استدعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي كبار وزرائها لحضور اجتماع حكومي خاص اليوم (الخميس) لمناقشة الانضمام إلى الولاياتالمتحدة وفرنسا في عمل عسكري محتمل ضد سورية بسبب هجوم كيماوي مزعوم على مدنيين، فيما حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن أي تحركات محتملة ضد بلاده ستؤدي الى «مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد السلم والأمن الدوليين». وبعد أن حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب روسيا أمس من عمل عسكري وشيك في سورية، قال اليوم إن توجيه ضربة عسكرية محتملة لسورية «قد يكون قريباً جداً وقد لا يكون كذلك». وحذرت روسيا الغرب من مهاجمة حليفها السوري الرئيس بشار الأسد الذي تدعمه إيران أيضاً. وقالت إنه لا يوجد أي دليل إلى وقوع هجوم كيماوي في مدينة دوما السورية القريبة من دمشق. واستدعت ماي الوزراء من عطلة عيد القيامة لحضور اجتماع خاص للحكومة في «داونينغ ستريت» اليوم الساعة 3.30 عصرا (1430 بتوقيت غرينتش) للبحث في رد بريطانيا على ما وصفته ب«الهجوم الوحشي الذي لا يمكن أن يمر من دون رد». وقال وزير شؤون الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيز: «لا قرار حتى الآن. ستجتمع الحكومة بكامل هيئتها الساعة 1530 (بالتوقيت الصيفي البريطاني) للبحث في الأمر». وأضاف أن «الوضع في سورية مروع. استخدام الأسلحة الكيماوية أمر يتعين على العالم منعه. لكن الظرف دقيق للغاية أيضاً وعلينا اتخاذ هذا القرار بترو وعلى أساس مدروس». وكانت جماعة «جيش الإسلام» السورية المعارضة هي أول من تحدث عن هجوم دوما يوم السبت. ومن المزمع أن يجري مفتشون تابعون إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحقيقاً في الواقعة. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن ماي مستعدة لاتخاذ قرار المشاركة في التحرك بقيادة الولاياتالمتحدة من دون طلب موافقة مسبقة من البرلمان. وامتنع متحدثون باسم «داونينغ ستريت» مراراً عن التعليق على هذا التقرير. وقالت ماي للصحافيين أمس إن «الهجوم الكيماوي الذي وقع يوم السبت في دوما في سورية صادم ووحشي. وكل المؤشرات تقول إن النظام السوري مسؤول». وماي ليست ملزمة بالحصول على موافقة البرلمان، لكن هناك اتفاقاً دستورياً غير ملزم بالحصول على تأييد البرلمان وضع منذ التصويت العام 2003 على الانضمام للغزو الأميركي للعراق. وجرى التزام هذا الاتفاق في الانتشار العسكري في ما بعد في ليبيا والعراق. وتساور الشكوك العديد من المشرعين والناخبين البريطانيين حيال التورط في الحرب السورية. وتشن بريطانيا ضربات جوية في سورية من قاعدتها العسكرية في قبرص لكنها لا تستهدف سوى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وكان الأسد قال اليوم خلال استقباله مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي، في تصريح نقلته وكالة الانباء السورية (سانا): «مع كل انتصار يتحقق في الميدان، تتعالى أصوات بعض الدول الغربية وتتكثف التحركات، في محاولة منهم لتغيير مجرى الأحداث. وهذه الأصوات وأي تحركات محتملة لن تساهم إلا في المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين». من جهته، قال ولايتي إن «صمود سورية في واحدة من أعتى الحروب الإرهابية، وتصميم شعبها على النصر على رغم كل الدعم والتمويل والتسليح الخارجي لهذه الحرب، هو نموذج يحتذى به لكل شعب من الممكن أن يتعرض لمثل هذا النوع من الحروب»، مؤكدا أن إيران كانت وستبقى دائماً إلى جانب سورية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ناشد أمس، الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن «تجنب خروج الوضع في سورية عن السيطرة»، معربا عن «قلقه العميق في شأن المأزق الراهن»، مع تزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية غربية الى النظام السوري. وقال غوتيريش في بيان: «اليوم، اتصلت بسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدةوروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، لأكرر قلقي العميق في شأن مخاطر المأزق الحالي، وأشدد على ضرورة تجنب خروج الوضع عن السيطرة». وأضاف «أتابع من كثب التطورات في مجلس الأمن، وآسف لأن المجلس لم يتمكن حتى الآن من التوصل إلى اتفاق في شأن هذه المسألة»، متابعاً «دعونا لا ننسى أنه، في نهاية المطاف، يجب أن تنصبّ جهودنا على إنهاء المعاناة الرهيبة للشعب السوري». ودعت بوليفيا الى عقد اجتماع لمجلس الامن اليوم في شأن التهديد بعمل عسكري ضد سورية، وفق ما افاد ديبلوماسيون أمس. واوضحت بوليفيا، العضو غير الدائم في مجلس الامن والمعروفة بتأييدها الموقف الروسي، ان هذا الاجتماع المغلق سيتناول «التصعيد الاخير في الخطاب حول سورية والتهديد باللجوء الى خطوات احادية الجانب». واوضح الديبلوماسيون ان الاجتماع المذكور سيعقد فور انتهاء اجتماع مخصص لمناقشة جهود منع انتشار اسلحة الدمار الشامل ومقرر في الساعة العاشرة (14:00 توقيت غرينيتش). ورفضت الناطقة باسم البيت الابيض ساره ساندرز ما أعلنته روسيا من ان الهجوم في دوما قد يكون تم اختلاقه، مشيرة الى ان «ترامب لا يزال يدرس الخيارات العسكرية للرد على الهجوم». وقالت إن «المعلومات الاستخبارية تعطي بالتأكيد صورة مغايرة»، وأضافت أن «الرئيس يحمّل الاسد والروس مسؤولية الهجوم بالاسلحة الكيماوية». وتفيد تقارير بان ترامب يدرس خيار شن ضربات بواسطة صواريخ ضد منشآت مرتبطة بانتاج وتسليم غازي الكلور والسارين او مركّبات تشبه غاز السارين. الا ان عددا كبيرا من المنشآت العسكرية السورية الحساسة محمية بواسطة منظومات دفاع صاروخي روسية، او موجودة داخل قواعد يوجد فيها عسكريون روس وايرانيون وسوريون. ولم تستبعد ساندرز احتمال حصول اشتباك عسكري مباشر مع روسيا، ما يعنيه ذلك من مواجهة بين القوتين النوويتين العظميين. واستخدمت روسيا الثلثاء الماضي «حق النقض» (فيتو) في مجلس الامن ضد مشروع قرار اميركي يقضي بانشاء آلية تحقيق حول استخدام الاسلحة الكيماوية في سورية، بينما أفشلت واشنطن وحلفاؤها مشروعي قرارين بديلين طرحتهما موسكو، لتتعمق الانقسامات بين اعضاء المجلس حول النزاع السوري، وترتسم أكثر فأكثر معالم ضربة عسكرية غربية وشيكة لدمشق. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حذر روسيا من المضي في دعم النظام السوري، مؤكدا أن «صواريخ جديدة وذكية» ستضرب قريبا سورية، ما يدفع باتجاه تصعيد خطر بين القوتين على خلفية اتهام واشنطن وحلفاؤها النظام السوري بشن هجوم كيماوي على مدينة دوما، آخر معقل للمعارضة في الغوطة الشرقية للعاصمة ونفي دمشق وحليفتيها موسكو وطهران هذا الاتهام.