استبعد محللون إسرائيليون في الشؤون الحزبية أن تؤدي استقالة وزير الصحة الحاخام يعقوب ليتسمان أمس، إلى أزمة ائتلافية فورية، لكنهم اعتبروها بداية تصدع في الائتلاف الحكومي يستوجب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو «التحرك السريع» لمنع تفاقم الأزمة مع التيارات الدينية المتزمتة (الحرديم) التي تشارك في الائتلاف الحكومي. ومع تقديم ليتسمان الاستقالة أمس بأمر من الزعيم الروحي لحزبه الديني الأشكنازي المتزمت «يهدوت هتوراة»، على خلفية تنفيذ وزارة العمل أعمالاً يوم السبت (المقدس عند اليهود)، أوضحت مصادر في الحزب أن الأخير لن ينسحب من الائتلاف الحكومي. غير أن أوساطاً ضالعة في كواليس التيار الديني حذّرت من أن الأمر قد يحصل في حال رأى «مجلس الحاخامات» أن الحكومة لا تأبه بالتحذيرات من مواصلة أعمال السبت، «وعندها سينسحب يهدوت هتوراة، ويجر معه ديغل وهتوراة وشاس أيضاً» فتسقط الحكومة. لكن مراقبين أشاروا إلى أنه ليس من مصلحة الأحزاب الدينية المتزمتة، التي تعتبر شراكتها الحكومية مع ليكود واليمين «طبيعية وتاريخية»، الانسحاب في الوقت الراهن، خصوصاً أن الحكومة مطالَبة من قبل المحكمة العليا بأن تقدم مشروع قانون لترتيب مسألة تجنيد الشبان المتدينين (الحرديم) من عدمه خلال الأشهر القريبة المقبلة، «ما يستوجب بقاء هذه الأحزاب في الائتلاف لتراقب مشروع القانون وتضمن إعفاء الشبان الحرديم من الخدمة العسكرية». من جهته، يفضّل «ليكود» الاحتفاظ بهذه الشراكة التاريخية لعلمه أيضاً أن انسحاب الحزب من الائتلاف الحكومي سيعني الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وعليه أعلن وزير العمل حاييم كاتس أنه بصدد تحضير قانون جديد يسمح ب «العمل الضروري» أيام السبت على أن لا يتعارض ذلك مع «التقاليد اليهودية». ولم تعلن الأحزاب الدينية موقفها من الاقتراح الجديد. كما يبدو أن «ليكود» سيراعي مطالب الأحزاب الدينية بأن يتم تشريع قانون آخر يحظر تغيير «الوضع القائم» بما يتعلق بفتح الأكشاك والمصالح التجارية أيام السبت، وأن تعطى الصلاحية في ذلك لوزير الداخلية زعيم حزب «شاس» الديني الشرقي المتشدد. وأعرب نتانياهو عن أسفه لاستقالة ليتسمان ممتدحاً أداءه، وأعلن أنه لن يعيّن وزيراً بديلاً خلفاً له، بل سيحتفظ لنفسه بالحقيبة الوزارية. ورأى مراقبون أن خطوة نتانياهو تهدف إلى إبقاء موظفي الوزارة الكبار الذين استقدمهم ليتسمان في مناصبهم، أملاً في حل المشكلة وعودة ليتسمان أو تعيينه نائب وزير. يذكر أن مجلس حاخامات حزب «يهدوت هتوراة» الذي شارك في غالبية الحكومات الإسرائيلية رفض دائماً تعيين ممثل عن الحزب في منصب وزير واكتفى بمنصب نائب وزير (لكن بصلاحيات وزير)، وذلك لكي ينأى بنفسه عن «المسؤولية الجماعية» للحكومة في حال قامت بأعمال أو اتخذت قرارات تمس بقدسية السبت أو تتعارض مع التوراة، لأن نائب الوزير لا يتحمل مسؤولية كهذه. وقبل عامين فرضت المحكمة على نتانياهو تعيين وزير للصحة وعدم الاكتفاء بمنصب نائب وزير، فوافق مجلس الحاخامات على تعيين ليتسمان وزيراً عن الحزب للمرة الأولى منذ 63 عاماً.