تجددت التظاهرات في بغداد أمس، لكنها فشلت في اقتحام المنطقة الخضراء، فقد قطعت قوات الأمن الشوارع وحاصرتهم في ساحة التحرير القريبة، وأطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. إلى ذلك، هدأت المعارك موقتاً في الفلوجة، بعد خمسة أيام على انطلاقها، وأعلنت قيادة العمليات أنها ستستأنف بعد تأمين الضواحي التي تم تحريرها وتطهيرها من الإرهابيين، وإجلاء النازحين الذين لجأ المئات منهم أمس إلى مواقع الجيش، فيما هدَأ رئيس الوزراء حيدر العبادي مخاوف عشائر الأنبار من «الحشد» الشعبي، وطمأنهم زعيم منظمة «بدر» هادي العامري، بعد اجتماعه مع عدد منهم، إلى أن هذه القوات لن تدخل مركز الفلوجة. وتدفق آلاف المتظاهرين مساء أمس إلى ساحة التحرير، وسط بغداد، حيث أغلقت معظم الشوارع المؤدية إليها بحواجز إسمنتية كبيرة، وطالبوا بمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين وحملوهم مسؤولية قتل 3 محتجين وجرح العشرات خلال اشتباكات قرب المنطقة الخضراء الجمعة الماضي، وفتحت قوات الأمن خراطيم المياه وأطلقت قنابل الغاز المسيلة للدموع عليهم. وأوضحت صور إصابة العشرات باختناقات، فيما اعتدت قوات الشرطة على فرق تلفزيونية، ومنعتها من الوصول إلى داخل الساحة. وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي دعا المتظاهرين إلى عدم الخروج هذه الجمعة، دعماً لمعركة الفلوجة، كما أصدر بياناً أمس اتهم فيه «مندسين» بالاعتداء على القوى الامنية. إلى ذلك، قالت عضو مجلس محافظة الانبار نهلة الراوي ل «الحياة» إن «مئات العائلات من الفلوجة تمكنت من الفرار إلى مواقع قوات الأمن، بعد فقدان «داعش سيطرته على بلدات وقرى شمال وشرق الفلوجة». وأضافت أن «الشرطة الاتحادية وأفواج الطوارئ استقبلت الفارين في منطقة السجر ونقلتهم إلى مخيمات موقتة». وعن الوضع داخل الفلوجة، قالت إن «عدداً من الأهالي يتواصلون مع مسؤولين محليين ويقولون إن القصف الجوي كان عنيفاً ودقيقاً، خلال اليومين الماضيين واستهدف معاقل داعش في أحياء الجولان والشهداء والضباط». من جهة أخرى، أكدت «خلية الإعلام الحربي» أمس، أن «قيادتي الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي أخلتا أكثر من 460 شخصاً من أهالي الفلوجة وأمنت نقلهم بسلام من المحور الشرقي». وتمكنت هذه القوات، الأسبوع الماضي، من السيطرة على بلدتي الكرمة والسجر، اللتين كانتا تمثلان عقبة في طريق الجيش، طوال العامين الماضيين، وتنظيفهما من جيوب الإرهاب يحتاج إلى بعض الوقت، خصوصاً في الكرمة فمساحتها أكبر من مساحة الفلوجة. في هذه الأثناء، هدأت جبهة الفلوجة قليلاً، والتقى العبادي والعامري عدداً من شيوخ العشائر وزعماء الأنبار وقال الأخير، بعد الإجتماع، إن المعركة النهائية لاستعادة الفلوجة ستبدأ خلال أيام وليس أسابيع. وأضاف أن المرحلة الأولى من العملية التي بدأت الإثنين أوشكت على نهايتها، بعد استكمال تطويق المدينة التي تقع على بعد 50 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد. وتحدث العامري وهو يرتدي الملابس العسكرية في موقع العمليات، بينما كان العبادي يقف إلى جانبه وهو يرتدي زي قوات مكافحة الإرهاب الأسود. إلى ذلك، أبدت الولاياتالمتحدة تفاؤلاً إزاء المعارك الدائرة ورجحت أن تقتحم قوات الأمن مركز الفلوجة قريباً، وقال الناطق باسم «التحالف الدولي» ستيف وارن خلال مؤتمر صحافي، إن «طيران التحالف استهدف 30 موقعاً لداعش في الفلوجة منذ انطلاق عمليات تحريها». وأوضح أن «التنظيم يقاوم بقوة متوسطة في المدينة ويستخدم القذائف والعبوات الناسفة»، وأشار إلى أن «القوات تحركت نحو الفلوجة مسافة 5 كلم وستدخلها قريباً». وأعلن «مشاركة 4000 عنصر من أبناء العشائر السنية في المعارك، مؤكداً أن «الحشد الشعبي سيبقى خارج المدينة»، وقال «لا نعلم المدة التي ستستغرقها عمليات التحرير». وأعلنت قيادة القوات المشتركة في بيان أمس، أن «فرقة الرد السريع دمرت مركز اتصالات لداعش في السجر شمال الفلوجة»، وأضافت أن «الفرقة تمكنت أيضاً من قتل أربعة انتحاريين وتفجير عربتين مفخختين تحملان أحاديتين في المنطقة بعد تحريرها».