فيما هدأت الأوضاع السياسية في العراق بعد اعتكاف الزعيم الديني مقتدى الصدر وانتقاله إلى إيران، وتجديد الولاياتالمتحدة دعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، معلنة وقوفها إلى جانبه «لتجاوز الفوضى السياسية»، شهدت الجبهة الأمنية تطورات متسارعة، إذ استطاع تنظيم «داعش» اختراق دفاعات «البيشمركة» في محيط الموصل وسيطر على بعض القرى لساعات قليلة. وأعلنت واشنطن قتل أحد جنودها خلال المعارك في هذه المنطقة. لكن التنظيم تعرض لهزائم في الأنبار وخسر مدناً استراتيجية ولم يعد أمامه سوى التراجع إلى ملاذاته الآمنة عند الحدود السورية. (المزيد) وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في شتوتغارت أمس، خلال مؤتمر صحافي، إن «موقف العبادي قوي، على رغم الفوضى السياسية التي تمر بها بلاده، وذلك بسبب نجاحاته الميدانية وتعهده بأن يكون العراق بلداً متعدد الطوائف، لذا من المهم أن يساعد المجتمع الدولي الحكومة العراقية ويقدم لها الدعم الكافي». واعترف بقتل أحد جنوده خلال المعارك قرب أربيل. إلى ذلك، قال مصدر عسكري كردي إن «داعش شن فجر اليوم (أمس) هجمات على دفاعات البيشمركة في محاور الخازر، غرب أربيل، وناوران وبادوش (شمال الموصل)، وبعشيقة وتللسقف في سهل نينوى، مستعيناً بانتحاريين». وأضاف أن «القوات الكردية تمكنت من صد بعض الهجمات، فيما تعرضت دفاعاتها، خصوصاً في أطراف تللسقف لخرق، وتمكن مسلحو التنظيم من السيطرة على القرية لساعات». وأوضح أن «الهجمات استهدفت قرى كنش وأبو شيتة في ناحية كوير (جنوب أربيل)، ومحور ناوران، شمال الموصل، بعربات مفخخة يقودها انتحاريون، وتم صدها بإسناد من طائرات التحالف الدولي التي أوقعت في صفوف التنظيم عشرات القتلى». وبدت هجمات «داعش» في محيط الموصل تعويضاً عن خسائره في غرب البلاد. وقال شعلان النمراوي، وهو أحد شيوخ عشائر الأنبار ل «الحياة»، إن التنظيم «تعرض لانتكاسة كبيرة في المحافظة خلال الأيام الماضية بعد خسارته ثلاث مدن استراتيجية هي الرمادي وهيت وكبيسة». وأضاف أن «قوات الجيش كللت هذه الانتصارات بفك الحصار المفروض على قضاء حديثة وناحية البغدادي بعد تحرير الطريق الرابط بين هذه المدن وهي تخطط لتحرير قضاءي عانة وراوة اللذين يصنفهما التنظيم ضمن ولاية الفرات التي كانت بعيدة من العمليات العسكرية البرية، خلال الشهور الماضية، والآن باتت تحت مرمى النيران»، ورجح أن يكون تحرير قضاءي عانة وراوة «سهلاً ولكن معركة استعادة القائم ستكون معقدة لوقوعها على الحدود مع سورية ولسهولة حصول التنظيم على الإمدادات». وكان «داعش» أعلن في آب (أغسطس) 2014 إقامة «ولاية الفرات» في أراض تقع داخل سورية والعراق، وتمتد من مدينة البوكمال السورية مروراً بمدينة القائم وصولاً إلى عانة وراوة وحديثة في العراق، وهي الولاية الوحيدة التابعة للتنظيم التي ضمت أراضي من دولتين. وحتى مطلع العام الجاري كان التنظيم يسيطر على 6 مدن أساسية في الأنبار بينما بقيت مدينة حديثة الوحيدة تحت سيطرة الجيش الذي شن حملة واسعة، بإسناد من طيران التحالف الدولي، وتمكن خلال الربع الأول من هذا العام من تحرير ثلاث بلدات مهمة.