تأخذ التكنولوجيا اليوم دوراً مهماً في تسريع النمو ودعم الاقتصاد الوطني في كل المجتمعات، ما يدفع الدول إلى الاستثمار في هذا المجال وتطويره بهدف جذب الشركات العالمية الباحثة عن أفضل الخبرات وبأقل الأسعار. وفي هذا السياق، يحاول لبنان حجز مكانه بين الدول المسهّلة والمسرّعة لأعمال التكنولوجيا في الشرق الأوسط، في خطوة طموحة من شأنها أن تغيّر وجه الاقتصاد عموماً. وعلى رغم الخطة المدعومة من مصرف لبنان من خلال التعميم 331، إلا أن بعض المشاكل تساهم في إبطاء المسيرة، في مقدمها البنية التحتية لقطاع الاتصالات والإنترنت تحديداً، إضافة إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي. وفي هذا السياق، نظمت شركة «مايس لبنان» معرض «سمارت إكس» المخصص لتكنولوجيا المعلومات وقطاع الاتصالات برعاية وزارة الاتصالات. وقال رئيس جمعية المعارض والمؤتمرات في لبنان رئيس مجلس إدارة الشركة المنظمة إيلي رزق في حديث إلى «الحياة»، إن المؤتمر «يهدف إلى إبراز دور لبنان الحضاري وقدرته على الإبداع والابتكار بالاعتماد على ثروته البشرية». وأكد أن المؤتمر «حرص بالتعاون مع وزارة الاتصالات على إبراز حجم الاستثمارات في البنية التحتية، خصوصاً في قطاع الإنترنت وخفض كلفتها على المواطن والمؤسسات»، ما يساهم في تحويل لبنان إلى «مركز جاذب» في المنطقة للاستثمارات التكنولوجية. وأشار إلى أن «وصول لبنان إلى هذه المرحلة، سيساهم في الحد من هجرة الأدمغة والطاقات اللبنانية»، واستقطاب الشركات العالمية للاستثمار في لبنان بعد تأمين البنية التحتية الملائمة لعملهم. وأوضح أن المعرض «فريد من نوعه» في لبنان، إذ تُعدّ هذه النسخة الأولى، كاشفاً أن الشركة تخطط لإعادة إطلاق المعرض في السنوات المقبلة، نظراً إلى «الإقبال الجيّد» الذي حظي به. واستقطب المعرض أكثر من 85 شركة عالمية على غرار «مايكروسوفت»، مع مشاركة أكثر من 100 شركة وطنية وإقليمية عاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأشار رزق إلى أن المعرض «حاز على نسبة رضا كبيرة، وصلت إلى 98 في المئة بين المشاركين، إضافة إلى الإقبال الكمّي والنوعي من أصحاب الخبرة والاختصاص في هذه المجالات». ويلعب المعرض دوراً رئيساً في تعزيز تنافسية الشركات اللبنانية في هذه القطاعات، إذ تؤمن شركة «مايس لبنان» الأرضية المشتركة التي تجمع بين طالبي الخدمات وعارضيها، من خلال المعرض الذي يؤدي إلى لقاءات مباشرة بين أصحاب الشركات والمستثمرين وأصحاب الاختصاص، فضلاً عن تنظيم ندوات وورش تدريب للشركات والحاضرين لتعريفهم على أحدث الابتكارات في هذه المجالات وكيفية تعزيز مجالات المنافسة. إلى ذلك، لفت وزير الاتصالات اللبناني جمال الجراح إلى أن مجلس الوزراء أقرّ في جلسته الأخيرة المرحلة السابعة من توسيع شبكة الهاتف الأرضية، آملاً في «بدء تنفيذ المشروع بعد شهر من الآن. وأشار في افتتاح المعرض، إلى أن وزارة الاتصالات «تتقدم يوماً بعد آخر في المشروع الذي أعدته بهدف تحسين مستوى قطاع الاتصالات في لبنان. وعرض الجراح خطة الوزارة والإنجازات التي تحققت منذ تسلمه مهماته حتى اليوم. وقال: «منذ تشكيل الحكومة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي وخلال هذه المدة القصيرة، تم العمل على عدد من المشاريع في وزارة الاتصالات، أبرزها مشروع شبكة الألياف الضوئية الذي يشكّل العمود الفقري للبنية التحتية ويؤمن شبكة اتصالات آمنة بسرعات عالية، ويربط المراكز الهاتفية (أي السنترالات) بالخدمة الفعلية تباعاً». وأوضح أن «المشاريع التي خطت أولى خطواتها تمثلت بإقرار مجلس الوزراء المرحلة السابعة من توسيع شبكة الهواتف الأرضية، على أمل أن نتمكن من إيصال الألياف البصرية إلى أكبر عدد من اللبنانيين والمنازل في أعلى عدد من المناطق». وشدد الجراح على «ضرورة العمل بجهد ومسؤولية لنعوّض ما فاتنا في قطاع الاتصالات ونحن على الطريق الصحيحة لتحقيق هذا الهدف، وسنصل لنقل البلد إلى مرحلة مهمة جداً في قطاع الاتصالات والإنترنت لتحسين وضعنا من أجل دعم الاقتصاد والنمو». وأعلن عن تقدمه من «مجلس الوزراء بطلب خفض الأسعار بين 20 و50 في المئة ليحصل المواطن على خدمة الإنترنت بسعر جيد ليواكب التكنولوجيا والتطور بسهولة». واعتبر رئيس «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار» (إيدال) نبيل عيتاني في كلمة ألقاها في المعرض، أن التحدي الأكبر بالنسبة إلى اقتصادات كل الدول يكمن اليوم في كيفية استقطاب رؤوس الأموال والحفاظ عليها وتعزيز روح المبادرة ومساندة قطاع الأعمال ومجاراة اقتصاد المعرفة والتحديثات التكنولوجية المتتالية والمتسارعة، مشيراً إلى أن لبنان لا يزال يؤمن الفرص الاستثمارية الكثيرة الواعدة، خصوصاً في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يتمتع بالجاهزية وتوافر الكفاءات البشرية». وأوضح وفقاً لدراسة أعدتها «إيدال» في لبنان، أن هذا القطاع «حقق نمواً بمعدل تراكمي مركب وصل إلى 7 في المئة بين عامي 2014 و2016، في وقت بلغ حجم هذا القطاع 436 مليون دولار، وأمّن 6 آلاف فرصة عمل مباشرة». وتوقع أن يصل هذا التراكم خلال السنوات الثلاثة المقبلة إلى 9 في المئة. وقال عيتاني: «على رغم أن تأثير هذا القطاع في الناتج المحلي سيتخطى 6 بلايين دولار هذه السنة، توجد تحديات كبيرة تقف أمام تحقيق هذا القطاع مزيداً من التطوير والإنفاق، خصوصاً بالنسبة إلى توفير البنى التحتية الكفيلة بمواكبة زخم انطلاقته ومنها الإنترنت وسرعتها وكلفتها». إلى ذلك، أكد رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير، «قدرات لبنان واللبنانيين، على تحقيق إنجازات ضخمة في فترات قصيرة، إذا توافرت لهم الظروف المؤاتية».