انتقل بسلاسة وسرعة قسم كبير من الأسلحة الثقيلة والذخائر التي سيطر عليها مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) في الموصل غرب العراق إلى مدينة الرقة وبلدة الشدادي معقلي "داعش" في شمال شرقي سورية بتجاهل كامل للحدود السورية - العراقية. وبات شريط سيطرة التنظيم يمتد من محافظة نينوى وقسم من الأنبار غرب العراق، إلى منبح والباب في ريف حلب شمالاً على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السورية - التركية، ما يعتبر ترجمة لشعار التنظيم من أن "الدولة الإسلامية باقية وتتمدد". وقال رئيس "الاتحاد الديموقراطي الكردي" صالح مسلم ل "الحياة" إن الحدود العراقية - السورية باتت تحت سيطرة مقاتلي "داعش" باستثناء معبر اليعربية - تل كوجر، ذلك أن التنظيم حاول السيطرة على المعبر بعد سيطرته على الموصل "لكن مقاتلي البيشمركة (العراقية) وقوات حماية الشعب الكردي (السورية) قاتلوا ضد التنظيم وصدوه في قرية السلمية على بعد نحو 20 كيلومتراً من تل كوجر"، في اول عمل مشترك بين الجانبين المتخاصمين. من جهته، أوضح مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبدالرحمن ل "الحياة" أمس أنه بعد سيطرة "داعش" على الموصل أزال مقاتلوه السواتر الترابية على الحدود مع سورية، وباتت سيطرتهم تمتد من الريف الشمالي لدير الزور الى مدينة البصيرة وصولاً إلى بلدة الشدادي التابعة للحسكة، وإلى تقاطع نهري الفرات والخابور، وعلى "جزء كبير" من الريف الشرقي لدير الزور التي تتعرض لحصار شديد نتيجة هجوم التنظيم على الريف الشرقي والغربي والجنوبي الغربي والمدخل الشمالي للمدينة. وبات مقاتلو "داعش" ينقلون أسلحة إلى دير الزور عبر قوارب صغيرة في نهر الفرات مصدرها ريف حلب وبعض مناطق الحسكة باتجاه العراق شرقاً. واعتبرت المعارضة محافظة دير الزور "منطقة منكوبة"، وأطلق ناشطون شعار "دير الزور تستغيث" لتظاهرات امس (الجمعة). ويخوض مقاتلو المعارضة السورية في دير الزور معارك على جبهتين: الأولى تتركز داخل المدينة ضد قوات النظام، والثانية في ريفها الشمالي ضد "داعش". وكان "داعش" ربط ريف دير الزور بمدينة الرقة التي كان التنظيم حولها في شكل تدريجي معقلاً له بعد خروجها عن سيطرة النظام في آذار (مارس) العام الماضي. وأوضح الناشط هادي سلامة ل "الحياة" في رسالة إلكترونية من الرقة أن التنظيم "يحكم سيطرته على كامل الرقة متخذاً مراكز له في جميع المباني الحكومية، وتشمل قصر المحافظ ومبنى المحافظة والمحكمة الشرعية ومكتب الحسبة ودار القضاء ومكتب الشرطة الإسلامية ومكتب الخدمات الإسلامية وسهم اليتيم ومراكز السجون". وقال ناشط آخر إن جميع مناطق ريف الرقة تخضع لسيطرة التنظيم باستثناء قريتين تقعان تحت "جبهة النصرة" و"لواء ثوار الرقة". وامتد نفوذ مقاتلي "داعش" غرباً إلى ريف حلب الشمالي واقتربوا من الحدود التركية. وقال صحافي متابع للتنظيمات الإسلامية المقاتلة: "وصل داعش إلى بعد سبعة كيلومترات من معبر باب السلامة، لكن مقاتليه لم يكونوا بصدد الدخول في مواجهة مع تركيا"، مضيفاً: "من مدينة البوكمال على حدود العراق إلى حدود تركيا، أقام التنظيم 15 حاجز تفتيش في كل واحد منها ما بين 4 و6 مقاتلين للسيطرة على شريط البوكمال - ريف دير الزور - الرقة - الباب - منبج" في حلب. واندلعت في نهاية العام الماضي مواجهات بين "داعش" من جهة و "النصرة" وكتائب إسلامية أخرى، خصوصاً "الجبهة الإسلامية"، من جهة اخرى، أدت إلى انكفاء "داعش" من ريفي حلب وادلب في شمال سورية وشمالها الغربي، مع صلابة لدى التنظيم في الدفاع عن معقله في شمال شرقي سورية مستفيداً من خطوط الإمداد من العراق. وبقيت مدينة حلب تحت سيطرة كتائب إسلامية وأخرى في "الجيش الحر" مثل "جيش المجاهدين" و "لواء التوحيد" و "النصرة"، مقابل سيطرة "داعش" على ريفه الشمالي وخصوصاً منبج والباب بعدما تقهقر في معاقل أساسية مثل الأتارب والدانا، في حين يسيطر مقاتلو "قوات حماية الشعب الكردي" على ثلاثة كانتونات: الحسكة وتمتد من راس العين (سري كانيه) و30 كيلومتراً غرباً على حدود تركيا إلى القامشلي وعين ديوار واليعربية على حدود العراق. منطقة عفرين بين حلب وحدود تركيا. ومنطقة عين العرب (كوباني) على حدود تركيا إلى تل أبيض بشريط يتراوح عمقه بين 30 و60 كيلومتراً، بحسب تقديرات مسلم يوم أمس. وأوضح عبدالرحمن ان "الأولوية للتنظيم حالياً لربط جانبي حدود سورية والعراق بهدف اقامة دولته الموعودة"، لافتاً إلى أن الاشتباكات "توقفت" بين "داعش" و "النصرة" في مدينة دير الزور وسط معلومات عن مفاوضات لعقد هدنة بين الطرفين.