وقعت السلطة الفلسطينية في 15 كانون الثاني (يناير) 1997، اتفاقاً انتقالياً مع إسرائيل في خصوص الوضع في مدينة الخليل، على أمل الوصول إلى حل سلمي في أكبر مدن الضفة الغربية، والتي كانت وما زالت تشهد عدداً كبيراً من اعتداءات المستوطنين اليهود على المواطنين الفلسطينيين. وبعد مرور 19 عاماً على الاتفاق، وفشل تطبيق كثير من بنوده، يرى بعض المحللين والناشطين الفلسطينيين أنه أثبت عدم جدواه، فيما نادى بعضهم بإنهائه. وللخليل عند اليهود المتشددين الذين يؤمنون بالصهيونية، مكانة خاصة لمعتقدات مزعومة في شريعتهم، لذلك فضّلت إسرائيل أن يكون اتفاق الخليل منفصلاً عن اتفاقات أوسلو الخاصة ببقية مناطق السلطة الفلسطينية، وهو ما أُطلق عليه اسم «بروتوكول إعادة الانتشار في الخليل». وقسم الاتفاق مدينة الخليل إلى قسمين، الأول يخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية وتبلغ مساحته نحو 68 في المئة، ويقطنه 170 ألف فلسطيني، والثاني يخضع لسلطة الجيش الإسرائيلي، ونسبته نحو 32 في المئة، ويقطنه 30 ألف فلسطيني، إلى جانب نحو 500 مستوطن إسرائيلي يتوزعون على أربع مستوطنات غير شرعية. وألزم الاتفاق الجانبين بضمان وحدة المدينة، والحرص على أن تكون حركة الأشخاص والسلع والمركبات منها وإليها سلسة من دون عوائق، ما يعني أن تعيد إسرائيل فتح شارع المدينة الرئيسي (شارع الشهداء) المؤدي إلى الحرم الإبراهيمي، وعدد من المرافق الحيوية الأخرى. وكانت إسرائيل أغلقت الشارع أمام الفلسطينيين عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي التي وقعت في شباط (فبراير) 1994، عندما فتح يهودي متطرف يُدعى باروخ غولدشتاين النار على مصلين داخل المسجد، فقتل 29 فلسطينياً وجرح 150 آخرين. ووافق الطرفان الموقعان أيضاً، على القيام بكل ما يجب للحفاظ على الأمن، كل في منطقته، ما يعني أن تعرقل السلطة الفلسطينية عمليات المقاومة ضد المستوطنين وسلطات الاحتلال، وفي المقابل تقوم إسرائيل بمنع اعتداءات المتطرفين المستوطنين على الفلسطينيين. وأوجد الاتفاق بعثة «التواجد الدولي الموقت في الخليل» (TIPH)، وهي بعثة دولية مدنية مهمتها مراقبة الوضع على الأرض، وكتابة تقارير حول أي خروقات تقع من قبل طرفي الاتفاق (السلطة الفلسطينية وإسرائيل)، ومشاركتها مع الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الفلسطينية، والدول الست المشاركة في البعثة هي: السويد وسويسرا والدنمارك والنروج وإيطاليا وتركيا. وخلافاً لما هو متفق عليه بين الجانبين، ما تزال السلطات الإسرائيلية مستمرة في إغلاقها للشوارع والمرافق الحيوية أمام المركبات الفلسطينية، بالإضافة إلى توسيع البؤر الاستيطانية، وغضّ النظر عن الاعتداءات شبه اليومية التي يقوم بها المستوطنون، ما أجبر عدداً من العائلات الخليلية الى مغادرة بيوتها بحثاً عن الأمان. وتوغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة في المنطقة التي تخضع للسلطة الفلسطينية من مدينة الخليل، منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000، ونفذت عمليات قتل واعتقال واقتحام، ووضعت عدداً من أبراج المراقبة. كل ذلك، دفع عدداً من الناشطين السياسيين إلى المطالبة بإنهاء الاتفاق، وأطلق بعضهم قبل عامين، حملة شعبية كتبت وثيقة بعنوان «ميثاق صرخة الخليل»، وجمعت تواقيع عدد من أبرز الشخصيات الفلسطينية من بينهم محافظ الخليل كامل حميد، وتم إرسال الوثيقة إلى السلطة الفلسطينية وعدد من زعماء العالم. وقال أحد رواد الحملة، ورئيس «اللجنة الأهلية لدعم البلدة القديمة» في الخليل محمد الجعبري، إن «الوثيقة بمثابة رسالة موجهة إلى العالم، وإلى كل من يعنيهم الأمر، ابتداء من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وانتهاء بكل لجان حقوق الإنسان في العالم». وأوضح الجعبري أن هدف الحملة هو «إعادة الخليل مدينة واحدة موحدة، أي إنهاء التقسيم الذي نص عليه الاتفاق المرحلي، والسماح للسكان بدخول بيوتهم وفتح شارع الشهداء». وشدد على أن مطالبهم تتمثل في «طرد المستوطنين من قلب المدينة، وهذا لا يتم إلا بإلغاء بروتوكول الخليل الذي شرّع تقسيم المدينة»، وأضاف أن «الجانب الفلسطيني نفّذ كل ما هو مطلوب منه، وفي المقابل لم يقم الجانب الإسرائيلي بأي من المطلوب منه».