تطرق الكاتب في مقاله إلى تقارير التنافسية الدولية، وما حققته المملكة من مركز متقدم في تصنيفها الدولي، محاولاً التقليل من أهمية هذا المركز، واعتبره مؤشراً على تسهيل منح الأجانب تراخيص وسجلات تجارية، وخطف فرص الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من الشباب السعودي! ويؤكد الكاتب في مقاله أن ما يقوله عن تنافسية البيئة الاستثمارية بالمملكة يتوافق مع رأي السيد/ مايكل بورتر أستاذ الاستراتيجيات في جامعة هارفارد، كذلك الخبراء السعوديين عن وضع المملكة في تقارير التنافسية الدولية. ونظراً لعدم صحة ما ورد في مقال الكاتب، الذي تضمن كثيراً من المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة، وسعياً من الهيئة العامة للاستثمار إلى وضع القارئ الكريم - داخل المملكة وخارجها - أمام الحقائق كما هي يسرني توضيح الآتي: أولاً: بخصوص ما ذكره الكاتب عن رأي السيد مايكل بورتر حول ما حققته المملكة في التنافسية الدولية، فإنه يفتقد الدقة، ويخالف رأيه الحقيقي بهذا الموضوع، ولعله من المناسب هنا الإشارة إلى ما قاله السيد/ بورتر في صحيفة «الاقتصادية»، العدد «6375»، وتاريخ «26 - 3 - 2011»، حول ما ينشر في الصحف ويردده البعض من آراء وتصريحات غير صحيحة تم نسبها إليه على أنها تمثل آراءه حول تنافسية البيئة الاستثمارية بالمملكة والاقتصاد السعودي بشكل عام، ونورد للكاتب مقتطفاً من رد السيد مايكل بورتر، الذي يمثل رأيه الشخصي حول بيئة الاستثمار في المملكة: «إن للمملكة العربية السعودية تاريخاً يشهد أنها تعتمد على الموارد الطبيعية في مجال النمو الاقتصادي، ومع ذلك فمنذ خمس سنوات ماضية، بدأت الدولة في التركيز على التنافسية، ولقد تم إنجاز الكثير من التقدم لتحسين البنية التحتية والتعليم وتسهيل مباشرة الأعمال التجارية وجذب المستثمرين الأجانب، وفي الكثير من النواحي الأخرى. إن سياسات السعودية في مجال الاقتصاد الكلي ما هي إلا سياسات سوية وراسخة مكنتها من التغلب على الأزمة المالية بصورة أفضل من كثير من الدول ما ساعدها في الاستثمار في البنية التحتية وفي الأصول الأخرى، بينما أُجبرت الدول الأخرى على الإنفاق في قروض الإنقاذ. لقد تم التفكير في جعل التنافسية السعودية لتعمل على تحسين معدلات التنافسية الدولية»، انتهى حديث السيد مايكل. أما آراء الخبراء السعوديين الذين أشار إليهم الكاتب في مقاله فإنه لم يقدم - للأسف - أية معلومات أو تفاصيل عن هؤلاء الخبراء وعددهم، والمصادر التي استقى منها آراءهم. ثانياً: التقرير الذي يتحدث عنه الكاتب في مقاله وحققت فيه المملكة مركزاً متقدماً هو تقرير أداء الأعمال الصادر عن البنك الدولي؛ ويعد من أهم التقارير الدولية التي تُعنى بتقويم تنافسية قطاع الأعمال في أكثر من 183 دولة بناء على معايير ومؤشرات محددة، وقد حرصت الهيئة العامة للاستثمار على التعامل مع مؤشرات هذا التقرير نظراً لعلاقته بعمل الهيئة، وبالمهام المناط بها، كونه يرصد، سنوياً، الإصلاحات التي تجريها الدول على الأنظمة والإجراءات ذات الصلة برفع تنافسية بيئة الاستثمار، ويقوم فريق إعداد التقرير سنوياً، بالتعاون مع مستشارين أكاديميين، برصد التطورات التي تجريها كل دولة من خلال محامين، ورجال أعمال محليين، ومحاسبين، ووكلاء شحن وغيرهم، ويعقد فريق إعداد التقرير جولات تفاعلية عدة مع هؤلاء الخبراء من خلال إجراء محادثات هاتفية جماعية، وتبادل المراسلات الكتابية، وزيارات الدول التي يشملها