ضخ اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات في شأن فضيحة الإنترنت غير الشرعي المزيد من السخونة في هذه القضية التي راحت تكبر وتتفرع إلى قضايا وملفات، وتميزت جلسة اللجنة أمس بتقديم وزير الدفاع التقرير النهائي المتعلق بقضية الإنترنت غير الشرعية إلى القضاء المختص. وأبدى استعداد الوزارة تسليم القضاء كل ما تطلبه منها، وقدم معطيات حول ما توصلت إليه مخابرات الجيش وأنها أجرت تحقيقات مع ثلاثين شخصاً في هذا الملف. وأحضر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التقرير إلى اجتماع اللجنة لكنه لم يوزعه أو يعرضه على النواب، بل اكتفى بالقول إن التحقيق سري. فاكتفت اللجنة ببعض التفاصيل ومنها أن لا خرق أمنياً للجيش، وأن شبكة الجيش لم تمس، من دون الخوض في أمور حساسة تتعلق بأمن المؤسسة العسكرية. ومن أبرز النقاط التي تمت مناقشتها في اللجنة موضوع الكاميرات في بيروت، وكان هناك تمنٍّ من الكثير من النواب لو أن هذا الأمر عرض على مجلس الوزراء الذي هو السلطة التنفيذية المسؤولة عن الأمن. وهنا أفاد الوزير مقبل بأن الجيش بعيد كل البعد من هذا الموضوع ولم يتدخل فيه. واستمعت اللجنة برئاسة النائب حسن فضل الله إلى وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الدفاع سمير مقبل، في جلسة حضرها إضافة إلى نواب اللجنة، وزيرا الصحة وائل أبو فاعور والمال علي حسن خليل، المدعي العام التمييزي سمير حمود، المدعي العام المالي علي إبراهيم، المدعي العام لدى المحكمة العسكرية صقر صقر، العقيد أنطوان قهوجي وطوني معوض عن وزارة الدفاع، العقيد حسين الحاج حسن، والرائد فادي خليل عن وزارة الداخلية. وأكد رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله «عدم إقفال الملف إلا بمحاسبة المتورطين»، لافتاً إلى جلسة جديدة ستعقد في 4 أيار (مايو) لمتابعة الملف. وبعد طرح أبو فاعور مجموعة من الأسئلة والمعطيات المرتبطة بالملف، طلب أن يكون النقاش في اللجنة من دون وجود عبد المنعم يوسف، كونه متهماً بقضية شبكة الإنترنت، وقال إنه يملك دلائل «على تورطه في الملف، ولا يجوز أن تكون لموظف هذه الحماية». وحصل نقاش حول الموضوع، وتم التوافق على مغادرة كل الحاضرين من غير النواب والوزراء والسلطة القضائية، أي ممثلي الوزارات، ومنهم يوسف، وحتى الذين حضروا مع وزير الدفاع. وقال فضل الله إن اللجنة لم توجه الاتهام لأحد ولن تدخل في أي إطار مما نراه إعلامياً وسياسياً، وإنما نقوم بعملنا في إطار النظام الداخلي والقوانين المرعية الإجراء. نحن لا نتهم أحداً، والقضاء هو من يحدد من هو متهم أو مدان. وقال إن وزير الاتصالات متجاوب ومتعاون مع اللجنة في هذا الملف، وطلب من اللجنة أن تترك له «معالجة الأمر بالطريقة المناسبة». خروج يوسف من الجلسة وغادر يوسف الجلسة وقال: «أنا لست متهماً ولم يتم إخراجي، وها أنا أضحك، فليقل أين أنا متهم أو مشتبه فيه. أنا مرتاح». وكان أبو فاعور انضم إلى الاجتماع «لمعرفة ماذا يحصل». واعترض داخل اللجنة على حضور المدير العام ل «أوجيرو». وقال وفق مصادر نيابية في اللجنة أن القضية لها علاقة بصدقية اللجنة، وأن كرامته كنائب في المجلس النيابي هي جزء من كرامة اللجنة ومن كرامة المجلس النيابي، إضافة إلى مصداقيتنا أمام الرأي العام. وسأل: «كيف تصبح كرامة موظف عليه مئات علامات الاستفهام موازية لمصداقية لجنة نيابية؟». أضاف: «أنا احترم الوزير وصلاحياته، لكن كرامتنا فوق الإجراءات الإدارية، لذلك أنا لن أجلس على الطاولة نفسها مع عبد المنعم يوسف أو من يشابهه بالوضعية والاتهامات». وأكد أن «القانون هو فوق كل الناس، ويجب أن يتم التداول ومناقشة الأمور من دون مشاركته في اجتماعات اللجنة، لأن