صراع من دون مواجهة او أي أثر للعداء؟ الكنديتان. سيلين ديون وألانيس موريسيت تقطفان بشراهة ملحوظة نجاحاً عالمياً في دنيا الأغنية، على الخطين الفرنسي والانكليزي، كونهما من كندا الفرنسية حيث تختلط اللغتان في صورة طبيعية. لكن التشابه بين المطربتين ينتهي عند هذا الحد تقريباً، اللهم إلا في مجال التنافس على الجوائز وعلى المرتبة الأولى في سلالم المبيع والسماع. نشأت سيلين ديون في عائلة متواضعة وأصبحت احدى أشهر مطربات الأغنية الشعبية خلال سنوات معدودة إذ حصلت على جائزة "غرامي" الأميركية المعادلة للاوسكار في عالم السينما وجائزة جونو وفيليكس الموازية في كندا وجائزة اوروبا العالمية للموسيقى. ولدت سيلين في بلدة تدعى شارلمان في الثلاثين من اذار مارس 1968 والبلدة على بعد 30 كلم الى الشرق من جزيرة مونتريال. كان والداها يملكان مقصفاً صغيراً يديرانه في عطلة الاسبوع، واكتشفا موهبتها مذ كانت في الخامسة من عمرها. في الثانية عشرة وضعت سيلين النقاط على الحروف بالنسبة الى مستقبلها حين اعلنت لأمها انها لن تتمكن من القيام بشيء اخر سوى الغناء طوال حياتها. والأم، على رغم اهتمامها بأسرة كبيرة 14 طفلاً وطفلة سهرت تلك الليلة وكتبت أولى اغنيات ابنتها، كي تشجعها على المضي في تنمية موهبتها. كان عنوان الأغنية "لم يكن سوى حلم". وصلت الأغنية على شريط عادي الى رينيه انجيلي، الوكيل الفني المعروف في مونتريال، فأعجبته ودعاها الى زيارته في مكتبه. يقال ان رينيه رهن بيته لتمويل الاسطوانة الأولى لسيلين أعقب ذلك وصول صوتها الى مسامع إيدي مارني الذي كتب أشهر أغاني اديت بياف، ونينا موسكوري، وايف مونتان وآخرين، وضع لها كلمات وموسيقى "انه صوت العليّ" الأغنية والاسطوانة التي حملت صوتها الى أرجاء العالم. وفي تشرين الأول اكتوبر 1982 فازت سيلين بالمدالية الذهبية في مهرجان طوكيو للأغنية، كما قطفت جائزة الموسيقى في المهرجان نفسه وانتشرت "عندي حب كثير" أمام 115 مليون مشاهد على الشاشة الصغيرة. ويذكر ان 1907 فنانين شاركوا في تلك التظاهرة أبقت منهم التصفيات ثلاثين فقط، وهؤلاء قدّموا اغانيهم أمام 12 ألف متفرج. لدى عودتها الى كيبيك احتشد المطار بالمعجبين وعلى رأسهم رئيس الحكومة آنذاك رينيه لوفيك. وفي بلدتها شارلمان جرى لها احتفال شعبي ورسمي كبير ترأسه عمدة البلدة الذي قدم إليها ميدالية كتب عليها بماء الذهب: "تكريماً واعترافاً بسيلين ديون للشرف الكبير الذي حققته لبلادها وبلدتها من خلال ادائها العالي في مجال الأغنية ما جعلها نجمة عالمية". في العام نفسه اختيرت سيلين لتمثيل كندا في السوق العالمي للاسطوانات الذي يقام سنوياً في مدينة كان الفرنسية وبعد ذلك بقليل ظهرت على الشاشة الفرنسية الصغيرة في برنامج شانزيليزيه الذي يقدمه ميشال بروكير. وفي فرنسا وحدها باعت اسطوانتها "أغنية الحب والصداقة" نصف مليون نسخة. وحضر حفلتها الأخيرة في مونتريال 45 ألف شخص، كما صدر كتاب يتناول سيرتها عنوانه "ولادة نجمة". ولا يتسع المجال هنا لتعداد الجوائز والميداليات التي حصدتها سيلين خلال 18 سنة، عمرها الفني. لكن ما