كشف المرشح الرئاسي وزير الدفاع المصري السابق عبدالفتاح السيسي ملامح رؤيته الاقتصادية، مشيراً إلى أنها «تعتمد على التوسع الجغرافي، وتشديد قبضة الدولة في مواجهة ارتفاع الأسعار»، لكنه رهن تنفيذ برنامجه بتأمين مساعدات خليجية ضخمة، كما خاض في ملف العلاقات الخارجية لمصر وأعلن أن أولى زياراته الخارجية ستكون للسعودية. وأكد احترامه السلام مع إسرائيل، لكنه رهن تبادل الزيارات ب «إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس». وكان السيسي ومنافسه مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي كثفا تحركاتهما قبل نحو أسبوع من انطلاق الاستحقاق الرئاسي باقتراع المغتربين، فاجتمع وزير الدفاع السابق برؤساء تحرير الصحف المصرية، وانتقد «استدعاء صورة في ديموقراطيات مستقرة ودول سبقتنا بسنوات طويلة، ومقارنتها بالوضع في مصر»، معتبراً أن «المجتمع المصري مازال أمامه وقت حتى ينعم بالديموقراطية الحقيقية كما ينبغي أن تكون». وأوضح أن «اختلاف المستوى الثقافي والفكري والتعليمي بين الأنساق الغربية والبيئة المصرية لا يمكن أن يخلق ديموقراطية في مصر تتماثل مع النموذج الغربي». واستنكر «تركيز الحديث على الديموقراطية فقط من دون النظر إلى المشاكل والتحديات المحيطة بالمجتمع، وهو ما يخلق حالاً من الشك والإقلاق للمجتمع». غير أنه أكد أن «ثورتي 25 يناير و30 يونيو خطوة عملاقة جداً على طريق الديموقراطية، والتجربة التي نؤسس لها الآن في حكم مصر». وأكد أنه «عندما يقول الشعب لي ارحل سأنفذ فوراً، فأنا مستدعى من المصريين، والوطن الآن في خطر ويحتاج من جميع المصريين أن يتحملوا المسؤولية معنا». وتعهد منع «الاحتكارات التي تمارسها بعض القطاعات». وقال: «لن تكون هناك مافيا واحتكارات في أي قطاع في الدولة، ولابد من أن يكون هناك سعر مناسب يستفيد منه الفقير والمحتاج، وآليات السوق يجب أن تتحرك من أجل نصرة المحتاجين». وحذر من «يومٍ يخرج فيه المصريون على المصريين». وكشف أنه يسعى إلى «تشكيل فريق يمكن أن أعتمد عليه في حال فوزي بالرئاسة». وزار صباحي مدينة بنها (شمال القاهرة) غداة ظهوره في مقابلة تلفزيونية أعقبت إذاعة الجزء الثاني من أول مقابلة تلفزيونية يجريها السيسي منذ ترشحه. وقدم السيسي في اللقاء صورة قاتمة عن الأوضاع الاقتصادية الحالية، واصفاً إياها ب «المحنة الحقيقية». ونبه إلى أن بلاده «تواجهها تحديات في كل قطاعات الدولة المصرية وحجم الديون يصل إلى 1.7 تريليون جنيه ولا ينبغي أن يورث للأجيال القادمة». ودعا إلى «مزيد من الصبر والعمل». وأظهر تشدداً حيال «التظاهرات والإضرابات العمالية والفئوية»، بعدما كان دافع عن قانون التظاهر وانتقد «التظاهرات غير المسؤولة». وأكد أنه لا يعتزم تأسيس حزب سياسي أو الانضمام إلى حزب في حال فوزه بالرئاسة، «مكتفياً بالظهير الشعبي». وكرر تعهده «عدم السماح بوجود مكتب إرشاد الإخوان» في عهده. وتحدث في شكل حذر عن رفع الدعم عن الطاقة والسلع الأساسية الذي يلتهم نحو ربع الموازنة العامة للدولة، مشيراً إلى أن دعم الطاقة «لا يمكن التخلص منه مرة واحدة، لأن المستهلكين لن يتحملوا زيادة