«الحياة»، أ ف ب - بدأ مساء أمس، أول أيام عيد الأضحى، سريان وقف النار في سورية باستثناء مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش»، وسط تأكيد موسكو أن الغارات لن تتوقف ضد «أهداف إرهابية»، بعد إعلان كل الأطراف السوريين المتحاربين مع النظام وإعلان المعارضة موافقتها على الهدنة التي تستمر يومين. وستثبت الهدنة لمدة أسبوع تمهيداً لتعاون بين الجيشين الأميركي والروسي ضد «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) و «داعش». وكان لافتاً تجاهل موسكو حديث الرئيس بشار الأسد عن تصميمه على «استعادة كامل الأراضي السورية بصرف النظر عن الظروف الداخلية والخارجية»، بالتزامن مع استمرار الغارات السورية على مدن، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقال المسؤول العسكري الروسي البارز سيرغي رودسكوي في مؤتمر صحافي: «اليوم (مساء أمس) وابتداء من الساعة 19 (بالتوقيت المحلي) سيتم وقف كل الأعمال القتالية في كل مناطق سورية»، مضيفاً أن روسيا «ستواصل شنّ الضربات ضد أهداف إرهابية». وحضّ «الجيش الحر» على الكفّ عن قتال «وحدات حماية الشعب» الكردية، لافتاً إلى أن موسكو تدرس طلب الجيش النظامي السوري تزويده معدات لمراقبة وقف النار. كما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن الجيش النظامي تأكيده بدء الهدنة التي تستمر أسبوعاً، مؤكداً «الاحتفاظ بحق الرد الحاسم باستخدام كل الوسائط النارية، على أي خرق من جانب المجموعات المسلحة». وأفاد مصدر في المعارضة السورية بأن الجماعات المسلّحة الرئيسية، وبينها «أحرار الشام» المتحالفة مع «فتح الشام» في تكتل «جيش الفتح»، وافقت على الهدنة وتحدثت عن «تحفّظات شديدة وملاحظات في الاتفاق ككل». كما أعلنت «وحدات حماية الشعب» ترحيبها بالاتفاق الأميركي - الروسي، لكنها سحبت بياناً سابقاً أشار إلى أنها ستوقف عملياتها الهجومية. وكان الأسد أعلن أمس خلال زيارة إلى مدينة داريا في ريف دمشق: «أن الدولة السورية مصمّمة على استعادة كل منطقة من الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان وإعادة الإعمار». ونبّه إلى أن «القوات المسلّحة مستمرة في عملها من دون تردُّد ومن دون هوادة بصرف النظر عن أي ظروف داخلية أو خارجية في إعادة الأمن والأمان إلى كل منطقة في سورية، وعملاً بأحكام الدستور السوري الذي ليس فقط يخوّلها، بل يفرض عليها أن تقوم بهذا العمل على مدار الساعة». وتجاهلت موسكو تصريحات الأسد في شأن إصراره على «استعادة السيطرة على كل الأراضي»، لكنها أكدت عزمها على تنفيذ الاتفاق مع واشنطن حول تنسيق طلعات الطيران في الأجواء السورية. وقال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن «الطيران السوري سيشارك في بعض الطلعات، ولكن وفق جدول ينظم هذه العملية». وشدد في حديث نشرته أمس وكالة «نوفوستي» الرسمية على أن الاتفاق في شأن تحديد طلعات الطيران السوري لا يعني إقامة منطقة حظر جوي في سورية، وزاد: «سيكون بيننا تنسيق لتنظيم الطلعات، وسنقرّر أي طرف يقوم بطلعات إلى أية جهة، والطيران السوري سيقوم بطلعات كذلك ولكن ضمن جدول ينظم العملية». ورجّح بوغدانوف استئناف المفاوضات السورية في جنيف الشهر المقبل، متوقّعاً أن يرسل المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا دعوات إلى المشاركين في الجولة المقبلة من المفاوضات مطلع تشرين الأول (أكتوبر). وكشف الديبلوماسي الروسي أن «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارِضة اقترحت على الجانب الروسي عقد لقاء ثنائي، رجّح أن يلتئم على هامش الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة. في غضون ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الأوضاع في سورية على خلفية الاتفاق مع واشنطن، من دون أن يوضح تفاصيل اللقاء. لكن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال أن وزيري الدفاع والداخلية ومدير الاستخبارات الروسية حضروا الاجتماع. ويجري معاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية حسين جابري أنصاري اليوم مشاورات في موسكو مع بوغدانوف، تتعلق بالأزمة السورية والهدنة، في الوقت الذي يوجد قائد «فيلق القدس» التابع ل «الحرس الثوري» العميد قاسم سليماني في الراموسة بحلب ل «متابعة وقف النار وعدم حصول خروق في هذه المنطقة»، وفق مصادر إيرانية. وقالت المصادر ل «الحياة» أن طهران «قلقة من استغلال الجماعات المسلّحة هذه الخطوة من أجل إعادة تنظيم صفوفها وإدخال مزيد من الأسلحة والمسلّحين إلى المناطق المحاصرة». ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بأن «13 مدنياً قُتِلوا و15 جُرِحوا بالغارات التي نفّذتها الطائرات الحربية مستهدفة مناطق في بلدة معرة مصرين الواقعة بريف إدلب الشمالي». ولفت إلى أن قوات النظام قصفت بصواريخ أرض - أرض «مناطق في مدينة دوما بغوطة دمشقالشرقية، ما أسفر عن استشهاد رجل وسقوط 5 جرحى معظمهم من عناصر الدفاع المدني». وزاد: «ارتفع إلى 7 بينهم 3 دون سن ال18 عدد القتلى الذين قضوا بقصف جوّي استهدف مناطق في حي الصالحين بمدينة حلب».