نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو خلال أقل من 24 ساعة، في تسجيل «إنجازين» لمصلحته، لكن ليس أكيداً أن يضمنا له لجم تراجع شعبيته وشعبية حزبه في الشارع الإسرائيلي الذي بات يتأثر، وفق استطلاعات الرأي، بخنوع نتانياهو للمتدينين المتزمتين (الحرديم) ومن تحقيقات الشرطة المتتالية معه في ملفات فساد. وتكللت مساعي نتانياهو المتواصلة لمنع أزمة ائتلافية مع حزب «يهدوت هتوراه» الديني المتزمت بالنجاح، حين اتفق مساء أول من أمس، مع زعيم الحزب الوزير المستقيل يعقوب ليتسمان على الإبقاء على «الوضع القائم» من عام 1949، الذي رتّب مسألة الصراع الديني- العلماني. وتم الاتفاق على أن لا يجاز العمل في سكة الحديد أيام السبت «إلا في حالات اضطرارية»، مع الأخذ في الاعتبار «التقاليد اليهودية» (أي عدم العمل أيام السبت تفادياً لانتهاك قدسيته)، وأن لا يتم فتح أكشاك أيام السبت باستثناء مدينة تل أبيب التي تُفتح الأكشاك منذ سنوات، إلا بتصريح خاص من وزير الداخلية. كذلك تم الاتفاق على مواصلة إجراء مباريات كرة القدم مساء أيام السبت. كما وعد نتانياهو الوزير المستقيل بأن يبقى منصب الوزير شاغراً ليعود إليه ليتسمان بعد شهر بمنصب نائب وزير بصلاحيات وزير، كما كان متبعاً منذ قيام الدولة العبرية. وبهذا الاتفاق ضمن نتانياهو هدوءاً داخل حكومته، إذ رحب بالاتفاق التياران الدينيان الآخران في الحكومة «شاس» و «ديغل هتوراة». إلى ذلك، نجح نتانياهو في إقناع زعيم حزب «كلنا» وزير المال موشيه كحلون بأن يؤيد الحزب مشروع قانون يمنع الشرطة من أن تنشر توصياتها للمدعي العام بعد انتهاء التحقيق معه كي لا يتأثر الرأي العام. هذا في وقت تتعزز التوقعات بأن التوصيات ستكون في اتجاه تقديم نتانياهو للمحاكمة بشبهة الفساد. في المقابل، أظهر استطلاع جديد للرأي تراجع شعبية «ليكود» في مقابل ارتفاع شعبية حزب يمين الوسط «يش عتيد» بقيادة الوزير السابق يئير لبيد الذي يقود معركة بلا هوادة على المتدينين، إذ بيّن أنه لو تمّت الانتخابات العامة اليوم لتراجع «ليكود» من 30 مقعداً حالياً إلى 24، وهو العدد ذاته الذي يحققه حزب لبيد الذي يتمثل اليوم ب11 مقعداً فقط. وتذهب المقاعد التي يخسرها «ليكود» بمعظمها إلى «البيت اليهودي» بزعامة الوزير نفتالي بينيت الذي حصل في الاستطلاع على 12 مقعداً (في مقابل 8 مقاعد في الكنيست الحالي). وحصل حزب «كلنا» بزعامة كحلون على 9 مقاعد (في مقابل 10 حالياً) و»يهدوت هتوراه» على 7 مقابل 6 حالياً، بينما تراجع حزب «شاس» من 7 إلى 4 مقاعد. كذلك تراجع حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان من 6 إلى خمسة مقاعد. وسجل تحالف «المعسكر الصهيوني» بقيادة زعيمه الجديد آفي غباي تراجعاً كبيراً (من 24 إلى 17) وبدا أن بريق غباي قد خفت بعد أن أطلق جملة تصريحات نأى فيها بحزبه عن اليسار والعرب وحاول تملق المتدينين من دون جدوى. وفازت القائمة العربية المشتركة على 11 مقعداً (مقابل 13 حالياً) وحزب ميرتس اليساري على سبعة مقاعد (مقابل خمسة حالياً). وتعني هذه الأرقام لو تحققت على أرض الواقع أن معسكر اليمين المتشدد والمتدينين يحصل مجتمعاً على 52 مقعداً (من مجموع 120)، بينما يحصل معسكر الوسط بقيادة لبيد على 41 مقعداً، وسبعة لليسار الصهيوني و11 للأحزاب العربية. وهكذا يبقى حزب «كلنا» «بيضة القبان» الحاسمة لتحديد هوية الحكومة. ويعتبر الحزب، الذي يقوده كحلون الخارج من ليكود»، أكثر الأحزاب اليمينية اعتدالاً، ورغم ميله للانضمام إلى معسكر نتانياهو، إلا أنه لا ينفي احتمالات انضمامه إلى معسكر بقيادة لبيد، وفي هذه الحال سيتشكل المعسكر من 50 مقعداً قد تُضاف إليه مقاعد «ميرتس» السبعة، أو حتى مقاعد ليبرمان الخمسة، فيما ستشكل «القائمة المشتركة» جسماً مانعاً يحول دون تمكن نتانياهو من تشكيل حكومة برئاسته.