يسعى وزير الخارجية الإسرائيلي زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان إلى فرض أجندته السياسية المتطرفة على الحكومة من خلال إطلاق تصريحات متشددة في كل ما يتعلق ب»عدم جدوى» المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي محاولاته لإقناع رئيس حكومته بنيامين نتانياهو بأن يجعل من البرنامج السياسي لحزبه (إسرائيل بيتنا) الداعي إلى تبادل سكان وأراض مع السلطة الفلسطينية البرنامج الرسمي للحكومة. كما دعا ليبرمان إلى انفصال إسرائيل عن قطاع غزة وتسليم اوروبا مهمة إدارة المعابر الحدودية. ويقترح ليبرمان على زملائه في «المنتدى الوزاري السباعي» تبني الخطوط العريضة للبرنامج السياسي لحزبه. ويدعو البرنامج إلى انسحاب إسرائيل من أعماق الضفة الغربية ومن المستوطنات «المعزولة»، على أن يتم، في إطار اتفاق لتبادل سكان وأراضٍ مع السلطة الفلسطينية، ضم الكتل الاستيطانية الكبرى (نحو 500 ألف مستوطن) إلى إسرائيل في مقابل ضم (ترحيل) التجمعات السكنية في منطقة وادي عارة في المثلث الشمالي داخل «الخط الأخضر» (نحو نصف مليون فلسطيني) إلى الدولة الفلسطينية العتيدة. قطع الطريق على انضمام «كديما» وربط معلقون بين مواقف ليبرمان هذه وتواتر الأنباء عن ضغوط يمارسها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وزعيم «العمل» وزير الدفاع ايهود باراك على نتانياهو لضم حزب «كديما» بزعامة تسيفي ليفني إلى حكومته بداعي أن من شأن ذلك أن يخفف من عزلة إسرائيل الدولية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن ليبرمان قوله إن التشكيلة الحالية للائتلاف الحكومي لن تتغير، وأن ضم حزب «كديما» الوسطي إلى الحكومة منوط بموافقة الأخير على برنامج «تبادل السكان والأراضي» الذي يقترحه حزب «إسرائيل بيتنا». وسارع أقطاب «كديما» إلى رفض هذا الشرط. وأكدوا أن دخول الحزب يحتم خروج حزب من الائتلاف (في إشارة إلى إسرائيل بيتنا) «لكننا لا نرى أن رئيس الحكومة مستعد للتنازل عن أحد شركائه من أجل انضمامنا». من جهتها نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية ان أوساط نتانياهو ترى أن برنامج حزب ليبرمان ليس متكاملاً ولا يمكن أن يشكل ألآن بديلاً للمفاوضات السياسية مع الفلسطينيين «لكن يمكن أن يكون جزءاً في إطار الحل الدائم». «وثيقة مواقف» إسرائيلية إلى ذلك نقلت الصحف الإسرائيلية عن ليبرمان أنه يدعو منذ أسابيع في اجتماعات «المنتدى الوزاري السباعي» إلى وجوب أن تبلور إسرائيل «وثيقة مواقف» واضحة ومتفق عليها من المفاوضات مع الفلسطينيين تطرحها على الملأ وتكون بمثابة رد على المواقف الفلسطينية. ويرى ليبرمان أن غياب موقف إسرائيلي رسمي محدد من المواقف الفلسطينية يغضب المجتمع الدولي، وهو السبب في عزلة إسرائيل الدولية «ولذا حان الوقت لاتخاذ قرار حاسم». ويطالب ليبرمان بأن تقدم إسرائيل للولايات المتحدة «وثيقة مواقف» موازية لتلك التي قدمها قبل أسبوعين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للرئيس باراك اوباما خلال لقائهما في البيت الأبيض تضمنت مواقف الفلسطينيين من مسائل الحدود والقدس واللاجئين والمياه والمعبر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى ليبرمان أن الامتحان الحقيقي للائتلاف الحكومي «بل للدولة كلها» سيكون في أيلول (سبتمبر) عندما تنتهي فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية، وتتسلم تركيا رئاسة مجلس الأمن الدولي، وتعقد الرباعية الدولية اجتماعاً