بينما تصاعدت أمس نذر توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، على خلفية اتهامه باستخدام السلاح الكيماوي في القصف الذي تعرضت له مدينة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق، آخر الجيوب التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة، سعت موسكو ودمشق إلى تفادي التصعيد العسكري عبر التلويح بورقة السماح بإجراء تحقيق في استخدام السلاح الكيماوي. وأعلنت مساء أمس منظمة حظر السلاح الكيماوي «إرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى دوما». وأعلن البيت الأبيض، أن الرئيس دونالد ترامب لن يحضر القمة الأميركية- اللاتينية في عاصمة بيرو من أجل تركيزه على الملف السوري». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الولاياتالمتحدة «تدرس رداً عسكرياً جماعياً على ما يشتبه بأنه هجوم بغاز سام في سورية»، بينما توقع خبراء أن تركز الضربات الانتقامية، إذا وقعت، على منشآت مرتبطة بما ورد في تقارير سابقة عن هجمات بالأسلحة الكيماوية. وأشاروا إلى ضربات محتملة لقواعد تشمل قاعدة الضمير الجوية، التي توجد بها الطائرات الهليكوبتر السورية من طراز مي-8 والتي تربطها وسائل التواصل الاجتماعي بالضربة في دوما. وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بأنه لا علم له بأي قرار بتنفيذ ضربة انتقامية، لكنه ذكر أن «أي خطط لهجوم محتمل قد تركز على أهداف مرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري بينما سيسعى لتفادي أي شيء قد يؤدي إلى انتشار غازات سامة في مناطق مدنية». من جانبها، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنها أجرت صباح أمس اتصالاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيخلفه اتصال آخر مع ترامب لبحث تطورات الأحداث في سورية. ووصفت ماي، في تصريح صحافي بمقاطعة كامبريدجشير، الهجوم الكيماوي المزعوم على دوما ب «الاعتداء الهمجي»، مشددة على أن لندن تعمل في شكل عاجل مع حلفائها وشركائها بغية الوصول إلى ملابسات ما حدث». وامتنعت ماي عن الرد مباشرة على سؤال بخصوص ما إذا كانت بريطانيا ستنضم إلى الولاياتالمتحدة إذا قررت واشنطن الرد عسكرياً، واكتفت بالقول: «نعتقد أنه من الضرورة محاسبة المسؤولين (عن الهجوم)». وفي باريس، أكد الناطق باسم الحكومة الفرنسية أنه «إذا تم تجاوز الخط الأحمر» في سورية، فسيكون هناك «ردّ»، مشيراً إلى أن المعلومات التي تبادلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأميركي «تؤكد مبدئياً استخدام أسلحة كيماوية». في المقابل، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عن أمل بلاده في «ألا تصل الأمور إلى مستوى التهديد باندلاع مواجهة عسكرية بين روسياوالولاياتالمتحدة». وأكد في مؤتمر صحافي، أن موسكو «لا تزال تجري اتصالات عملية مع واشنطن بخصوص سورية، وأن الطرف الروسي يأمل في أن تنتصر العقلانية في هذا البلد». وذكر أن موسكو «قلقة من التصريحات الأميركية بخصوص إمكانية توجيه ضربة عسكرية إلى سورية»، مشدداً على أن هذا الأمر «غير مقبول إطلاقاً وفي غاية الخطورة». وبالتزامن مع ذلك، وجهت وزارة الخارجية السورية «دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإرسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة دوما والتحقيق في الادعاءات في حادثة الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية»، كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو ستقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن ينص على إرسال خبراء إلى دوما للتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيماوية. وأكد أن بلاده «لن تقبل باستنتاجات خبراء تم التوصل إليها عن بعد». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا إلى إجراء «تحقيق دقيق» حول استخدام الكيماوي. وكتب غوتيريش في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «أنا ممتعض إزاء الأنباء الأخيرة عن استخدام السلاح الكيماوي. وهي تتطلب تحقيقاً دقيقاً من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من دون أي قيود أو عوائق».