أعلن رئيس الحكومة البريطانية المستقيل ديفيد كامرون اليوم (الإثنين)، أن وزيرة الداخلية تيريزا ماي ستصبح رئيسة للحكومة البريطانية الأربعاء المقبل. وقال كامرون في تصريح صحافي أدلى به أمام مقر الحكومة في لندن «سيكون لنا رئيس حكومة جديد في هذا البناء ورائي مساء الأربعاء»، مضيفاً أنه سيقدم استقالته إلى الملكة الأربعاء بعد جلسة أسئلة في البرلمان. وأصبحت ماي اليوم المرشحة الوحيدة لخلافة كامرون، بعد انسحاب منافستها وزيرة الدولة للطاقة أندريا ليدسوم من السباق على زعامة «حزب المحافظين». وأعلنت ليدسوم في تصريح إلى الصحافة انسحابها من السباق، مشيرة إلى أن تيريزا ماي أكثر قدرة على تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقالت إن ماي «هي الشخص المثالي لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بأفضل الشروط التي تخدم الشعب البريطاني». وصرحت ليدسوم التي تعرضت لانتقادات شديدة بعد أن المحت إلى أنها أكثر أهلية لمنصب رئاسة الوزراء من ماي لأنها أم، أن السباق الطويل على زعامة الحزب «ليس محبذا» بالنسبة لها. وفي هذا اليوم الحافل للسياسة البريطانية، أطلقت النائب عن «حزب العمال» أنغيلا إيغل كذلك حملتها لتولي زعامة «حزب العمال» المعارض خلفاً لجيرمي كوربن. واستقال كامرون بعد أن فشل في إقناع البريطانيين بالتصويت للبقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى في 23 حزيران (يونيو) الماضي، ومن المقرر إعلان خليفته في 9 أيلول (سبتمبر). ولم يتضح ما إذا كانت ماي ستصبح تلقائياً رئيسة الوزراء المقبلة أم إذا كان نواب «حزب المحافظين» سيختارون مرشحاً آخر لمنافستها لضمان حدوث سباق على المنصب. وأطلقت ماي (59 عاماً)، التي قد تصبح المرأة الأولى التي تتولى رئاسة الوزراء بعد مارغريت تاتشر، حملتها السياسية اليوم معلنة أنها ستقود بريطانيا في عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي على رغم أنها دعمت معسكر «البقاء» في الاتحاد قبل الاستفتاء. وقالت ماي في تصريحات تلفزيونية «قرار البريكست نهائي، وسنقوم به بنجاح». وأضافت «لن نبذل أي محاولات للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي، ولن نسعى إلى إعادة الانضمام من أبواب خلفية، ولن نجري استفتاء ثانياً (...) سأضمن أن نغادر الاتحاد الأوروبي». وكانت ماي وعدت ببدء المحادثات الرسمية للخروج من الاتحاد الأوروبي في نهاية العام في أقرب وقت ممكن في وقت يضغط زعماء دول الاتحاد على بريطانيا لتسريع البدء في هذه المحادثات. وأدخل التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي الاقتصاد البريطاني في حال من الغموض وعدم الاستقرار، كما أحدث حال من الفوضى في الحزبين الرئيسين اللذين يهيمنان على السياسة البريطانية. وفي إعلانها إطلاق حملتها لزعامة «حزب العمال»، قالت إيغل «هذه أوقات مظلمة لحزب العمال، وهي أوقات خطيرة على بلادنا»، وأضافت أن «جيرمي كوربن غير قادر على القيام بالدور القيادي الذي تحتاجه هذه الخطوة العملاقة. وأعتقد أنني أستطيع ذلك»، في إشارة إلى عملية «بريكست». وأضافت أن «هذا التصويت هو رسالة للملايين في هذا البلد الذين شعروا لفترة طويلة أن لا أحد يستمع إليهم (..) وبالنسبة للعديد منهم فقد كانت صرخة ألم». وكان كوربن يتمتع بتأييد واسع بين أعضاء حزبه، إلا أنه خسر ثقة ثلاثة أرباع نواب «حزب العمال» على الأقل. والغالبية العظمى من نواب الحزب لا يعتقدون أن كوربن يستطيع أن يقودهم إلى فوز في الانتخابات العامة، وكان الاستفتاء على «بريكست» هو القشة الأخيرة. وتعتمد المنافسة على زعامة «حزب العمال» على قرار اللجنة الوطنية التنفيذية الحاكمة ل «حزب العمال»، والتي تقرر ما إذا كان كوربن يحتاج للترشح لدخول السباق أم أنه سيدخله بشكل تلقائي. وقالت ديان آبوت الموالية لكوربن لإذاعة «بي بي سي» أن «عدم وجود الزعيم الحالي للحزب على قائمة المنافسين يتناقض مع جميع قوانين العدالة والنزاهة الطبيعية»، وأضافت أن «موقف أنغيلا إيغل غريب إذ أنها ترغب في تحدي القيادة ولكنها لا ترغب في أن يشارك الزعيم في التصويت». وأضافت أن «أنغيلا إيغل صوتت لصالح الحرب على العراق وغير ذلك». وقال البروفيسور إيان بيغ من كلية لندن للاقتصاد أن الانقسامات «تدمر حزب العمال». إلا أنه قال إنه إذا شارك كوربن في السباق على الزعامة فإن تلك ستكون «خطوة تاتي بنتائج عكسية» لأنه من المرجح أن يعيد أعضاء الحزب انتخابه. واليوم بعث أكثر من ألف محام رسالة إلى كامرون يطالبون فيها بأن يصدر البرلمان قانوناً قبل أن يفعل رئيس الوزراء المقبل المادة 50 من معاهدة لشبونة، والذي يؤذن ببدء عملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ودعوا إلى تشكيل لجنة مستقلة «لتلقي أدلة وتقرير خلال فترة قصيرة محددة حول فوائد وتكاليف ومخاطر تفعيل المادة 50 على المملكة المتحدة في شكل عام وعلى جميع سكانها».