بدأ النواب المحافظون في بريطانيا أمس، التصويت لاختيار زعيم جديد لهم يتولى رئاسة الحكومة خلفاً لرئيس الوزراء ديفيد كامرون، ويقود عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، مع اعتبار وزيرة الداخلية تيريزا ماي الأوفر حظاً بالفوز. واستبعد مرشح من خمسة نال أقل عدد من الأصوات، فيما ستنظم جولتا تصويت آخريان غداً والثلثاء المقبل للتوصل الى مرشحين اثنين سيختار 150 ألف ناشط احدهما خلال الصيف، تمهيداً لإعلان اسم الفائز رسمياً في 9 ايلول (سبتمبر) المقبل. وأحدث انسحاب الرئيس السابق لبلدية لندن، بوريس جونسون، الذي اعتبر احد قادة حملة الخروج من السباق، ضجة خصوصاً انه ترافق مع اعلان تأييده وزيرة الطاقة أندريا ليدسوم، وهو ما فسره كثيرون بأنه انتقام من وزير العدل مايكل غوف الذي كان احد رموز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن كثيرين اعتبروا ان ترشحه في شكل مفاجئ لزعامة المحافظين مثل خيانة لجونسون. ووصف جونسون اندريا ليدسوم (53 سنة) بأنها «حكيمة لطيفة وصادقة»، علماً انها لم تكن معروفة قبل استفتاء 23 حزيران (يونيو) الماضي، حين برزت بفضل مداخلاتها الهادئة والحازمة خلال المناظرات التلفزيونية. ووفقا لآخر إحصاء أجراه موقع «كونزورفاتيف هوم» تأتي أندريا في المركز الثاني، بدعم من 39 نائباً، لكنها بعيدة عن تيريزا ماي (120 نائباً) التي تستفيد خصوصاً من دعم جو جونسون، شقيق بوريس. لكن اندريا تسبق مايكل غوف (26 نائباً) ووزير الدولة لشؤون التقاعد ستيفن كراب (22) وزير الدفاع السابق ليام فوكس (7). ووضع استطلاع الموقع ذاته اندريا ليدسوم في المقدمة بفارق طفيف عن تيريزا ماي، وفق تصويت الناشطين. وأظهر استطلاع آخر لموقع «يوغوف» تحقيق وزيرة الداخلية فوزاً كاسحاً على ليدسوم إذا تواجها في الجولة النهائية. ودافع المرشحون الخمسة عن ترشيحهم امام اعضاء الحزب ليل الإثنين. وكررت تيريزا ماي بأنها ستركز خلال المفاوضات المقبلة مع الاتحاد الأوروبي، على مصير ثلاثة ملايين مواطن اوروبي يقيمون في المملكة المتحدة. وفيما يقول جميع منافسيها إن الأوروبيين يملكون حق البقاء في بريطانيا مهما حدث، يبدو أن وزيرة الداخلية تريد اعتماد نهج متشدد للتعويض عن عدم دعمها حملة الخروج. وتفعيلاً للمادة 50 التي تطلق عداً تنازلياً يفترض أن يؤدي بعد عامين الى الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي، يتفق كل من تيريزا ماي ومايكل غوف على ان تأخذ العملية الوقت الكافي على رغم انزعاج الأوروبيين. وتأمل ليدسوم بأن تكون المفاوضات «قصيرة قدر الإمكان». الى ذلك، أفادت صحيفة «ديلي تلغراف» بأن تيريزا ماي تريد أن تعطي أولوية لاستبدال قوة بريطانيا للردع النووي والمتمثلة في 4 غواصات مجهزة بصواريخ «ترايدنت» النووية، في وقت يتوقع أن يُبلغ كامرون ووزير الدفاع مايكل فالون قمة الحلف الأطلسي (ناتو) هذا الاسبوع التزام لندن تطوير صواريخ «ترايدنت». ولدى حزب العمال لا يزال الوضع غير واضح، مع تمسك رئيسه جيريمي كوربن بمنصبه بوجه حركة تمرد امتدت إلى 80 في المئة من نوابه. وسيقود توم واتسون نائب رئيس الحزب، محادثات طارئة مع قادة النقابات في محاولة لحل الأزمة. وفي كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، سخر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من «الأبطال البائسين» لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد، فبادله نواب بالتصفيق. وقال مشيراً الى رئيس حزب «استقلال بريطانيا» المستقيل نايجل فاراج ورئيس بلدية لندن السابق جونسون: «يغادر اولئك الذين تسببوا بهذه النتيجة في بريطانيا الحلبة واحداً تلو آخر: جونسون، فاراج، وغيرهما. وهم صراحة قوميون من زمن بائد وليسوا وطنيين لا يتركون السفينة حين يصبح الوضع صعباً، بل يبقون». وأضاف: «لا افهم كيف ان معسكر مغادرة الاتحاد يحتاج الى وقت والتفكير قبل ان يعرف ما يريده. اعتقدت بأن لديه خطة ولكن لا، انهم يغادرون السفينة». وكرر يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك القول إن «احتفاظ بريطانيا بحق دخول السوق المشتركة يحتم موافقتها على الحريات الأربع، ومنها حرية تنقل الأشخاص. وقال توسك: «لن نساوم على حرياتنا، ولن تكون هناك سوق مشتركة وفق الطلب». وسخر زعيم كتلة النواب الأوروبيين الليبراليين البلجيكي غي فرهفشتاد من قادة حملة المغادرة قائلاً: «ليست لديهم ادنى فكرة. انهم يشبهون جرذاناً تهرب من سفينة غارقة». وانتقد ايضاً استقالة فاراج من حزبه مع احتفاظه بمقعده كنائب اوروبي قائلاً: «يريد الإفادة من وقته لإنفاق راتبه الأوروبي». في المقابل، قالت زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا مارين لوبن: «تريد الشعوب استعادة سيادتها»، داعية الى عدم احداث توتر وعدم تعقيد انفصال بريطانيا بهدف ردع شعوب اخرى عن الاقتداء بها.