بعد مضي أكثر من أسبوع من شهر رمضان، اتضحت الرؤية بالنسبة إلى الجمهور والنقاد والمهتمين بالدراما التلفزيونية في ما يتعلق بالمسلسلات المتنافسة هذا العام، إذ جذب بعضها الجمهور، في حين انصرف عن أخرى بعدما فقد الأمل فيها تماماً. وجاء في مقدم الأعمال التي كسبت رهان صناعها عدد من مسلسلات الشباب، بينها «ظل الرئيس» لياسر جلال الذي لفت انتباه الجمهور من خلال تجسيده شخصية «يحيى»، ضابط الحراسات الذي خرج من الخدمة بإرادته، وتحول الى رجل أعمال تُقتل زوجته وابنه. وأثنى عدد من المراقبين على أداء جلال الذي نضج كثيراً، واستحق عن جدارة تجسيده البطولة المطلقة. ولاقى مسلسل «واحة الغروب» لخالد النبوي ومنة شلبي وإخراج كاملة أبو ذكري ثناءً كبيراً، خصوصاً أنه قدم لوحة رومانسية جميلة، ساهم في ترابط خيوطها وأحداثها أنها مأخوذة عن رواية أدبية شهيرة للكاتب بهاء طاهر. وصوّر العمل في أماكن طبيعية لم تعتدها عين المشاهد، سواء في الأقصر أو واحة سيوة، حيث قصة ضابط البوليس المصري «محمود» الذي يرسل إلى الواحة، كعقاب له لتعاطفه مع الأفكار الثورية للزعيم أحمد عرابي، ويصطحب معه زوجته الإرلندية الشغوفة بالآثار، لينغمسا في عالم جديد ومختلف. وحظيت مسلسلات «كفر دلهاب» ليوسف الشريف، و»الحصان الأسود» لأحمد السقا، و»طاقة نور» لهاني سلامة، و»كلبش» لأمير كرارة، و»لأعلى سعر» لنيللي كريم، و»لا تطفئ الشمس» لميرفت أمين، و»30 يوم» لآسر ياسين وباسل خياط، و»رمضان كريم» لروبي وشريف سلامة، بنسب مشاهدة عالية. وعلى رغم بعض الانتقادات التي وجهت إلى «الجماعة 2» (تأليف وحيد حامد وإخراج شريف البنداري)، بأنه ليس بقوة الجزء الأول، فإنه يحظى بنسبة كبيرة من المشاهدة. وحرص الجمهور على ترقب مسلسل «الزيبق» لكريم عبدالعزيز وشريف منير، على اعتبار أنه مأخوذ من ملف الاستخبارات المصرية التي غالباً ما تحقق نجاحاً مضموناً، إلا أن دخول الحلقات في أحداث فرعية وثانوية أصاب العمل بالمط والتطويل، وتسبب تأخر تجنيد عبدالعزيز من جانب جهاز الاستخبارات، في شعور الجمهور بالملل. وفي مقابل هذه المسلسلات، فشلت أخرى في تحقيق أي نجاح جماهيري، وشكلت صدمة لجمهور أبطالها، وجاء في مقدمها «عفاريت عدلي علام» لعادل إمام، و»الحساب يجمع» ليسرا، و»أرض جو» لغادة عبدالرازق. ولم تستطع ياسمين عبدالعزيز أن تعوض غيابها الطويل عن جمهور المسلسلات بعد عودتها من خلال «هربانة منها»، كما لم يستطع محمد إمام في «لمعي القط»، وهو تجربته الأولى مع البطولة المطلقة التلفزيونية، أن يحقق النجاح المأمول. وواجهت دنيا سمير غانم في «في اللا لا لاند» هجوماً شديداً وربط الجميع بين عملها الجديد، و»نيللي وشريهان» الذي قدمته العام الماضي وتعاونت فيه مع شقيقتها إيمي ومصطفى خاطر اللذين ابتعدا عنها في مسلسلها الجديد، وهو ما أفقدها بريقها. كما لم يتمكن أحمد مكي بمسلسله الجديد «خلصانة بشياكة» من تعويض غيابه العامين الماضيين، وأكد كثر أنه أفلس تماماً بعدما قدم «الكبير أوي» بأجزائه الخمسة، وأن عليه إعادة حساباته في أعماله المقبلة، ومرّ مسلسل «قصر العشاق» لعزت العلايلي وبوسي وفاروق الفيشاوي وسهير رمزي مرور الكرام. وتوقف بعض المؤلفين والنقاد والمنتجين عند الحلقات الأولى، وقال المنتج إبراهيم أبو ذكري: «مع الاعتذار لنجوم الصف الأول الذين احتلوا هذا المكان لعشرات السنين، وداعاً، لن يجدكم المشاهد العام المقبل، فقد سئمنا مشاهدة مسلسلات التفصيل، سواء كان التفصيل على فكرة أو على نجم، وذهبنا الى مسلسلات ربما نجد فيها ضالتنا، ونجد فيها أبطالاً وكتاباً ووجوهاً ونجوماً جدداً». وأشاد بمسلسل «واحة الغروب» واعتبره «في مثابة «الديك الرومي» الموجود على مأدبة الدراما العربية لهذا العام، وأنه خارج المنافسة، لكونه نوعية خاصة إبداعاً وكتابة وتمثيلاً وإخراجاً وإنتاجاً». وقال المؤلف محمود الطوخي: «تطالعنا الصحافة ووسائل الإعلام بأسماء فنانين من الوزن الثقيل سيشاركون في المسلسلات، وقد تتخذ قراراً بالمتابعة والاستمتاع اعتماداً على أسمائهم التي تعرف تاريخها المشرّف في أعمال سابقة، لكنك تصاب بصدمة عنيفة بعد متابعة بعضها، منها «عفاريت عدلي علام» الذي أرى أنه لم يكن له داعٍ، فلم أستمتع به ولو للحظة». ووجه تساؤلاً لفريق المسلسل: «كيف بتاريخكم وقدراتكم وخبراتكم تتجمعون لتحققوا هذه الصدمة؟ اللوم يقع عليكم جميعاً، كيف تقبلون أن تكونوا حروفاً مشوهة في سبوبة صادمة لا قيمة لها؟». أما أستاذة السيناريو في معهد السينما الدكتورة سناء هاشم، فقالت: «من دون مواربة وللأسف الشديد، لا يوجد مسلسل بطله السيناريو، وغالبية المسلسلات تبدو مكتوبة على عجل، وهناك مشكلة كبيرة في الحوار، إذ يبدو واضحاً للمتفرج أن مجموعة كبيرة من الممثلين يرتجلون وسط النص، بل ويدخلون لازماتهم الشخصية في الحوار. وواضح أن لدينا مشكلة حقيقية في كتابة الحوار الدرامي، وأشكر عناصر الفرجة الأخرى كالإخراج والتصوير والديكور والموسيقى وأداء الممثلين، فعلى رغم ما شاب هذه العناصر من بعض الأخطاء، فإنهم تحملوا على عاتقهم مهمة حمل الدراما الضعيفة أو العادية».