التقرير. للتحقق من دقة البيانات، إذ تخضع البيانات والمعلومات التي يتم جمعها لاختبارات متعددة للتأكد من سلامتها ودقتها. علماً بأن القائمين على إعداد التقرير يشترطون عند دراسة الأنظمة والإجراءات التي يتم تطبيقها على الشركات شروطاً عدة، أهمها أن تكون شركة ذات مسؤولية محدودة، وأن تكون مملوكة بالكامل (100 في المئة) من مواطنين محليين، فمن أهداف التقرير الرئيسة خفض كلفة تأسيس الشركات، وتقليل عدد الإجراءات لزيادة معدل تكوين الشركات التي يمتلكها المواطنون، وهو ما تحقق على أرض الواقع لدينا بالمملكة... فطبقا للبيانات التي تم الحصول عليها من المركز الموحد لتسجيل الشركات بوزارة التجارة والصناعة - تم تأسيسه لتسجيل الشركات وفقاً لمعايير ومتطلبات التقرير - فإنها تشير إلى الأثر الإيجابي والفوري للتغييرات والإصلاحات التي تمت في معدل تسجيل الشركات، فخلال الفترة من «1 إلى 14 - 4 -2010»، أي قبل استكمال تطبيق الإصلاحات المتعلقة بتسجيل الشركات، كان معدل تسجيل الشركات في الأسبوع 43 شركة محلية، وفي الأسابيع التي تلت ذلك التاريخ ارتفع إلى 71 شركة في المتوسط أسبوعياً، كما سجل متوسط الوقت المستغرق في إنهاء الإجراءات للشركات المتقدمة 2.5 يوم، وبالتالي الحديث عن أن المركز المتقدم الذي حققته المملكة في هذا التقرير بأنه مؤشر على سهولة حصول الأجانب على سجلات تجارية حديث عار عن الصحة، بل هو مؤشر على حجم الإصلاحات التي أنجزتها المملكة لتسهيل الإجراءات وتمكين الشباب من التحول من باحثين عن عمل إلى أرباب أعمال، وأنه أيضاً محفز لإجراء مزيد من الإصلاحات والدخول في سباق التنافسية الدولية مع دول متقدمة وعريقة في هذا المجال لتنمية الاستثمارات المحلية بالمملكة، وزيادة حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية والمشتركة إليها. ثالثاً: أما في ما يخص النقاط الأخرى التي ذكرها الكاتب في مقاله، كإشادته بالخطوة التي قامت بها وزارة الداخلية الفرنسية (بالتنسيق مع وزارة العمل) بتحديد المهن المسموح للأجانب العمل بها للحد من البطالة في فرنسا، ومطالبة الكاتب بتطبيق مثل هذه الخطوة في المملكة، فلا تعليق لدينا على ذلك، وهذه الإشادة والرغبة في تطبيق التجربة الفرنسية للحد من البطالة هي حق من حقوق الكاتب، ولكن ما يثير الاستغراب والدهشة هو إقحام هيئة الاستثمار في هذا الموضوع، فتنظيم سوق العمل، وتحديد المهن المسموح للأجانب بممارستها في المملكة من اختصاصات وزارة العمل، ومثل هذا الخلط وإقحام الهيئة في أمور لا علاقة بها هو امتداد لسلسلة الإساءات والإدعاءات التي دأب الكاتب على توجيهها إلى الهيئة في مقالاته المختلفة، كذلك نقله وتكراره لمعلومات غير دقيقة تتعلق بالهيئة لم يتحقق من مدى صحتها وهي أن هيئة الاستثمار رفعت من حجم التحويلات الأجنبية إلى الخارج لتصل إلى 90 بليوناً من دون الرجوع إلى بيانات موثقة تصدرها جهات رسمية توضح حجم ما يتم تحويله من الشركات الأجنبية ومقارنته بإجمالي التحويلات التي يقوم بها ملايين العاملين الأجانب. أخيراً، نود الإشارة إلى أن الهيئة العامة للاستثمار حريصة كل الحرص على توضيح الحقائق والتفاعل مع كل ما يطرح من آراء ومعلومات غير صحيحة تضر بسمعة بيئة الاستثمار بالمملكة وبالاقتصاد السعودي بشكل عام لدى رجال الأعمال داخل المملكة وخارجها، خصوصاً في صحيفة مثل «الحياة» التي تحظى بمتابعة كبيرة داخل المملكة وخارجها. مدير إدارة الإعلام بالهيئة العامة للاستثمار