توقع رئيس الأركان الأميركي الأميرال مايك مولن «عملية انتقالية منظمة» في الجيش التركي، في حين حسم مشهد ترؤس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اجتماع المجلس العسكري الاعلى في أنقرة أمس، للمرة الأولى من دون شريك عسكري، مستقبل العلاقة بين الحكومة والجيش التركيين، في اتجاه خضوع المؤسسة العسكرية لحكم الساسة المنتخبين. ورغم أن الاجتماعات تستمر أربعة أيام، يُعلَن بعدها ما أُنجِز من تعيينات وترقيات في صفوف الجيش، إلا أن صورة أردوغان الجالس بثقة على رأس طاولة اجتماع امس، وإلى يمينه قائد القوات البرية الجنرال نجدت أوزال الذي يثق به وسيصبح الرئيس الجديد للأركان، وإلى يساره وزير الدفاع عصمت يلماز، عكست بدء عهد جديد في العلاقة بين الجناحين العسكري والمدني في الاجتماع، بعد استقالة الرئيس السابق للأركان الجنرال إشق كوشانير وقادة القوات البرية والبحرية والجوية. وفي غرفة الاجتماعات في مركز قيادة الجيش في أنقرة، وضع أردوغان قبضتيه على الطاولة، فيما لم تظهر أيدي الجنرالات المحيطين به. كما تقدم أردوغان الجنرالات، خلال زيارتهم ضريح مصطفى كمال أتاتورك بعد الجلسة الافتتاحية، في الوقت الذي كان يُخصص عادة لغداء عمل للمشاركين في الاجتماع، إذ أُلغي الغداء هذه السنة لمصادفته شهر رمضان. وبعد وضعه إكليلاً من الزهر على الضريح، كتب اردوغان في كتاب الزوّار: «قواتنا المسلحة تحرز تقدماً كبيراً في واجباتها الدفاعية ومن خلال تحسين رؤيتها». وغادر أردوغان الاجتماع بعد الجلسة الافتتاحية، وترك أوزال يرتّب هيئة الأركان الجديدة ويختار قياداتها، وفق التراتبية والخبرة، متجنباً الأسماء التي وردت في أي تحقيق في قضايا انقلابية ضد الحكومة. وبرزت في الاجتماع مشاركة الجنرال نصرت تاشديلير، قائد جيش بحر إيجه، والذي كان مدّعون أصدروا الجمعة الماضي مذكرة باعتقاله، إضافة الى 21 آخرين، بينهم 6 جنرالات، لاتهامهم بالتورّط بمؤامرة عبر الانترنت لزعزعة حكومة اردوغان. وتشير مصادر عسكرية الى أن أوزال قد يُضطر الى ترقية بعض الضباط الى رتبة جنرال، من أجل سدّ بعض الثغرات والفراغات في التراتبية العسكرية، بعد توقيف 43 جنرالاً، ورفض الحكومة ترقية أسماء أخرى تشكّ في ولائها. في هذا السياق، يبرز منصب قائد القوات البرية، والذي كان يُفترض أن يشغله الجنرال سالديراي بيرك، ولكن يُرجّح استبعاده لاتهامه بالتورط بقضية تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي، على غرار المرشح الثاني، الجنرال أصلان غونر، لرفضه مصافحة الزوجة المحجبة للرئيس عبد الله غل. كما أشارت مصادر في الجيش الى احتمال تقديم جنرالات استقالاتهم بعد اجتماع المجلس العسكري، احتجاجاً على الترقيات وتضامناً مع كوشانير الذي طلب إحالته على التقاعد المبكر، قبل نهاية خدمته. ويجمع الساسة على أن سيطرة أردوغان على الجيش ووضع رئاسة الأركان في يدي أوزال الذي يقول مقرّبون منه إنه يدعم طروحات الحكومة لتسوية القضية الكردية، سيسهّلان على الحكومة مناقشة صوغ دستور جديد لتركيا، في شكل أكثر حرية خلال الشهور المقبلة. إذ ينوي رئيس الوزراء تحجيم دور الجيش مؤسساتياً، من خلال الدستور الجديد، وتحديد مهماته في الدفاع عن الوطن ومنعه من التدخل في أي شأن سياسي، إضافة إلى تحويله جيشاً محترفاً. وهذه مسائل كان يمكن أن تثير توتراً بين الجيش والحكومة في عهد كوشانير وضباط أتاتوركيين يصرّون على بقاء الجيش سلطة منفصلة عن الإدارة السياسية، من أجل مراقبة الساحة السياسية وضمان تنفيذ تعاليم أتاتورك. وأقرّ زعيم المعارضة البرلمانية كمال كيليجدارأوغلو بما شهده الجيش، معتبراً أن من حق الحكومة إجراء تعديلات في قيادات المؤسسة العسكرية، لكنه طالب بمعرفة حقيقة ما حصل، وتفاصيل الخلاف بين القيادة القديمة والحكومة. الى ذلك، توقّع رئيس أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايك مولن «عملية انتقالية منظمة» في الجيش التركي، مشدداً على العلاقة الوثيقة بين الجيشين الأميركي والتركي. وقال: «لم أرَ مؤشراً في ذلك (في تغيير القيادات العسكرية التركية)، إلى تأثر العلاقات العسكرية (مع الولاياتالمتحدة) على الإطلاق، وهي قوية جداً».