نددت السلطة الفلسطينية بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منح المستوطنين في مدينة الخليل المحتلة سلطة إدارة شؤونهم، واعتبرت أن إعطاء الحي الاستيطاني اليهودي في قلب مدينة الخليل مكانة مستوطنة مستقلة بأنه «الأخطر منذ عام 1967». ونص القرار الصادر عن الإدارة المدنية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أول من أمس الجمعة، على منح ما سمي «الحي اليهودي» في قلب الخليل «سلطة إدارة شؤونه البلدية» في خطوة أثارت قلق الفلسطينيين من تهويد البلدة القديمة من المدينة التي أدرجتها «يونسكو» قبل شهرين على قائمة التراث العالمي. وكان الحي الاستيطاني يقع في نطاق إدارة بلدية الخليل، بموجب الاتفاق الخاص بالمدينة الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في العام 1997. ووصف محافظ الخليل كامل حميد قرار الجيش الإسرائيلي بأنه «الأخطر» في المدينة منذ احتلالها عام 1967». وحذر حميد من أن «هذا القرار يشكل تمهيداً لفرض السيادة الإسرائيلية على قلب مدينة الخليل، والحيلولة دون التوصل الى اتفاق سياسي في شأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة مستقبلاً». ولفت الى أن «العملية السياسية تهدف الى التوصل الى اتفاق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكن عندما يقتطع قلب مدينة الخليل، ويمنح للمستوطنين، فهذا يعني وضع عائق جديد أمام إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على أرضها». ويتألف الحي الاستيطاني في الخليل من أربع بؤر استيطانية هي «ابرهام ابينو» وتقع قرب الحرم الابراهيمي الشريف، و «بيت رومانو» وهي بؤرة أقيمت في مدرسة اسامة بن المنقذ، و «بيت هداسا» وأقيمت في حي «الدبويا»، و «رمات يشاي» وأقيمت في حي «تل الرميدة». ويستوطن في هذه البؤر 800 مستوطن. ويعيش خمسة آلاف مواطن فلسطيني في الحي الاستيطاني الواقع في قلب المدينة التي يبلغ عدد سكانها 50 ألفاً، يخضعون لقيود كثيرة تتمثل في 21 حاجزاً عسكرياً و100 عائق حركة تغلق أسواقاً وأحياء بأكملها. وقال رئيس مجموعة شباب ضد الاستيطان في مدينة الخليل عيسى عمرو ل «الحياة» إن الحواجز والعوائق والإجراءات الإسرائيلية في قلب الخليل أدت الى إفراع الف شقة سكنية من سكانها الذين لم يعودوا قادرين على الوصول اليها بسهوله، وإغلاق 1800 محل تجاري. وقال إن القرار يفتح الطريق أمام المستوطنين للاستيلاء على المزيد من البيوت والممتلكات في البلدة القديمة وتوسيع الحي الاستيطاني، وصولاً الى ضمه لإسرائيل. ولفت الى أن السلطات الإسرائيلية عملت على تطبيق القرار تدريجياً منذ نحو عامين. وكانت بلدية الخليل هي المسؤولة عن كل الخدمات ورخص البناء في البلدة القديمة. لكن القرار الجديد يتيح للمستوطنين تشكيل مجلس بلدي مسؤول عن الخدمات، بما فيها صلاحيات إصدار رخص البناء في الحي. وقسمت إسرائيل مدينة الخليل، بموجب الاتفاق الخاص مع السلطة الفلسطينية الذي يسمى «بروتوكول الخليل، الى منطقتين، (H2) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والتي تشكل ثلث مساحة المدينة، وفي القلب منها البلدة القديمة والحرم الابراهيمي الشريف، ومنطقة (H1) الخاضعة للسلطة الفلسطينية. وقسمت السلطات الإسرائيلية البلدة القديمة الى ثلاثة أجزاء: جزء لا يمكن لأهالي الخليل الوصول اليه، وجزء يمكنهم الوصول اليه عبر بوابات وحواجز مثل الحرم الابراهيمي ومنطقته، وقسم يمكن الوصول اليه من دون قيود. وقسمت أيضاً الحرم الابراهيمي البالغة مساحته 2040 متراً مربعاً الى قسمين: واحد لليهود، يشكل الجزء الأكبر (57 في المئة من مساحة الحرم) وآخر للمسلمين. ومنحت السلطات الحديقة التي تحيط بالحرم للمستوطنين اليهود، وأقامت ثكنة عسكرية عند مدخله، بحيث يخضع الزائرون لتفتيش دقيق. وقال عماد حمدان رئيس لجنة إعمار الخليل إن المساحة الفعلية التي حصل عليها المستوطنون من الحرم تصل الى حوالي 75 أو 80 في المئة، اذا ما أخذنا في الاعتبار الساحات والحدائق التي استولوا عليها. وسمحت السلطات للمستوطنين استخدام حديقة الحرم على مدار العام. كما منحتهم حق استخدام حصة المسلمين من الحرم في فترات الأعياد اليهودية، ومدتها عشرة ايام في السنة، يجرى خلالها إغلاق أبواب المسجد امام المصلين المسلمين. والأمر ذاته ينطبق على المسلمين في فترات الأعيادة الإسلامية بحيث لا تتجاوز عشرة أيام في السنة، علماً بأن أعياد المسلمين تفوق العشرة أيام. وبعد تقسيم الحرم الابراهيمي، أقامت السلطات الإسرائيلية بوابات حديدية ضخمة وأجهزة تفتيش على مداخله، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه، ووضعت كاميرات مراقبة داخل المبنى المقسم لمنع حدوث أي احتكاك بين الجانبين. ووفق الجهاز المركزي للإحصاء، يعيش في مدينة الخليل 206 آلاف فلسطيني منهم 50 الفاً يعيشون في منطقة «H2» الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وأثار قرار «يونسكو»، قبل نحو شهرين، إدراج الخليل على قائمة التراث العالمي، غضب إسرائيل والإدارة الاميركية. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القرار بأنه «سخيف». وقال في تصريح رسمي: «هذه المرة قررت يونسكو أن مغارة المغبيلا (الاسم الإسرائيلي للحرم الابراهيمي) هي عبارة عن موقع فلسطيني، أي غير يهودي، وأن هذا المكان يتعرض للخطر».