قلصت وزارة الداخلية الفرنسية، بالاتفاق مع وزارة العمل، قائمة المهن المسموح بأن يشغلها الأجانب من 30 إلى 15 مهنة. وتلقت النقابات والشركات تعليمات تمنع تشغيل المهاجرين في أعمال غير تلك التي كانت متاحة في السابق، وضرورة اللجوء إلى توظيف الفرنسيين أو المهاجرين الأوروبيين في أسوأ الأحوال. فرنسا تعلن حال الاستنفار لمواجهة البطالة، ونحن في السعودية تركنا «هيئة الاستثمار» تمنح انصاف الموهوبين والمغامرين من الأجانب تسهيلات لا يحلم السعودي بنصفها، على رغم تنامي البطالة بين المواطنين. وهذا «الإنجاز» الخطير كما يصفه خبير تخطيط المشاريع سليمان العريني «حققته الهيئة، ولم تحققه أية دولة أخرى»، فضلاً عن ان الهيئة تقدم معلومات مضلِّلة في قضية موقع المملكة التنافسي لتبرير التسهيلات التي تمنحها للأجانب على حساب فرص السعوديين، رغم ان هذا المركز المزيف ليس مقياساً لموقع البلد في ما يسمى التنافسية، بل مؤشر الى تسهيل حصول الأجانب على تراخيص لنشاطات، هدفها خطف فرص الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من الشباب السعودي. لا شك في ان تضخيم شعار «التنافسية» غيّب خطورة فتح أسواق البلد من دون ضوابط وشروط، وهذا ما يراه أستاذ الاستراتيجيا في جامعة هارفارد، مايكل بورتر الذي يعتقد بأن «السعودية ليست في المركز ال11 في التنافسية الدولية، وما زال هناك الكثير مما يجب عمله لتتقدم السعودية في التنافسية»، ومنه «تطوير الموارد البشرية المحلية». وهو يتفق مع الخبراء السعوديين في أن القضية «تعكس سهولة تنفيذ الأعمال» وإن شئت سهولة حصول الأجانب على السجلات التجارية. ويؤيد هذا الرأي الاقتصادي السعودي عبدالحميد العمري الذي يرى ان «هيئة الاستثمار وظّفت غير السعوديين، وساهمت في زيادة حجم التحويلات الأجنبية الى الخارج التي بلغت العام الماضي 99 بليون ريال». الأكيد ان وزارة الداخلية الفرنسية أدركت خطورة البطالة ووزارة الداخلية السعودية تدرك هذه الخطورة، وهي مطالبة بمراقبة توجهات هيئة الاستثمار التي قررت فتح البلد لكل من هبّ ودبّ وتزييف صورة الاقتصاد بوعود المدن الاقتصادية التي ثبت فشلها. فَمَنْ يعلّق الجرس؟ مَن يحمي شباب البلد من هيئة الاستثمار، مَن يوقف الانقضاض على فرص العمل وخطفها من السعوديين؟