حوّلت الأزمات السياسية والأمنية في دول عربية، والأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، المستثمرين اللبنانيين إلى السوق المحلية، بنقل مشاريعهم القائمة إليها، على رغم الظروف السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان، والتي لم تثنِ أيضاً مستثمرين لبنانيين جدداً مقيمين ومغتربين عن التقدم بمشاريع جديدة. ورصدت هذا التحوّل المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال) التي تقدم الحوافز للمشاريع الاستثمارية، إذ أكد رئيسها نبيل عيتاني، في حديث إلى «الحياة»، تحقيق «النشاط الأكبر للمستثمرين في عام واحد (2012 )، وسجلت عروضاً استثمارية جدية تطلب الاستفادة من الحوافز التي يوفِّرها القانون الرقم 360». وربط هذا الإنجاز الملحوظ، ب «ثقة المستثمرين الراسخة في قدرة لبنان على التعاطي مع الأزمات». وكشف عن «تلقي طلبات لسبعة مشاريع جديدة في الربع الأول من العام الحالي، بلغت قيمة استثماراتها 450 مليون دولار، ستؤمّن 380 فرصة عمل». وأعلن أن مجلس الإدارة «أقرّ هذه المشاريع». وعن حركة الاستثمارات عموماً العام الماضي، أعلن «تراجعها بنسبة 25 في المئة، مسجلة 3 بلايين دولار في مقابل 4 بلايين عام 2011». وعزا ذلك إلى «الظروف السياسية والأمنية وتحذير دول الخليج رعاياها من المجيء إلى لبنان». لكن لاحظ «عدم انسحاب أي توظيفات عربية وعدم توقف تنفيذ مشاريع ممولة باستثمارات عربية». كما ساهمت في هذا التراجع «تداعيات الأزمة في سورية على حركة الاستثمار عموماً، التي ينسحب تأثيرها على المنطقة العربية». لكن أكد أن لبنان «يملك مقوّمات أساسية للحفاظ على كيانه في مجال الاستثمارات". وركّز عيتاني على ظاهرة إقبال مستثمرين لبنانيين مقيمين أو مغتربين، على «الاستثمار في السوق المحلية، عبر تأسيس مشاريع جديدة أو نقل مشاريع قائمة في الخارج». وعزا عودة هؤلاء إلى «ظروف غير مستقرة تشهدها دول عربية، مثل مصر وتونس وسورية والعراق، فضلاً عن تداعيات أزمة المال العالمية التي لا تزال مستمرة». وهكذا بات المستثمر اللبناني «يفضّل التوظيف في لبنان لما يتمتع به من استقرار نسبي ووضع اقتصادي قابل ليكون ملاذاً آمناً». وأعلن أن المؤسسة «تلقت أكثر من 65 استفساراً عن مشاريع استثمارية مستقبلية العام الماضي، و13 من أصحاب هذه المشاريع قدموا طلبات للاستفادة من حوافز القانون، ما يدل على النشاط المتواصل والثقة الراسخة في الفرص المطروحة في لبنان على المدى البعيد». ولفت إلى أن من المشاريع ال 65، «اثنان تقدَّمت بهما شركتان أجنبيتان، ومثّلت تلك المتبقية استثمارات جديدة لشركات لبنانية أو عمليات توسُّع لشركات قائمة». وأعلن عيتاني، أن «32 في المئة من الاستفسارات تركزت في قطاع السياحة، تلاه قطاع الصناعات الغذائية 17 في المئة مع نمو سنوي متوقع بنحو 4 في المئة حتى عام 2017، ثم قطاعا الزراعة والصناعة بنسبة 15 في المئة لكل منهما». وأشار إلى ان «5 طلبات حصلت على موافقة مجلس الوزراء للاستفادة من الحوافز، ولا تزال هناك ثمانية مشاريع قيد الدرس، وتبلغ استثماراتها 248 مليون دولار، ستوفر 717 فرصة عمل». واعتبر أن هذه الأرقام «تعكس زيادة كبيرة مقارنة بالعامين الأخيرين». ولفت إلى أن قيمة المشاريع ال 13 «تبلغ 480 مليون دولار، تؤمّن 1500 فرصة عمل». القطاعات الرئيسة بيروت - «الحياة» - أشار تقرير للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال)، إلى أن قطاع السياحة «حاز 46 في المئة من الاستثمارات الإجمالية (الموافق عليها وقيد الدرس)، وحلّ قطاع الصناعة ثانياً بنسبة 31 في المئة من الاستثمارات، تلاه قطاع التكنولوجيا 15 في المئة، والزراعة 8 في المئة». وأفاد بأن قطاع السياحة «استقطب مشروعين، الأول سلسلة فنادق «ماندارين أورينتال» الدولية، الذي يشكِّل جزءاً من استثمار بقيمة 208 مليون دولار، سيوفر 250 فرصة عمل عند بدء التشغيل عام 2017. والثاني هو المرفق الخاص بالأطفال «كيدز موندو» بقيمة 15 مليون دولار مع فريق عمل يضم 224 شخصاً، ويُتوقع بدء مرحلة التشغيل قريباً». وفي قطاع الصناعة، توقع التقرير أن «تضخ شركة الأدوية «الغوريثم»، 12 مليون دولار في الاقتصاد اللبناني، وأن تساهم في توفير 100 فرصة عمل جديدة مطلع عام 2015. كما ستقوم شركة «فارما أم»، بتنويع أعمالها مع التخصُّص في صناعة منتجات صيدلية فائقة الجودة، مع تعزيز قطاع البحث والتطوير. وستُقيم مجموعة «إنكريبت غروب» داراً حديثة للطباعة، باستثمارات تصل إلى 11 مليون دولار لإنشاء مشروع استثماري يُعنى بطباعة المستندات الآمنة». وقدّرت «إيدال» في تقريرها، أن توفر المشاريع المدعومة منها عام 2012 نحو 474 فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى 1375 فرصة غير مباشرة، 66 في المئة منها في قطاع السياحة و28 في المئة في قطاع الصناعة». وعلى مستوى جنسية المستثمرين، أظهر التقرير أن الحصة الأكبر من المشاريع التي أُقرت هي للبنانيين، مع بروز مشروع واحد هو فندق «ماندارين اورينتال»، الذي جمع مستثمرين سعوديين ولبنانيين.