الاحتساب يقوم به جميع المسلمين، ذكوراً وإناثاً، امتثالاً لقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) الآية. وهدف الاحتساب النصح والتوجيه والإرشاد وفق توجيهه تعالى (إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) الآية... وقد أكد مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، أن تصرفات بعض المحتسبين في معرض الكتاب الدولي غير مقبولة. وشدد على أن «الفوضى والغوغائية ليست من الدين في شيء». وأن على المحتسبين الاتصاف بالعدل والرفق والحلم، ويكونوا على موقف عدل وخير (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) الآية. على المسلم التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب الجميع بالرفق واللين، وسار على سنته صحابته الكرام والتابعون وتابعو التابعين، فلا يجوز لأي مسلم القيام بالتصرفات التي قام بها من جعلوا أنفسهم في موقع محتسبين في معرض الرياض الدولي للكتاب، والقاعدة الشرعية: «إذا حضر الماء بطل التيمم»، فوجود أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الموقع، وهم يقومون بعملهم خير قيام، لا يستدعي مطلقاً قيام هؤلاء بالتدخل، وبأي صورة كانت! فما بالكم بالتصرفات التي أتوا بها؟ وإذا أرادوا التطوع، ولأي تصور كان، كان لابد من الاستئذان من أهل الحسبة الأصليين الموجودين بالميدان، وبالطرق الرسمية، وإذا أعطوا الإذن، يقومون بما يُطلب منهم وبالصورة المُثلى. ولنا في الحسن والحسين «رضي الله عنهما»، حفيدي رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أسوة حسنة، في الأدب الجمّ، والحكمة، في إرشاد الشيخ الذي رأوه يتوضأ فلم يسبغ الوضوء، فلم يَعْمدا إلى إرشاده بصورة مباشرة! بل طلبا منه التحكيم في أيهما يسبغ الوضوء أكثر! فتباريا أمامه في إسباغ الوضوء، فوجد أنهما متقاربان في الإسباغ! وفهم منهما ما كانا يقصدانه، وأكبر فيهما طريقتهما المثلى في توجيه الرسالة! وفي السيرة النبوية أمثلة كثيرة، على كل مسلم قراءتها، وأن يمتنع المحتسبون عن القيام بأي نشاط إحتسابى إلا بعد اجتياز اختبارات القياس المزمع وضعها في حيز التنفيذ، وبعد أخذ الإذن الرسمي من إدارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (إذا سمحت بتطوعهم)، إذ لا يجوز القيام بأي نشاط مماثل إلا بإذن ولي الأمر. أما الاحتساب المطلق، فهو متاح للجميع، فالأب يحتسب وينصح أبناءه، والزوج ينصح زوجته، والأم تنصح أبناءها، وصاحب العمل ينصح عماله، وإمام الجامع ينصح المصلين، والمعلم ينصح طلابه، والكبير ينصح الصغير، وذو العلم الأعلى ينصح من هم دونه... وهكذا، وفي الحديث: «الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، رواه البخاري. والنصيحة لعامة الناس: إرشادهم إلى ما يكون لمصلحتهم في معاشهم ومعادهم، متمسكاً بالحلم معهم والرفق بهم. وفي الحديث «ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه»، فيجدر بأي محتسب إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاة الأمر، وإرشادات أهل العلم والحديث. بك يا ابن عبدالله قامت سمحة بالحق من منن الهدى غرَّاء ياسين البهيش - جدة [email protected]