تجدر الاشارة اليه ان سيلين تلقت في الثاني والعشرين من كانون الثاني يناير 1996 وزع الفارس في الآداب والفنون من وزير الثقافة الفرنسي وخلال ذلك العام وحده احيت 116 حفلة أمام ما لا يقل عن مليون ونصف المليون شخص، عدا عن حفلتين في اتلانتا جذبتا مئتي ألف متفرج. اضافة الى ذلك باعت 32 مليون نسخة من ألبومها الجديد! قصة ألاينس موريسيت تختلف بقدر ما تختلف شخصيتها عن سيلين. لكنهما تلتقيان على الأقل في البدايات. ألانيس المولودة في أوتوا احبت الرقص والغناء مذ كانت في السابعة من عمرها. ومذ كانت في الحادية عشرة شاركت في برامج تلفزيونية للأطفال. كما بدأت تكتب الأغاني وهي في التاسعة. وكانت معجبة بأغاني وشخصية اوليفيا نيوتن جون. كما أحبت أسلوب جورج مايكل في كتابة الأغاني. في الثالثة عشرة التقت ليسلي هاو، أحد أفراد فرقة وان - تو - وان وبدأت تشاركه كتابة الأغاني. ثم سجلت اسطوانتها الأولى "ألانيس" التي احتوت اغنيتها الأولى - كتبتها وهي في الحادية عشرة - وعنوانها "دع القدر ينتظر" فحصلت على جائزتها الأولى الممنوحة للموهبة الغنائية الواعدة. وعلى رغم شهرتها المبكرة في كندا كانت موريسيت مجهولة في الولاياتالمتحدة حتى صدور اسطوانتها "الحبة الزرقاء المحززة" نالت عنها جائزة "غرامي" وسرعان ما ارتفع مبيع اغانيها الى أرقام خيالية في أميركا الشمالية بأسرها، ثم أوروبا. كان ذلك عام 1995. ولعل السبب الأول، والفارق الأهم بينها وبين سيلين، ان كلمات موريسيت أقل رومانسية وأكثر واقعية. فهي تغني معاناتها وأفكارها ومشاعرها بصرف النظر عن شاعرية الكلمات: "هل نسيتني ايها الخائن/ اكره ان اضايقك وأنت الى مائدة العشاء/ كانت صفعة في الوجه مغادرتك لي، وسرعة وصولها مكاني/ هل تفكر بي وأنت تناومها؟". على اثر ذلك النجاح انتقلت ألانيس للعيش في لوس انجيليس. والنقلة غيّرت حياتها تغييراً جذرياً. فالفتاة التي ترعرعت في كنف أسرة كاثوليكية محافظة أصبحت فجأة امرأة ناضجة، وبقدر ما كانت جرأتها جسارة مفاجئة باتت تعيش في العالم المفتوح المعرّض للتجارب الجنسية والمخدرات. تقول ألانيس التي أمست معروفة بآرائها الحادة "طالما قيل لي انني روح قديمة. يقولون انني دائمة الانقباض وداخلية. الحقيقة انني أفضل ان أتقدم في الحياة عوضاً ان يقودني أحد". وتضيف "ان معظم الأغاني التي اكتبها موجهة إليّ". الا أنها لم تستطع الاستقرار في علاقة، بينما تزوجت سيلين من مديرها الذي اطلقها رينيه مع أنه يكبرها بست وعشرين سنة! وهي تعترف بصراحة قل نظيرها: "الطريقة الوحيدة التي أشعر من خلالها ان رجلاً يريدني، عندما يترك رفيقته من أجلي. كم أتمنى ان أعود واعتذر من تلك الفتيات اللوائي سرقت رجالهن". في الآونة الأخيرة، وبعد طفرة الشهرة التي لاقتها والمال الذي تدفق عليها بالملايين، دخلت أنيسيت مدار العالم الروحاني. أصابها استقرار هادئ. وقررت السفر الى الهند وكوبا، لاستكمال مسيرتها الداخلية، حسب تعبيرها. والواقع ان أغاني موريسيت تنطق بواقع حياتها وتجاربها أكثر مما تفعل أغاني سيلين، ذات الرومانسية الشفيفة والتركيز على جمال الصوت واللحن.