لها، ويقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً حول تطبيق إسرائيل لتوصيات «تقرير غولدستون». وكان ليبرمان دعا في ايجاز مع الصحافيين مساء أول من أمس إلى انفصال إسرائيل عن قطاع غزة ورأى أنه يتوجب على إسرائيل أن تتوقف تدريجاً عن إمداد القطاع بالكهرباء والماء على أن يتم تنسيق المسألة مع الاتحاد الاوروبي ليبادر الى تمويل إقامة بنى تحتية بديلة في أنحاء القطاع من محطات لتوليد الكهرباء أو منشآت لتحلية المياه. وقال إنه بعد احداث قافلة السفن ثمة استعداد أفضل اليوم لدى وزراء في المنتدى السباعي والمجتمع الدولي لتأييد خطة كهذه. عبثية المفاوضات مع الفلسطينيين إلى ذلك وصف «مصدر رفيع» في وزارة الخارجية الإسرائيلية المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بال»عبثية»، وأنها لن تقود إلى أي مكان. وقال إن عودة إسرائيل إلى حدود العام 1967 تعتبر «انتحاراً». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن «المصدر الرفيع» قوله إن وزير الخارجية أوضح للأميركيين أنهم يوهمون أنفسهم بأن تثمر المفاوضات غير المباشرة التي يديرها الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل عن أي نتيجة. وادعى المصدر أن لا شريك لإسرائيل في الجانب الفلسطيني وأن رئيس السلطة الفلسطينية لا يمثل الفلسطينيين في قطاع غزة «وثمة شكوك في ما إذا كان يمثل فلسطينيي الضفة الغربية». وقال إنه يشكك في أن يفوز «أبو مازن» في انتخابات للرئاسة لو أُجريت اليوم. وتابع أنه ينبغي على إسرائيل الانفصال تماماً عن قطاع غزة والتوقف عن تزويده الماء والكهرباء. وأضاف أنه يجدر بإسرائيل أن تتيح لقوة دولية فعالة أن تنتشر على المعابر الحدودية وتتولى المسؤولية عن القطاع. وأضاف المصدر أنه لا ينبغي تمديد فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية بعد انتهاء الفترة التي حددتها الحكومة، أواخر أيلول (سبتمبر) المقبل «لأن ذلك ليس أخلاقياً ولا مبرراً» وأن إسرائيل لم تلمس أية فائدة من تجميد البناء لعشرة أشهر «وقمنا بلفتات طيبة تجاه الفلسطينيين ولم نحصل على أي مقابل». الى ذلك، يتوقع أن يقرّ مركز حزب «ليكود» الحاكم، مساء اليوم، مشروع قرار يؤيد استئناف البناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس مع انتهاء فترة التعليق. وقرر زعيم الحزب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو التغيب عن الاجتماع تفادياً لحرج مع الولاياتالمتحدة قبل أسبوعين من لقائه الرئيس الأميركي. ضد الترويج لمبدأ الدولتين من جهته هاجم مستشار رئيس الحكومة لشؤون الأمن القومي عوزي أراد زعيمة حزب «كديما» على تصريحاتها بأن من شأن مبادرة سياسية أن تخرج إسرائيل من الجمود السياسي ومن عزلتها الدولية، وقال إن مثل هذه المبادرة لن تغيّر من الواقع الحالي «ويحظر علينا الاعتقاد بأن هذا هو الحل السحري وأن طوق النجاة سيُمَد إلينا». وأضاف ان الفلسطينيين سيرفضون هذه المبادرة لقناعتهم بأن إسرائيل ستضطر إلى طرح مبادرة أفضل تقدم فيها تنازلات أكبر نزولاً عند مطالبهم. واقترح اراد «التروي وعدم الهرولة نحو اتخاذ قرارات قد تندم عليها إسرائيل في المستقبل». ورأى أن مبدأ دولتين للشعبين يكلّف إسرائيل ثمناً إذ ان «الترويج إسرائيلياً لهذا المبدأ هو في الوقت ذاته ترويج لحق شرعي للفلسطينيين لدولة، وهذا ينتقص من شرعية إسرائيل في أوساط معينة». وأضاف: «هم يحظون بالشرعية ونحن بنزع الشرعية، ولو انتبهنا لذلك لكنا أقل تحمساً لهذا المبدأ».