لم يعد الهم الأول لبنيامين نتانياهو الفوز في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي لم يحدد موعدها بعد، بل النجاح في حسم المعركة داخل حزبه والحصول على الأكثرية التي تؤهله للمنافسة على منصب رئيس الوزراء. وإذا صح ما ذكرته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي ان وزير الخارجية ارييل شارون ينوي ترشيح نفسه ضد نتانياهو في مؤتمر الحزب، فهذا يعني أن "ليلة السكاكين الطويلة"، ضمن "ليكود" ستمتد لأسابيع. فشارون هو، في الواقع، الورقة الرئيسية في يد نتانياهو الذي بات عاجزاً، في الأمد المنظور، عن سد الثقوب المتكاثرة في حزبه. إذ كان يراهن على هذا "الوزن الثقيل" الاستثنائي من أجل ضبط القاعدة التنظيمية والانتخابية ومغازلة المستوطنين على أمل ارغام منافسيه على دورة ثانية لانتخاب رئيس الوزراء وحشد المعسكر القومي اليميني حوله. وفي انتظار أن يبلور شارون خياره يستمر النزف الليكودي، ومعه محاصرة نتانياهو ضمن الحزب. ففي المجال الأول باشر دان ميردور حملته الانتخابية المستقلة بمهرجان في تل أبيب شاركه فيه نائب من حركة "غيشر" التي يتزعمها وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي. لم يكن اللقاء حاشداً، لكنه كان مناسبة للترحيب بدخول رئيس الأركان السابق امنون شاحاك معترك السياسة. وفي المجال الثاني، يروّج رئيس بلدية القدس ايهود أولمرت أنه اتفق مع وزير الدفاع الحالي اسحق موردخاي على ازاحة نتانياهو من زعامة "ليكود" في المؤتمر الذي سيعقد لانتخاب المرشح لرئاسة الوزراء. وإذا صدق ذلك، فهو يعني ان كتلة جدية من نواب الحزب وأقطابه باتت تحتشد ضد رئيس الوزراء وتنوي الثأر منه، خصوصاً أن القادة التاريخيين الأحياء لليمين الإسرائيلي، اسحق شامير مثلاً، يتهمونه بأنه دمّر الحزب فبات اصلاحه صعباً وملحاً. ويحاول أولمرت كسب ود بيني بيغن. فهذا الأخير اعلن نيته الانسحاب من "ليكود" وخوض المعركة ضد نتانياهو. وتدل استطلاعات الرأي الأخيرة أنه قد يحصل، في الدورة الأولى، على حوالى 9 في المئة من الأصوات. وما يريده أولمرت من بيغن هو تعهد بألا يترشح ضده في حال ازيح نتانياهو من المسرح. ويعني ذلك، إذا حصل، ان رئيس الوزراء الحالي سيبدو هو المسؤول عن إضعاف المعسكر القومي وشرذمته ما دام ان الرغبة موجودة في التوّحد شرط... إبعاده! دشن أمنون شاحاك حياته السياسية بتصريح اعطى فيه الأولوية المطلقة لإلحاق الهزيمة بنتانياهو . وفسّر عدم انضمامه إلى حزب "العمل" بأن ذلك يسّهل عليه المهمة التي انتدب نفسه من أجلها. وليس سراً أن كثيرين من اعضاء "ليكود" الحاليين أو السابقين يرغبون في التحالف معه لهذا الغرض، في حين يُنقل عنه أنه سيحاول إبعاد موردخاي عن نتانياهو لعزله نهائياً وتسهيل القضاء عليه. ومع أن أقطاب "العمل" لا يرحبون بسلوك شاحاك، فإن من الواضح، حتى الآن، ان مؤدى حركته هو تشديد الخناق على نتانياهو، لم يعد باقياً لهذا الأخير سوى كسب الوقت تأجيل موعد الانتخابات قدر الامكان، والإقدام على مبادرات مفاجئة. ولذا توقعت الصحف الإسرائيلية الصادرة أول من أمس ان يحاول اغراء شارون بتبني مشروعه للانسحاب التدريجي ومن طرف واحد من لبنان. فهل تعمد شارون تسريب الخبر عن نياته "الرئاسية" من أجل تحسين شروطه وموقعه