعلامياً رفضهما لها. ويسلم الشرع اليوم الرئيس اللبناني الياس الهراوي رسالة من نظيره السوري حافظ الاسد ويجري معه محادثات تتعلق بتطورات الوضع في المنطقة في شأن عملية السلام وما اعقب الازمة العراقية من تطورات والعروض الاسرائيلية لتنفيذ القرار الرقم 425. وينتظر ان ينضم الى المحادثات، اضافة الى الوفد المرافق للشرع، والوزير بويز، رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في قصر بعبدا حيث يتناول الجميع طعام الغداء الى مائدة رئيس الجمهورية. وحرص الجانبان السوري واللبناني على اعطاء الزيارة طابعاً رسمياً. فإضافة الى ان الوفد السوري موسع ويقابله وفد مماثل من الجانب اللبناني، فإن استقبالاً رسمياً جرى للشرع في مطار بيروت الدولي شارك فيه السلك الديبلوماسي العربي في لبنان، والذي سيلتقي الوزير السوري اعضاءه ظهر اليوم في مقر اقامته في العاصمة اللبنانية. ولوحظ ان هذه المرة الاولى التي تتخذ زيارة الشرع لبيروت هذا الطابع، اذ ان زياراته السابقة كانت سريعة وتتم براً، وتقتصر على لقاء موسع في القصر الجمهوري في بعبدا. وانتقل الشرع والوفد المرافق له من المطار الى قصر بسترس، حيث عقدت خلوة بينه وبين بويز، اعقبها انضمام اعضاء في الوفدين الى المحادثات في القاعة الموسعة في الخارجية. وكان محور المحادثات الاقتراح الاسرائيلي تطبيق القرار الرقم 425 شرط اقامة ترتيبات امنية ضامنة للامن الاسرائيلي، لكنها توسعت وشملت التقويم المشترك للوضع الاقليمي، وتبادل الجانبان المعطيات التي لدى كل منهما في شأن المواقف الدولية والاوروبية والاميركية من الاقتراحات الاسرائيلية. وكان الشرع اكد في صالون الشرف في المطار، ان "موقف سورية ولبنان واحد من تطبيق القرار 425 ومن عملية السلام ومن ضرورة تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة قائم على مرجعية مدريد وقرارات مجلس الامن ذات الصلة 242 و338 و425 ومبدأ الارض في مقابل السلام. هذا الموقف لم يتغير وهو موقف مبدئي واساسي وفي اعتقادنا ان كل انحراف عن هذا المبدأ من جانب اسرائيل هو تهرب من تحقيق هذا السلام الذي تنشده شعوب المنطقة. فالتصريحات التي ادلى بها المسؤولون اللبنانيون خلال الايام الماضية تعبر تماماً عن موقفنا وتعكس حقيقة الموقف الملتزم الشرعية الدولية وضرورة تنفيذ قرارات مجلس الامن المتعلقة بلبنان وعملية السلام في شكل عام. ولذلك لن اضيف شيئاً في هذا المجال". وقالت مصادر سورية ان "تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن موضوع الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان تمثل فخاً جديداً تحاول اسرائيل نصبه للبنان لاستدراجه وبالتالي اضعاف موقف سورية التفاوضي". واتهم اسرائيل "بمحاولة احياء اتفاق 17 أيار مايو 1983 والسيطرة الكاملة على لبنان عبر الحديث عن انسحاب في الجنوب يكبل بيروت باتفاقات تعزلها عن محيطها السوري والعربي ويجرد لبنان من سيادته الكاملة". وبعد المحادثات في الخارجية، قال الشرع ان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، خلال جولته الاخيرة "أبلغنا ان القرار 425 لا يتضمن شروطاً، وان لا مسعى فرنسياً في هذا الصدد الا بموافقة لبنان وسورية، وان فرنسا لن تخرج عن موقفنا المشترك ولن تقع في الفخ الاسرائيلي". وسئل عن ربط سورية الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب بالانسحاب من الجولان، فأجاب الشرع "ان هناك سوء فهم للموقف السوري تتعمد اسرائيل التعبير عنه بوسائل مختلفة. فنحن منذ صدور القرار 425 كنا ننادي ولبنان بتطبيقه من دون قيد أو شرط، لكن اسرائيل كانت تصمّ آذانها، حتى جاء مؤتمر مدريد الذي دخلناه في عملية سلام شامل مبنية على اساس قرارات مجلس الامن الدولي ومبدأ الارض في مقابل السلام. العملية لم تكتمل على رغم ان إنجازات مهمة تحققت في السنوات الماضية. فحكومة بنيامين نتانياهو ارادت التهرّب منها وايجاد السبل والاعذار لتنسف احتمالات سلام ممكنة. تتصل بسورية وتقول انها مستعدة لاستئناف المفاوضات ليس من النقطة الصفر، وعندما نسأل الاميركيين ماذا يعني ذلك، يجيبون ان الامر غير واضح، وليوضع كل شيء على الطاولة". واضاف: "نحن ندرك حساسية المرحلة ودقتها، ويجب الا نسمح لاسرائيل بالاصطياد في الماء العكر. فالسلام العادل والشامل يهمّ كل مواطن عربي، ولن يكون من دونه أمن واستقرار"، متهماً اسرائيل بالقيام "بمناورات خبيثة" من دون تحقيق هذين الأمن والاستقرار. وقال رداً على سؤال آخر عن جعل سورية لبنان ورقة في يدها، "هذه افكار اسرائيلية وتذكرون ان الاسرائىليين بقوا وراء منظمة التحرير ويقولون لها ان القضية الفلسطينية ورقة في يد سورية حتى انتهت القضية الفلسطينية في اوسلو، ثم في غزة، ثم في وضع لا تحسد عليه. ان سورية قوة لكل طرف عربي وكل طرف عربي يتضامن مع سورية يعطيها قوة. ومجموعنا هو الذي يعطي قوة واملاً حقيقياً للمواطن في لبنان وسورية والاردن وفلسطين ومصر لتحقيق حل عادل وشامل في المنطقة. اما الحديث من ان لبنان ورقة في يد سورية فهو يأتي في هذا الاطار الذي اتحدث فيه. واذا كان لبنان ورقة في يد سورية فأيضاً سورية بكل ما تملك من قوة هي ورقة في يد لبنان ومن يفهم غير هذا الكلام الاستراتيجي يكون مخطئاً لان ذلك ادعاءات اسرائيلية". ورأى الشرع، في رده على سؤال عن سبب لجوء اسرائيل الى فرنسا للتوسط في شأن ال425، ان "هدف اسرائيل واضح وهو انهاء المقاومة اللبنانية من دون تحقيق انسحاب اسرائيلي من لبنان، اي نسخة جديدة من اتفاق 7 ايار. ثم ان هناك هدفاً ثانياً، اذ بعد انتهاء الازمة العراقية وغضب الشارع العربي والحديث عن ازدواجية المعايير وانتقاله الى الاوساط الغربية، اراد نتانياهو الخروج من هذه الورطة فاخترع هذه القضية ليقول للعالم انه يريد السلام وتطبيق القرار الرقم 425، وهو غير صادق. وهو ركّز على فرنسا لانها دولة مهمة وكان لها دور في حل الازمة العراقية. وستركز اسرائيل مع الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان على الامر نفسه عندما يزور المنطقة". وعن الافراج عن سجناء لبنانيين من سورية، قال "المغزى متضمن في الحديث الهاتفي بين الرئيسين الهراوي والاسد. وشو بدّك أحسن من هيك؟".