دار سجال غير مباشر بين وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي المرشحة الأبرز لخلافة رئيس الوزراء ديفيد كامرون ومنافستها على المنصب أندريا ليدسوم وهي وزيرة الدولة لشؤون الطاقة والتغير المناخي. وتركز السجال حول طريقة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء وما اذا كان يتعيّن الإسراع في تفعيل المادة 50 من المعاهدة الاوروبية والتي تبدأ بموجبها عملية التفاوض على شروط الخروج، او التمهل في ذلك. ولدى سؤال ليدسوم متى ستفعل المادة 50 اذا اختارها المحافظون لخلافة كامرون، أكدت قناعتها بأن هذا لا بد أن يحدث في أقرب وقت ممكن. وقالت لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «نحتاج إلى البدء. يجب أن نستغل الفرصة». ورأت ان الأمر «يتعلق بطمأنة الشركات وبأن نقول للعالم إننا جاهزون لممارسة الأعمال. لنبدأ في عقد اتفاقات للتجارة الحرة في أقرب وقت ممكن». لكن ليدسوم امتنعت عن تحديد إطار عمل لبرنامجها، غير انها شددت على وجوب أن يكون رئيس الوزراء «مؤمناً بالفرصة التي يتيحها ترك الاتحاد الأوروبي»، او بمعنى آخر مؤيداً للخروج. وظهرت ليدسوم في المراحل الأولى من المنافسة لخلافة كامرون بوصفها واحدة من أقوى المرشحين من المعسكر المؤيد لانسحاب بريطانيا من الاتحاد. وكانت واحدة من أبرز المؤيدين للتصويت لمصلحة خروج بريطانيا قبل الاستفتاء الذي جرى في 23 حزيران (يونيو) الماضي، وانتهى بتصويت الغالبية في بريطانيا لمصلحة ترك الاتحاد الأوروبي. وتتصدر السباق داخل حزب المحافظين لخلافة كامرون وزيرة الداخلية تيريزا ماي التي كانت من الداعين للتصويت بالبقاء داخل الاتحاد، علماً انها ليست من أشد المتحمسين لفكرة اوروبا، كما انها مناهضة لموضوع الهجرة. وقالت ماي إنها في حال اختيارها خلفاً لكامرون في التصويت المقرر في التاسع من ايلول (سبتمبر) المقبل، فإنها لن تفعل المادة 50 من المعاهدة الأوروبية هذا العام. وأضافت في مقابلة مع قنانة «أي تي في» التلفزيونية ان بريطانيا في حاجة الى التوصل الى اتفاق حول موقف تفاوضي واضح، والصفقة التي ترجوها من المفاوضات على الانسحاب، قبل تفعيل المادة 50. وقالت: «المهم هو أن نفعل ذلك في الإطار الزمني الصحيح، ونفعله للحصول على الصفقة المناسبة لمصلحة المملكة المتحدة». وأشارت ماي الى أن «الرسالة القوية التي بعثها المصوتون على الانسحاب كانت تتعلق بالمهاجرين، لذا فإن الحكومة المقبلة يجب أن تعمل على خفض أعدادهم الى مستوى يمكن السيطرة عليه».من جهة أخرى، نبه وزير المال الألماني وولفغانغ شويبله الى أن على الاتحاد الأوروبي بعد صدمة خروج بريطانيا، ان يتصدى في شكل عاجل للمشكلات الملموسة وألا يرسم رؤى كبيرة للمستقبل اذا أراد استعادة ثقة الشعوب الأوروبية. وصرح شويبله لصحيفة «فيلت ام تسونتاغ» بأنه بدلاً من مناقشة تغييرات في المعاهدات او اصلاحات مؤسساتية، ينبغي التقدم سريعاً على صعيد أزمة اللاجئين وبطالة الشباب ومشكلات ملموسة اخرى. وقال الوزير (73 سنة) المعروف بدعمه المشروع الأوروبي: «ليس الوقت ملائماً للرؤى الكبيرة»، معرباً عن صدمته بالقرار البريطاني الخروج من الاتحاد الاوروبي. وأضاف ان «الوضع خطير الى درجة ينبغي الكف عن ممارسة الألعاب التقليدية لأوروبا وبروكسيل. الاتحاد الاوروبي يواجه اختباراً حاسماً قد يكون الأهم في تاريخه». وتابع «في المبدأ، اؤيد مزيداً من التكامل في أوروبا. لكن الوقت ليس ملائماً. في مواجهة تنامي انتشار الديماغوجية والتشكيك في اوروبا، لا يمكن لأوروبا بكل بساطة ان تستمر كما كانت». وفي وقت تدعو أصوات في بلدان اوروبية اخرى الى الخروج من الاتحاد، شدد شويبله على وجوب ان «يتجنب (الاتحاد) الانفجار وألا يستمر في خطابه التقليدي». وتأتي هذه التصريحات بعدما دعا بعض القادة الأوروبيين الى مزيد من التكامل رداً على تصويت البريطانيين. كذلك، أكد شويبله وجوب ان يحصل الاتحاد الاوروبي «سريعاً وفي شكل براغماتي» على نتائج لمشكلات تبدأ بالسياسة المشتركة على صعيد الطاقة وتنتهي بتدريب الشبان على الوظيفة، مروراً بتنظيم شراء السلاح. وقال: «هناك أمور كثيرة يجب القيام بها. إن زمن الخطابات السياسية عن اوروبا ولى. يجب التحرك وليس الاكتفاء بالعبارات الكبيرة والإثبات للمواطنين الاوروبيين ان ثمة تغييراً في اوروبا».