مجلس الشورى السعودي اعتاد استقبال مواطنين لسماع مطالبهم. الثلثاء الماضي كان مختلفاً. على الموعد، جاءت فتاة سعودية من أقصى البلاد لطرح مشكلتها. بدأت كلامها مخاطبة رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ، قائلة: «والدي وأخي، أرجو إيصال معاناتي، فكل ما أتمناه أن أحصل على عمل. منذ 15 سنة انتظر وظيفة». لكنها لم تستطع مواصلة الحديث، أجهشت بالبكاء. هزمها الانكسار. خرجت الفتاة من المجلس، عادت الى بيتها تنتظر، نشرت الصحافة قصتها، وفي تلك الليلة بكت معها عشرات الآلاف من السعوديات العاطلات من العمل. يجب ان نكفكف دموع هذه الفتاة. من المعيب ان تبكي مواطنة سعودية لأنها لا تجد وظيفة في بلد سينفق أكثر من 400 بليون ريال على البنية التحتية فقط، ناهيك عن المشاريع الأخرى للتنمية، ويعيش فيه أكثر من 8 ملايين أجنبي ويجدون أعمالاً، ويحوّلون 90 بليون ريال سنوياً من فائض دخولهم. مللنا الندوات والمؤتمرات والوعود. معدل البطالة بين النساء في بلادنا يقارب 28 في المئة، و76 في المئة منهن جامعيات، على رغم اننا نتحدث عن «السعودة» منذ 15 سنة، وإن شئت منذ بدأت فتاة مجلس الشورى في البكاء. إلى متى نتفرج على تنامي البطالة لدى بناتنا وأولادنا؟ من ينقذ بناتنا من العوز والحاجة؟ رئيس هيئة الاستثمار قال قبل سنوات إن المدن الاقتصادية ستتيح 5 آلاف وظيفة وصدّقناه، على رغم ان نسب البطالة تسلك اتجاهاً تصاعدياً منذ العام 2000. الى متى نستمر في التعامل مع المسكّنات والوعود والمؤتمرات، وقوائم تزييف موقعنا الاقتصادي بين الدول؟ ما فائدة الموقع والناس تعاني البطالة؟ الى متى ندفع نصف راتب العامل السعودي وكأنه لاجئ؟ الى متى يخطف الأجنبي فرص السعوديين بحجة التنافسية والاستثمار الأجنبي المغشوش؟ ومَنْ قال إننا بحاجة الى مستثمرين طفيليين، يوظفون بني جلدتهم؟ الى متى نسكت على توظيف الأجنبي على حساب المواطن والمواطنة؟ انا على يقين ان دموع تلك الفتاة لن تكون بخسة لدى الرجال الغيورين. والخطوة الأولى التي نتوقعها ان يطلب رئيس مجلس الشورى من هيئة الاستثمار الحضور تحت قبة المجلس، ويسألها عن هذا الاستثمار الذي يفاقم البطالة ويخطف أموال البلد.