قدَّم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، مساء أول من أمس (السبت)، واجب العزاء لأسرة الموسيقار سراج عمر في منزله بحي الرويس في جدة. وثمَّن ابن الفقيد لأمير مكةالمكرمة هذه الزيارة لمواساتهم في فقيدهم. وتعليقاً على رحيل سراج، وصف أخطبوط العود الفنان عبادي الجوهر الراحل بأستاذ الأجيال في اللغة الخاصة بالجملة اللحنية الموسيقية، مضيفاً أن ما قدمه للأغنية والموسيقى السعودية يعد رقياً ونقلة ومرحلة جديدة، كونها في أوج ازدهارها ونهضتها. وأشار إلى أن مؤلفاته في التوزيع الموسيقي مكتبة تعد مرجعاً وإرثاً وطنياً مهيأ للاستفادة منها، مضيفاً: «أستاذية سراج وذائقته انبثقت من جرأة نابعة من حب الوطن، فيحق لنا أن نصفه بأنه رائد من رواد التراث الموسيقي العربي وعلم من أعلامه». ويؤكد الجوهر: «عندما يرحل بنا الفكر إلى روح اللحن الذي يجسّد جمال الأغنية السعودية وروعة المقام الحجازي، لا بد أن نستحضر العهد الذهبي للأغنية السعودية في ألحان سراج عمر، الذي أوجد بصمة وإرثاً ثابت الأركان وخالداً على مر الأجيال». من جهته، يقول الموسيقار مدني عبادي عن رحيل سراج عمر: «هو معجزة جيله في شخصيته الأدبية والفنية، وهو مدرسة لن تتكرر عطفاً على ما قدمه من إبداع وتجديد في طابع اللون الغنائي السعودي، لم يكتفِ بصياغة اللحن، بل كثير النهم في تمييز ذائقة الأغنية السعودية، ويحرص على تقديم المختلف، بهدف الارتقاء وليس التقليد والتكرار». ويضيف: «سراج عمر يحرص على صياغة المقام والجملة اللحنية، والإبهار في التوزيع الموسيقي». وأشاد عبادي بعطائه السخي في جعل الجمل اللحنية حوارات متناغمة واستهلالات وضعت لها الميانات والقرارات التي لا تخلو من التسليم المنطقي، مقدماً روائع موسيقية لم يسبقه أحد في تقديمها. جسّد رحيل سراج عمر، القامة الفنية والفكرية التي من الصعب تكرارها على مر الأجيال، خسارة كبيرة للفن السعودي، فمن خلال المقامات الموسيقية «كالبيات، والسيكا، والهزام، والحراب، والحجاز»، تميزت ألحانه ومقطوعاته الموسيقية بالسياق والتسلسل النغمي في درجات صوتية تغذي مسامع متذوقي الموسيقى والألحان الخالدة، بعد مسيرته المليئة بالعطاء والنهم المستمر، قرر في سنة 1430 ه جمع كل ما تحتويه مكتبته الفنية من أعمال سمعية وبصرية ومكتوبة، وألقاها في مرمى نفايات أمانة مدينة جدة، ونتج عن ذلك اعتزاله التلحين الموسيقي باستثناء الأعمال الوطنية. وكان عمر لازم السرير الأبيض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد أزمة صحية مفاجئة استطاع تجاوزها، وحظي باهتمام زملائه الفنانين وأصدقائه والإعلاميين والمقربين، إلا أنه بعد شهرين منها أدخل مستشفى الملك فهد في جدة إثر أزمة في الصدر أدت إلى وفاته عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد مسيرة طويلة حافلة بالعطاء، كان فيها أحد الأركان المهمة في تاريخ الأغنية السعودية.