انحاز الرئيس الايراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الى التيار المحافظ في الجدل المحتدم حول قرار "مجلس أمناء الدستور" إبعاد معظم المرشحين المعروفين بولائهم للرئيس سيد محمد خاتمي عن خوض المنافسة في انتخابات "مجلس خبراء القيادة" المقررة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري. وشدد رفسنجاني على أن المجلس الدستوري هو "المؤسسة المؤهلة لتحديد كفاءة المرشحين وأهليتهم، والحكم على مدى تمتعهم بدرجة الاجتهاد في الدين"، كما انتقد ضمناً أنصار خاتمي معتبراً أن اثارة "اشكالات" حول قضية إبعاد المرشحين في هذه المرحلة يخدم "أعداء الشعب والاسلام والمتربصين بهذا النظام الالهي". لكن يبدو أن للاصلاحيين الملتفين حول خاتمي رأياً مغايراً، ويتردد أن "تجمع علماء الدين المناضلين" روحانيون المحور الديني لتيار اليسار الاسلامي الراديكالي المؤيد لخاتمي سيسحب جميع مرشحيه من انتخابات الخبراء احتجاجاً على إقصاء الرموز الأساسية في التيار الديني الراديكالي، وخاصة عضو الشورى المركزي ل "روحانيون" حجة الاسلام موسوي خوئيني. ولم تخف معظم الأوساط الدينية والسياسية والشعبية صدمتها لقرار "مجلس أمناء الدستور" عدم منح خوئيني "أهلية" المشاركة في انتخابات "خبراء القيادة"، علماً أن خوئيني كان من المقربين الى مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله الخميني، وكان ممثله أثناء عملية احتجاز الرهائن داخل السفارة الأميركية في طهران في بداية الثورة، وشغل منصب رئيس المحكمة العليا. ويُنظر الى خوئيني على أنه من رموز التيار الاصلاحي، وهو قريب الى خاتمي، ويقال انه كبير مستشاري الرئيس غير المعلنين، كما أنه عضو في "مجمع تشخيص مصلحة النظام" بتعيين من مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي. كذلك أقصى "مجلس أمناء الدستور" شقيق المرشد مستشار خاتمي لشؤون الاعلام والصحافة حجة الاسلام هادي خامنئي، ونائب رئيس الجمهورية للتنمية والشؤون الاجتماعية حجة الاسلام عبدالله نوري، ووزير الداخلية السابق حجة الاسلام علي أكبر محتشمي. وعلمت "الحياة" ان خاتمي التقى المرشد خامنئي قبل أيام للبحث في قرارات "المجلس الدستوري"، وحذر خاتمي من "خطورة" المسألة على "صدقية" العملية الانتخابية وجديتها، لا سيما ما يتعلق بالمشاركة الشعبية "الواسعة المطلوبة" في هذا الاستحقاق المهم، إذ بدأت الأوساط السياسية والدينية تحذر من أن الناخبين قد يعتكفون عن التصويت إذا ما كان معظم المرشحين من لون واحد. كما علمت "الحياة" ان خاتمي اجتمع بأعضاء "مجلس أمناء الدستور" ليل أول من أمس على مأدبة عشاء وبحث معهم هذا الموضوع. ويلاحظ ان خاتمي يتصرف حتى الآن بصفته رئيساً للجمهورية وليس زعيماً أو رمزاً لتيار، علماً بأن أنصاره يتهمون "المجلس الدستوري" باتخاذ القرارات على أساس حزبي، لأن غالبية أعضائه من اليمين المحافظ، وهو ما ينفيه المحافظون بشدة، ويلاحظ ان الصحف المحسوبة على التيار المحافظ تدافع منذ أيام بصورة منتظمة ومركزة عن "المجلس الدستوري"، محذرة من "مغبة بث الشكوك في صدقيته". ويبدو ان رفسنجاني، الطامح في أن يصبح رئيساً ل "مجلس خبراء القيادة"، قرر الانحياز الى اليمين المحافظ في هذا الجدل - الصراع السياسي، اذ تحدث الى التلفزيون الرسمي، وقال ان "الظرف الراهن ليس ملائماً لطرح القضايا المثيرة والاشكالات وحتى الدعوات الاصلاحية بشأن الدستور"، ورأى ان ذلك يخدم "أعداء الشعب والاسلام والمتربصين بهذا النظام الالهي، وهم يتحينون الفرصة لتوجيه ضربة انتقامية". وشدد على أنه "لا مفر لجميع أفراد الشعب وأنصار الثورة من الوحدة". ولم ير رفسنجاني أي حرج في القول بما يثير الاستغراب ان "جميع أشكال المعارضة غير خالصة أو نقية، بل انها مشوبة بالقضايا الدنيوية والفئوية والمنافع السياسية". وأشار الى الجدل حول مهمة وقرارات "مجلس أمناء الدستور"، واعتبر هذه المؤسسة "هي المؤهلة لتقييم مؤهلات مرشحي الخبراء". ودافع عن قرار المجلس باجراء "اختبارات" كتابية وشفهية لبعض المرشحين لتحديد مدى امتلاكهم درجة "الاجتهاد" في الدين، الأمر الذي يتناقض مع رأي الاصلاحيين، الذين رأوا في اخضاع رموز دينية معروفة الى الامتحان "إهانة كبرى"، بما دفع معظمهم، وبينهم عبدالله نوري ومحتشمي وخامنئي وغيرهم، الى مقاطعة جلسة الاختبار التي عقدت في حوزة قم أخيراً.