أبدى لبنان ومصر بقطاعيهما الخاص والعام، استعداداً لتحقيق قفزة حقيقية في التكامل الاقتصادي، في ظل الظروف المواتية لذلك في البلدين، وازدياد الاستثمارات اللبنانية في مصر متجاوزة 3 بلايين دولار، وقيمة التبادل التجاري بنسبة 51 في المئة. وشكّل هذا الموضوع محور «ملتقى الاقتصاد والأعمال المصري - اللبناني» في دورته الثالثة الذي افتتح أعماله أمس في فندق «فورسيزونز» في بيروت، ونظمته جمعية الصداقة المصرية - اللبنانية لرجال الأعمال ومجموعة «الاقتصاد والأعمال»، برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني ممثلاً بوزير الاتصالات جمال الجراح، الذي بما كان «يردده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونردد معه، أن الوحدة العربية لا يمكن أن تُبنى إلا على أساس اقتصادي، وأن الوحدة الاقتصادية أساسية لحل أي خلاف سياسي مع أي دولة». ورأى أن «على كل دولة تقديم ما تملكه وتبرع فيه لنصل إلى مرحلة التكامل، وبالتالي إلى الوحدة العربية التي تؤدي إلى التقدم والنمو وتساهم في تحقيق الرفاهية لشعوبنا». وأشار أيضاً إلى ما «كان يعتقد به الرئيس الشهيد لجهة وجوب تعديل الأنظمة العربية كي تتشابه، لأن الاستثمار لا يمكن أن يزدهر ما لم تكن توجد قوانين متشابهة ترعى الاستثمار وتنمّيه». ودعا الجرّاح إلى ضرورة «وضع التشريعات اللازمة التي تشجع على الاستثمار، وإزالة المخاوف لدى القطاع الخاص». واعتبر وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني رائد خوري، أن للبنان «موقعاً استراتيجياً واقتصاداً حراً وهو منفتح على الاقتصاد الدولي، كما أنّ لمصر ثقلاً سياسياً واقتصادياً على مستوى القارة الأفريقية، ما يجعل من التعاون معادلة صعبة سيكون من غير السهل منافستها». ورأت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية سحر نصر، أن «وجودنا اليوم فى هذا الملتقى يمثل فرصة لمناقشة مبادرات رجال الأعمال من البلدين لدعم الاقتصادين المصري واللبناني، والبحث في كيفية دمجها فى أعمال اللجنة العليا المشتركة، بعد انقطاع دام سبع سنوات». وأعلنت عن «التطلع لوضع خطة محددة بجدول زمني لإحياء النشاط الاقتصادي والاستثماري المشترك بين مصر ولبنان». ولفت رئيس جمعية الصداقة المصرية - اللبنانية لرجال الأعمال فتح الله فوزي، إلى دور الجمعية في العمل من أجل التعاون المصري - اللبناني لتجاوز التحديات عبر بوابة الاستثمار والتجارة والعمل المشترك، ليس فقط على مستوى مصر ولبنان، بل بالتكامل الحقيقي للتصدير إلى دول وأسواق أخرى وخصوصاً في أفريقيا، من خلال مبادرة مصر - لبنان إلى أفريقيا التي أطلقناها العام الماضي». وشدد على أن «الفرصة مهيأة لتحقيق انطلاقة قوية في العلاقات، خصوصاً مع نمو الاستثمارات اللبنانية في مصر والتي تخطت 3 بلايين دولار، وأيضاً زيادة التبادل التجاري إلى 883 مليون دولار العام الماضي، أي بنسبة 51 في المئة عن عام 2015». واعتبر رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، أن لبنان ومصر «باتا اليوم في وضعية جيدة ومناسبة تمكنهما من اتخاذ القرارات المطلوبة للسير في تطوير علاقاتنا الاقتصادية، وخلق شراكات عمل استراتيجية». ولفت إلى «توجه جدي من الأشقاء المصريين لإزالة العراقيل التي توضع أمام دخول منتجاتنا إلى الأسواق المصرية». وأمل بأن «يكون الاستثمار في لبنان من ضمن أولويات الأشقاء المصريين». وأوضح رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) نبيل عيتاني، أن التبادل التجاري «غير متكافئ، إذ لم تشكل الصادرات اللبنانية إلى مصر أكثر من 7.5 في المئة من قيمة الواردات من مصر، ما يستدعي إزالة المعوقات أمام البضائع المتبادلة بين لبنان ومصر مع التركيز على البضائع اللبنانية المتجهة إلى السوق المصرية، والأسواق العربية من خلالها والتخفيف من كلفتها لا سيما تلك المتصلة بالمرور والعبور». وأعلن عيتاني أن المشاريع اللبنانية في مصر «علامة فارقة». وشدد على «توافر قطاعات اقتصادية في لبنان تتمتع بفرص واعدة وجهوزية للاستثمار، ومنها الصناعات الغذائية والسياحة الاستشفائية والأدوية والإعلام وتكنولوجيا المعلومات». وقال أن لبنان «استطاع مواجهة التحديات، ما انعكس استقطاباً للاستثمار الأجنبي المباشر، الذي بات يشكل 4.5 في المئة من الناتج المحلي». وأكد رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل، أن مصر «تسابق الزمن فى خلق مناخ متميز وجاذب للاستثمار». وقال «لدينا سوق محلية ضخمة، إذ كانت مصر وستظل مركزاً للتصنيع من أجل التصدير إلى أكثر من 1.6 بليون مستهلك فى مناطق التجارة الحرة التى أنشأتها». واعتبر الرئيس التنفيذي ل «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، أن «لبنان بلد سياحة وخدمات بامتياز، ومصر بلد سياحة وصناعة وزراعة بامتياز أيضاً، ما يساعد على التكامل وتعزيز التبادل». وقال «ما يساعد على تنمية فرص التعاون أن البلدين يشهدان ظروفاً مشجّعة وملائمة». وكانت نصر عرضت أول من أمس مع وفد البنك الصناعي والتجاري الصيني برئاسة المديرة العامة لقارة أفريقيا إيفي تساي، المشاريع الممولة من البنك في القطاعات المختلفة. وشددت تساي على أهمية مصر ك «بوابة لقارة أفريقيا التي يعتزم البنك الصيني ضخ استثمارات فيها تقدر بنحو 35 بليون دولار، منها 20 بليوناً جديدة في مصر خلال السنوات العشر المقبلة». ويموّل المصرف مشاريع في العاصمة الإدارية الجديدة، وتلك التي تنفّذها شركتا «سي إس سي إي سي» الصينية في المرحلة الأولى، و»سي إف ال دي» الصينية في المرحلة الثانية من المدينة المتكاملة، إضافة إلى إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من الفحم في الحمراوين وتنفذها شركتا «دونغ فانغ» و«شانغهاي»، وبناء مجمع للفوسفات، ومشاريع تطوير خط أبوقير - إسكندرية وتنفذه شركة «دونغ فانغ» والمدن الذكية والذي تقدمه شركة «هواوي».