تواصلت الجهود والاتصالات أمس في بيروت من أجل تكريس التهدئة، بعد التأزم الذي حصل إثر الإشكالات التي وقعت بين قوات الأممالمتحدة في الجنوب (يونيفيل) وبعض أهالي قرى حدودية الأسبوع الماضي، واستكمل قائد «يونيفيل» الجنرال ألبرتو أسارتا اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين، بعد اجتماعه مع رؤساء 15 بلدية جنوبية أول من أمس في حضور نائب مدير المخابرات في الجيش العميد عباس ابراهيم، والذي لقيت نتائجه ترحيباً من حركة «أمل» و «حزب الله» وإشادة بالرسالة المفتوحة التي وجهها أسارتا الى أهالي الجنوب. وبذل المسؤولون اللبنانيون على أعلى المستويات جهوداً لطمأنة «يونيفيل» قبيل ساعات من اجتماع مجلس الأمن في نيويورك بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي (في ساعة متقدمة ليلاً بتوقيت بيروت) للبحث في الحوادث التي حصلت على هذا الصعيد، وتسلّح الجانب اللبناني بالموقف الذي صدر عن مجلس الوزراء ليل أول من أمس برئاسة الرئيس ميشال سليمان، اذ «أكد حرصه على سلامة يونيفيل والعلاقة الطيبة والوثيقة بينها وبين المواطنين اللبنانيين طيلة عقود»، وشدد على «الدور الذي تضطلع به هذه القوات بحسب نص القرار 1701 ضمن القواعد المتفق عليها وعلى تعزيز التعاون بين يونيفيل وبين الجيش وتدعيم وجود الجيش ضمان لفعالية التنسيق». كما اعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «التعرض ليونيفيل غير مقبول، علينا أن نضع حداً لحوادث من هذا النوع». وفيما قالت مصادر وزارية إن رئيس بعثة لبنان لدى الأممالمتحدة السفير نواف سلام سيشدد على ما صدر عن مجلس الوزراء، أشار ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت مايكل وليامز الى ان قرار مجلس الوزراء والإعلان الذي انتهى اليه «يشكلان بالتأكيد عنصراً إيجابياً» وأن مجلس الأمن «سيأخذ علماً بذلك في مناقشاته». لكن وليامز شدد، بعد لقائه وزير الخارجية علي الشامي، على ضرورة حرية تنقل «يونيفيل». وقال إنه شدد في اجتماعه أول من أمس مع الرئيس الحريري ووزير الدفاع الياس المر على أن التنسيق وتبادل المعلومات (بين يونيفيل والجيش) لا يعنيان بالضرورة «أن تنفذ النشاطات في شكل مشترك فقط». وكان الجنرال أسارتا قال في رسالته المفتوحة الى اللبنانيين ان «التنسيق مع الجيش لا يستوجب مواكبته ل 350 دورية تجريها يونيفيل يومياً». وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن مشروع البيان الذي يرجح أن يكون صحافياً وليس رئاسياً عن مجلس الأمن، خضع لمناقشات تمهيدية قبل اجتماع المجلس، وهو ينص على «أسف» المجلس «للحوادث التي حصلت» وسيذكر بأهمية حرية حركة «يونيفيل» طبقاً لمنطوق القرار 1701 وقواعد العمل والاشتباك. وأشارت الى أن التفاصيل المتعلقة بقواعد العمل تناقش بين الجيش و «يونيفيل». وفي باريس، توقعت مصادر فرنسية مطلعة ان يتضمن نص البيان ثلاثة مبادئ تصر عليها فرنسا. وذكرت ان هذه المبادئ هي أولاً أن الأحداث التي وقعت في جنوب لبنان واستهدفت خلالها قوة «يونيفيل» غير مقبولة، وأن هامش تحرك القوة الدولية في إطار القرار 1701 ينبغي أن يكون حراً كلياً، وأن التنسيق مع الجيش اللبناني منشود ومرجو ولكنه غير إلزامي، وأن قائد القوة هو الذي يقرر ويقود قواته في تحركاتها، وأن المبدأ الأخير هو التعبير عن دعم قوي من مجلس الأمن ل «يونيفيل». وقالت المصادر الفرنسية ل «الحياة» إن زيارة رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لباريس كانت مناسبة لمطالبة الجانب الفرنسي بألا يكون بيان مجلس الأمن شديد اللهجة، لافتاً الى «أخطاء ارتكبت من الجانبين»، وأن «المهم أن تبقى يونيفيل تمارس مهمتها في إطار القرار 1701، وليس على النهج الذي كان متبعاً قبل صدور هذا القرار». ورحب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو بالموقف الصادر عن الحكومة اللبنانية التي نددت بالأحداث في الجنوب وأكدت أهمية التعاون بين «يونيفيل» والجيش اللبناني وأكدت الحاجة الى تعزيز انتشار هذا الجيش في الجنوب. وعبّر فاليرو عن أمل فرنسا بأن تؤدي المشاورات في نيويورك الى إعادة التذكير بهذه العناصر وبحرية حركة «يونيفيل» بمعزل عن أي قيود، «لأن هذا مبدأ أساسي في إطار عمليات حفظ السلام». الى ذلك، أفادت مصادر مطلعة في باريس ان الحريري أكد خلال لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين أنه عازم على الذهاب بالمحكمة الدولية الى النهاية وأنه يتكلم بصفته رئيساً للحكومة وليس بصفته نجل الرئيس الراحل رفيق الحريري، لأنه يعتبر ان الذهاب الى النهاية هو بمثابة تدارك للمزيد من الجرائم السياسية، ولكي يعاقب المجرمون. من جهة ثانية، وفي وقت تواصلت التعازي بوفاة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية تصريحات سفيرتها في بيروت فرانسيس غاي حول الراحل بأنها «وجهة نظر شخصية». ونسبت صحيفة «ديلي تليغراف» الصادرة أمس الى ناطق باسم الوزارة قوله ان السفيرة غاي «عبّرت عن وجهة نظر شخصية حيال الشيخ فضل الله ووصفت الرجل كما عرفته». وأضاف الناطق: «رحبنا بآراء السيّد فضل الله التقدمية في مجال حقوق المرأة والحوار بين الأديان، لكن كانت لدينا أيضاً خلافات عميقة حيال بعض القضايا، وبخاصة تصريحاته المؤيدة لشن هجمات ضد إسرائيل». وكانت غاي، وصفت في مدونتها الإلكترونية فضل الله بأنه «رجل جدير بالاحترام، وأكثر شخصية أثارت إعجابي من بين جميع الناس الذي قابلتهم، وحزنت لسماع نبأ وفاته». وكتبت «ان العالم يحتاج الى المزيد من الرجال مثل السيد فضل الله الذين هم على استعداد للتواصل بين الأديان، والاعتراف بواقع العالم المعاصر».