الأسعار... توفير الغاز والكهرباء من دون دعم أمر غير ممكن، ويجب إغناء الناس أولاً وتحريك الاقتصاد والمشاريع قبل تخفيض الدعم». وأشار إلى أن بلاده «ستخرج من دائرة الفقر فقط بطرق غير تقليدية، وسيشعر المواطن بتحسن في ظروف المعيشة بعد عامين». وأوضح أنه «لا يجب الاعتماد على حل مجال واحد من دون باقي المجالات». وأشار إلى أنه يخطط لإعادة تقسيم محافظات مصر «من أجل تنميتها، ليكون لكل محافظة ظهير صحراوي وآخر يمتد إلى البحر». وأوضح أنه «تمكن زيادة الظهير الصحراوي لكل محافظة مما يوفر من 50 إلى 100 ألف فدان في كل محافظة للزراعة وظهير أمامي نحو البحر لتنمية السياحة والتعدين والاستزراع السمكي على النيل أو البحر أو صناعات». وأضاف: «أسعى إلى تقسيم مصر إلى 32 أو 33 محافظة لضمان السيطرة الإدارية وتحقيق التنمية مع إعادة تخطيط جغرافي». ولفت إلى أن برنامجه يهدف إلى «استصلاح 4 ملايين فدان ونحن نمتلك التربة الصالحة والمياه اللازمة للاستصلاح، كما يتضمن إنشاء 22 مدينة صناعية و26 مدينة ومركزاً سياحياً و8 مطارات». وأشار إلى أنه يحتاج تريليون جنيه لتنفيذ تلك المشاريع وأنه سيعتمد في التمويل على «دعم المصريين المغتربين وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار العربي والأجنبي، إضافة إلى مساعدات الأصدقاء والأشقاء». وكشف أن مساعدات دول الخليج لمصر «تجاوزت 20 بليون دولار». وأوضح أنه سيعتمد على تدخل الدولة للجم ارتفاع الأسعار عبر إنشاء أسواق موازية، كما أظهر أنه سيعتمد على الجيش في تنفيذ المشاريع. وقال إن «التعاون بين القطاع الخاص والقوات المسلحة كان له أثر حقيقي، وحجم العمالة كان قرابة المليون عامل، وما يلزم عمله سنة ونصف السنة يمكن إنجازه في ثلاثة أشهر». ورأى أنه «لا بد من تخفيض هامش الربح للقطاع الخاص لدعم الفقراء ومحدودي الدخل، والآليات الموازية لضبط الأسعار ستتجاوز التسعيرة... السوق مفتوح أمام القطاع الخاص ويجب أن يساعد في بناء الدولة وأن يكون أيضاً رحيماً بالفقراء». وأعلن أن أولى محطاته الخارجية ستكون إلى السعودية بعدما قدم شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «كبير العرب وحكيم العرب» لما قدمه لمصر، ووجه «كل التحية والتقدير إلى أشقائنا في الإمارات على دعمهم ومساندتهم... الشيخ زايد لم يمت». ولمح إلى أنه لن يستقبل رئيس وزراء إسرائيلياً ما لم تقدم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين في محادثات السلام، مشيراً إلى أنه يتعين على إسرائيل أن توافق أولاً على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. وأكد «احترام كل المعاهدات الدولية بما فيها معاهدة السلام مع إسرائيل». ورفض الإجابة على سؤال عما إذا كانت حركة «حماس» عدواً لمصر، مكتفياً بالصمت. ورفض ربط العلاقة المتوترة مع «حماس» بالقضية الفلسطينية في المجمل، قائلا: «أقول للمصريين لا تدعوا الحالة والوجدان الذي يتشكل تجاه حماس يؤثر على موقفكم التاريخي تجاه القضية الفلسطينية». وفي معرض إجابته عن العلاقة مع قطر، خاطب القطريين قائلاً: «لا تخسروا الشعب المصري أكثر من ذلك». وأشار إلى إن «العلاقات العسكرية مع روسيا لم تنقطع منذ السبعينات وأن معدات في الجيش روسية والتأمين الفني لها وتطويرها يتم بانتظام بالتعاون مع روسيا» حتى قبل زيارته الأخيرة لها في شباط (فبراير) الماضي التي التقى فيها الرئيس فلاديمير بوتين. ورفض الرد على سؤال عن أنباء عن صفقة للسلاح مع روسيا، كما نفى تلقيه «اتصالات من الخارج» لمطالبته بعدم الترشح للرئاسة. وعن أزمة مياه النيل وسد النهضة الأثيوبي، قال السيسي إن «هذا الملف أهمل كثيراً... يجب وجود حوار وتواصل ونقاش مبكر وتقدير مصالح الآخرين مع التأكيد على مصالحنا... المياه بالنسبة إليّ حياة ويجب أن يتفهموا ذلك... المسألة تحتاج جهداً». في المقابل، انتقد منافسه صباحي إدارة الحكم الانتقالي التي وصفها ب «الفاشلة». وقال في حوار تلفزيوني أذيع مساء أول من أمس إن «أسلوب إدارة السلطة الحالية للبلاد لا يختلف عن أسلوب إدارة المجلس العسكري بعد الثورة». واعتبر أن «النظام القديم مازال يحكم مصر، ولم يتغير حتى الآن، رغم قيام الشعب بثورتين وإسقاط رؤوس نظامين، إلا أن أجساد هذين النظامين مازالت موجودة». وقدّم نفسه باعتباره مرشحاً «بسياسات جديدة مختلفة عن سياسات الاستبداد والفساد التي تبناها النظام القديم... لن يكون هناك مكان لفاسد بمصر في حال فوزي في الانتخابات». وتعهد «صيانة الحقوق والحريات». وعزا ترشحه إلى «تمكين المصريين من أن يجدوا حكماً على مستوى الشعب». وأوضح أن «الثورة لم تحقق أهدافها حتى الآن بسب عدم وصولها إلى السلطة، ولا بد من استكمال الثورة من خلال السعي إلى وصول الشعب الذي قام بها إلى السلطة. الثورة ستصل إلى الحكم من خلال صناديق الانتخابات. أخوض معركة الانتخابات الرئاسية أملاً في أن يحكم مصر رئيس يعبر عن مطالب الشعب». وتعهد تنفيذ كل الوعود التي أطلقها. وقال: «أتعهد أمام الله والشعب بالتزامي بتنفيذ كل ما يرد في برنامجي. الإمكانات البشرية والطبيعية التي ستساعدني في القيام بذلك متوافرة ومتاحة». ووعد ب «تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، ولا أنوي أن تكون هناك استثناءات، ولو اضطررت إلى ذلك، فسأحسم قراري بعد عرض الأمر في حوار مجتمعي جاد، وسأقوم بتخفيض راتب رئيس الجمهورية». وشدد على أنه «لن يكون هناك مجال لجماعة الإخوان المسلمين كتنظيم على الساحة السياسية في حال فوزي بالرئاسة». واتهم «الإخوان» ب «تحدي إرادة الشعب المصري». لكنه لفت إلى أن التعامل مع أنصار الجماعة «سيجري بالقانون. من يُمارس الإرهاب منهم سيعامل بسيف القانون، أما من سيعبر عن رأيه سلمياً فلن يُضار أو يُطارد أو يُلاحق». وأعلنت «حركة شباب 6 أبريل» أمس أنها ضد ترشح السيسي، وتركت الحرية لأعضائها بين دعم صباحي أو المقاطعة. وأوضحت في بيان: «بعد استطلاع آراء أعضاء الحركة في شأن الانتخابات، ظهر جلياً أنهم ضد السيسي، فمنهم من أيد حمدين ومنهم من يرى مقاطعة الانتخابات، لذا تعلن الحركة أن الحرية لأعضائها في اختيار موقفهم من انتخابات الرئاسة وتترجم هذه القرار بتدشينها حملة تحت شعار ضدك ستكون ضد السيسي وضد عودة نظام (الرئيس السابق حسني) مبارك وما يمثله من قمع للحريات».