جُمدت خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإحداث تغيير جذري في العلاقات مع موسكو، بعد اتخاذ فريقه موقفاً معادياً لروسيا. وبعدما أكد مراراً ضرورة التوصل إلى «اتفاق» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولمّح إلى خفض العلاقات مع الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لم يحدّد ترامب بعد موعداً للقاء مشترك. وفي هذه الأثناء، تحرّك نائب الرئيس مايك بنس ومسؤولون أمنيون ودفاعيون بارزون في الإدارة الجديدة، لطمأنة القادة الأوروبيين إلى أن واشنطن لن تتخلّى عن حلفائها. وعُيّن الجنرال هيربرت ريموند ماكماستر، وهو عسكري مخضرم يرى في روسيا التهديد الأول لمصالح الولاياتالمتحدة وللاستقرار العالمي، مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض خلفاً لمايكل فلين، المؤيّد للتقارب مع للكرملين. ويُتوقّع أن يصادق مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل على تعيين السيناتور دان كوتس مديراً للاستخبارات القومية، ما سيضيف اسماً آخر مناوئاً لروسيا في فريق ترامب. وأشار بروس جونز، مدير قسم السياسة الخارجية في معهد «بروكينغز» (مقرّه واشنطن)، إلى «وقوع تحوّل أساسي»، وزاد: «شهدنا على الأقل تطوراً نحو نهج أكثر حساسية تجاه خطر تمثله روسيا بالنسبة الى أوروبا والولاياتالمتحدة». ولفت إلى أن هذا التغيير تجلّى في شكل واضح في جهود بذلها مسؤولون أميركيون خلال الأسبوعين الماضيين، لطمأنة القادة الأوروبيين إلى نيات الإدارة في واشنطن. أما جايك ساليفان الذي كان مستشاراً للأمن القومي لنائب الرئيس السابق جوزف بايدن، فرأى أن وضع سياسة البيت الأبيض «ما زال غير مستقر»، مستدركاً أن حلول ماكماستر مكان فلين «قد يرجّح كفة الميزان» لمصلحة المعسكر المناهض لروسيا. ويعتبر محللون أن تعيين متشددين ضد موسكو في الإدارة، سيمكّن ترامب من الانفتاح على روسيا من موقع قوة. لكن ساليفان نبّه إلى أن «لا إجماع حتى الآن داخل الإدارة» الجديدة، على رغم تنامي موقع صقور المحافظين في البيت الأبيض، وتابع: «ما زال في إمكان ترامب الاتصال بين حين وآخر ببوتين وعقد اتفاقات معه عبر الهاتف». وكان ترامب اعتبر أن التوصل إلى «تفاهم» مع موسكو «سيكون إيجابياً»، مضيفاً: «سيكون أسهل عليّ بكثير أن أكون قاسياً مع روسيا، لكننا في هذه الحالة لن نتمكن من إبرام اتفاق». وانتقد «الأطلسي»، معتبراً أنه «بائد». كما أبدى أبرز مستشاريه، ستيفن بانون، استعداداً لتخفيف العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على روسيا، بسبب ضمّها شبه جزيرة القرم وتورطها بالنزاع الأوكراني، في مقابل تعاون موسكو في مجالات أخرى، لا سيّما محاربة تنظيم «داعش». لكن بنس أكد خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي أن الإدارة تبقى ملتزمة روابط قوية عبر ضفتَي الأطلسي، قائلاً: «ستبقى الولاياتالمتحدة دوماً حليفتكم الأكبر. تأكدوا من أن الرئيس ترامب وشعبنا مخلصون بصدق لاتحادنا عبر الأطلسي». وأتى ذلك بعد أيام على تأكيد وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس لمسؤولين في بروكسيل أن الحلف بمثابة «حجر أساس» للولايات المتحدة. تزامن ذلك مع إطلاق «اذاعة اوروبا الحرة/اذاعة الحرية» التي تموّلها واشنطن، شبكة تلفزة ناطقة بالروسية من براغ، سُمِيت «الوقت الراهن»، لمواجهة وسائل الإعلام القريبة من الكرملين، اذ تتوجّه الى 270 مليون مشاهد في الفضاء السوفياتي السابق. وقال المدير التنفيذي للشبكة كينان علييف انها تستهدف نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مضيفاً: «نطمح الى جذب الجمهور في هذه المنطقة المهمة، والتي تتلقى في شكل منهجي كمية هائلة من المعلومات المضلّلة والأكاذيب والدعاية». لكن المقدّم الشهير الموالي للكرملين ديمتري كيسيليوف رأى في الأمر «تبييضاً للأموال بحجة التصدي للدعاية الروسية».