في إمكانه ضخ كم هائل من المعلومات المغلوطة التي تضلل عمل اللجنة، وأصر على على عدم حضوره جلسات اللجنة». وقال أبو فاعور عن «كف يد» المدير العام لهيئة أوجيرو: «كف اليد قليل عليه». وهذا ما دفع وزير الاتصالات للرد والقول إنه «ليس هو من يستطيع كف يد يوسف، بل هناك أصول يجب أن تتبع». وأشار بعد انتهاء الجلسة إلى أن «وجوده أُثير من وزير الصحة الذي يعتبر أنه متهم بقضية شبكة الإنترنت»، ونفى إخراج يوسف قائلاً: «ليس على علمي إنو أُخرج، هو خرج مع بعض الموظفين»، معتبراً أن «هناك أصولاً يجب أن تتبع للتعامل بهذا الموضوع»، لافتاً إلى أن «كل الموظفين خرجوا وليس فقط يوسف». وقال مصدر في اللجنة أنه استكمالاً لحملة الحزب الاشتراكي على يوسف لأسباب معلومة - مجهولة، حضر وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى اللجنة «وشن هجوماً حاداً عليه معتبراً إياه متهماً وأنّ من غير الجائز أن يمثل أمام اللجنة كمدير لشركة أوجيرو». وأضاف المصدر: كانت مداخلته حادة وعنيفة استدعت تدخل وزير الاتصالات بطرس حرب، الذي أوضح أن اللجنة النيابية ليست لجنة تحقيق، بل تتابع إجراءات الحكومة والرقابة عليها، وكذلك مسار التحقيقات التي يجريها القضاء، وليست لجنة تحقيق نيابية، الأمر الذي يفرض مبدأ فصل السلطات وتعاونها، بمعنى أن تضع الحكومة والوزارة معلوماتها بتصرف اللجنة، وتترك للقضاء ممارسة دوره كاملاً بالسرية التي يفرضها قانون المحاكمات الجزائية، ما يمنع تسرب المعلومات التي تساعد المجرمين والمرتكبين وتضلل التحقيق. وشدد حرب أن «حضور يوسف يقرره هو بصفته الوزير المختص الذي يقرر من يحضر إلى جانبه في اللجان، ويوسف ليس متهماً ومتى يثبت أي اتهام، آنذاك يتم التعامل معه على هذا الأساس». وبعد المناقشة «ارتأت اللجنة إخراج كل الموظفين وترك الأمر لوزير الاتصالات أن يقرر ما يرتئيه في الجلسات المقبلة، لا سيما أن الوزارة على استعداد للتعامل الإيجابي مع اللجنة وليس لخلق جبهات ومشادات واتهامات». وعلى هذا الأساس رفعت الجلسة. وأوضحت أوساط نيابية ووزارية أن مجيء أبو فاعور هو لاستعمال منبر اللجنة لغايات ضد يوسف، وقالت إن حرب طلب إلى أبو فاعور أن يقول كلامه في مجلس الوزراء وليس في اللجنة. وبعد الجلسة قال فضل الله: «تمت مناقشة التحقيقات في ملف الإنترنت. أما في ما يتعلق بحادثة الزعرور، فأكد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أنه يتابع الموضوع شخصياً ويحقق مع جميع المعنيين للتوصل إلى النتائج المطلوبة، وتم التشديد من جميع النواب على أنهم يريدون الحقيقة الكاملة، لأن هذا الأمر له بعدان، الأول يتعلق باستجرار الإنترنت غير الشرعي والثاني له علاقة بما ذكر عن وجود مسلحين لمنع القوى الأمنية القيام بعملها والاعتداء على موظفين. وقال حول إدخال الأجهزة وتركيبها: «أفدنا بأن هناك بعض التجهيزات دخلت عبر المعابر الشرعية ولكن بأوراق مزورة، وهنا حصل نقاش حول هذا الأمر وأبلغنا وزير المال أنه سيوجه كتاباً لإدارة الجمارك لتكون على تعاون تام مع القضاء لتحديد الفترة الزمنية لدخول هذه التجهيزات. أما عن كيفية تركيبها، فهناك استنابات وجهها القضاء إلى فرع المعلومات للتحقيق، وحتى الآن وزارة الداخلية لم تقدم لنا أجوبة». وقال: «تبين لنا اليوم أن التحقيقات التي تتم تجر وراءها اعترافات عن آخرين، وموقفنا واضح وبإجماع الحاضرين: نريد أن نصل إلى الرؤوس الكبيرة وليس فقط إلى صغار المتورطين، نريد أن نعرف من هي الرؤوس الكبيرة التي تقف وراء هذه القضية». وتابع: «سنواكب القضاء إلى أن يصل إلى النتيجة المرجوة. لكن وزارة الداخلية حتى اللحظة لم تنجز تقريرها، وإذا كان يلزم هذه الوزارة بعض الوقت لاستكمال هذا الملف فلا مشكلة».