خرج اللقاء المسيحي الموسّع الذي ضم عدداً من قيادات «14 اذار» والمستقلين في المقر البطريركي في بكركي برئاسة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير بنداء وجّهه الى اللبنانيين أكد فيه أن «الكيان في خطر شديد»، ودعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم و «حصر الدفاع عن لبنان بالقوى الشرعية». وطالب الدول العربية بتحمّل مسؤولياتها في حماية اللبنانيين. وكانت الفعاليات المسيحية من وزراء ونواب حاليين وسابقين ورؤساء أحزاب تداعت الى لقاء تشاوري عقد العاشرة والربع قبل ظهر امس في بكركي استهلّ بكلمة ترحيبية للبطريرك صفير أكد فيها ان بكركي هي «لكل اللبنانيين»، وشدد على «أهمية تضامن جميع اللبنانيين». ولفت صفير إلى أن «هناك مخططات وتهديدات بوجه لبنان وبالتالي فإن الوحدة ضرورية، وعلى الجميع تحمل مسؤلياتهم تجاه الأخطار المحدقة بالوطن». ووصف «الظروف التي نعيشها هذه الأيام بالصعبة وتستدعي لقاءات تشاورية لإنقاذ هذا البلد ولإيجاد حل لما نمرّ به واتخاذ موقف معبر يحفظ السيادة والدولة انطلاقاً من ثوابت بكركي»، لافتاً إلى «الاختلاف بين وجهتي نظر حول المحكمة الدولية»، ومشدداً على «ضرورة إيجاد حل لهذا الصراع القائم وتبريد الأجواء المشحونة». وإثر اللقاء الذي استمر نحو ساعة وربع الساعة تلا رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل بياناً «من اجل لبنان» باسم المجتمعين قال فيه: «إدراكاً منا للخطر الذي يتهدد أمن المنطقة واستقرارها والوجود المسيحي فيها نتيجة رفض اسرائيل إقامة سلام عادل وشامل على اساس قرارات الشرعية الدولية وتنامي التطرف الديني الذي كان من آخر ضحاياه عشرات المصلين في كنيسة بغداد، وهو الخطر الذي دفع البابا بنيديكتوس السادس عشر الى عقد السينودس من اجل كنائس الشرق الاوسط، واقتناعاً منا بأن الأزمة الوطنية الحادة التي تعانيها البلاد لم تعد محصورة بخلافات من طبيعة سياسية بل تعدتها لتطاول جوهر الخيارات الوطنية التي قام عليها لبنان، بعدما أعلنت قوى محلية واقليمية عزمها على سلخ لبنان عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي، ودفعه بالإكراه نحو خيارات مناقضة لتاريخه وعقده الوطني، متجاوزة مؤسساته الدستورية وإرادة الأكثرية اللبنانية التي عبرت عنها نتائج الانتخابات النيابية في الدورتين الاخيرتين، وشعوراً منا بخطورة وضع اللبنانيين أمام معادلة ظالمة ومستحيلة - التنكر للعدالة حفاظاً على السلم الاهلي، او التضحية بالسلم الاهلي من اجل العدالة، ودعوتهم تحت تهديد السلاح الى العمل على الغاء المحكمة الدولية، وإدراكاً منا أن الجمهورية هي اليوم في خطر نتيجة الابتعاد عن فكرة الدولة ورفض الاحتكام الى مؤسساتها وتقييدها بشروط فئوية ادت الى شل عملها، نعلن نحن المجتمعين هنا، ان لبنان، كياناً ونظاماً ديموقراطياً ومجالاً مفتوحاً على العالم، هو اليوم بخطر شديد، وهو خطر يطاول كل اللبنانيين، المسيحيين منهم الذين يخشون عن حق أن يصيبهم ما أصاب اخوانهم في العالم العربي نتيجة سقوط الدولة في بلدانهم وسيطرة التطرف الديني، والمسلمين منهم الذين يخشون أن تنتقل الفتنة التي اشتعل فتيلها في بعض العالم العربي الى الداخل اللبناني». ودعا الجميل جميع اللبنانيين، «المؤمنين بوطنهم النهائي لجميع ابنائه الى يقظة وطنية في مستوى التحدي المصيري دفاعاً عن لبنان، لبنان الحرية والتنوع في مواجهة الشمولية، لبنان السيد المستقل في مواجهة مشاريع الاستتباع، لبنان العدالة في مواجهة القمع والاستبداد، لبنان الصيغة الفريدة للعيش المشترك في مواجهة الفتن الطائفية والمذهبية، لبنان الدولة الواحدة في مواجهة مشاريع الدويلات، لبنان النموذج في محيطه العربي في مواجهة المشاريع الهادفة الى تحويله رأس حربة ضد العالم العربي، لبنان القوي القادر بوحدة شعبه وجيشه ودعم أشقائه العرب ومساندة الشرعية الدولية على مواجهة أطماع اسرائيل». وأضاف: «ندعو وندعم رئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، الى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم من خلال تنفيذ أحكام الدستور، والعمل على وضع حد لازدواجية السلاح وحصر مسؤولية الدفاع عن لبنان بالقوى الشرعية مدعومة من الشعب اللبناني، وتثبيت حق اللبنانيين في وطن لا يكون ساحة دائمة للحرب من أجل مصالح خارجية او حزبية، وطن تحتكر فيه الدولة القوة المسلحة، من دون شريك وحيث سيادتها مبسوطة على جميع اراضيها والمقيمين. كذلك ندعوه الى مطالبة الدول العربية بتحمل مسؤولياتها في حماية لبنان من الهجمة التي يتعرض لها والتي من شأنها ان تضرب استقرار المنطقة العربية بأسرها، ومطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ تعهداته حيال لبنان، لا سيما القرارين 1701 و1757». ودعا الجميل «شركاءنا في الوطن الى العمل معاً لإنقاذ لبنان من الأخطار التي تتهدده، فنحن، والكلام لبطاركة الشرق الكاثوليك، مسيحيين ومسلمين، مسؤولٌ بعضنا عن بعض أمام الله والتاريخ. فخلاص لبنان كما جاء في المجمع البطريركي الماروني، يكون لكل لبنان او لا يكون ويقوم بكل لبنان او لا يقوم، ذلك انه ليس من حل لمجموعة دون اخرى، ولا لمجموعة على حساب أخرى. فمن هذا المنطلق علينا ان نعمل معاً على تجاوز الحساسيات الطائفية والمذهبية التي انبعثت على نحو لم تشهده البلاد من قبل، وحماية انفسنا من تكرار التجارب المأسوية التي عشناها على مدى اكثر من ثلاثة عقود، وذلك من خلال عودتنا جميعاً الى الدولة وبشروط الدولة، لا بشروط طائفة أو حزب». وخلص البيان الى دعوة المسيحيين «الى استعادة الدور الذي لعبوه منذ عصر النهضة وصولاً الى معركة الاستقلال التي انطلقت عام 2000 مع نداء المطارنة الموارنة الشهير، والانضواء تحت الثوابت الوطنية للكنيسة، وتحمل مسؤولياتهم التاريخية في الدفاع عن لبنان الكيان. إن الظرف خطير والتاريخ لا يرحم، فمستقبل لبنان هو اليوم امانة في عهدة كل واحد منا».